السّادسةُ صباحًا
إنِّي لمحتُكَ ذاويًا في مَقعَدِكْ
أو كانَ غيرُكَ مَنْ رأيتْ
قدْ دلَّني شيءٌ عليكْ
العِطرُ... أعرِفُ ما تفضِّلُ مِنْ عُطورْ
التَّبغُ... إذ غصَّ الدُّخَانُ بنفثَةِ الصَّوتِ الجَهُورْ
وتجيءُ أحيانًا وعَصرُكَ عالِقٌ في عالمَينْ
تأتي بأكثرِ ما تريدُ بأنْ أراهْ
مهما ادَّعيتَ فلم أرَ إيّاهُ فيكَ
ولا سواهْ
لكنَّ شخصَك مثلُ وهمِكَ
مثلُ جِدِّكَ قدْ تشبَّعَ بالسِّنينْ
وأراكَ تحمِلُ فوقَ ظهرِكَ كائِنَكْ
وأرى على شفتيكَ قبرًا طازجًا
وأراكَ مِنْ عينيكَ لا عَينيَّ مُندهِشًا
إذا أقبلتَ مُندهِشًا
إذا ولَّيتَ مُندهِشًا
إذا استسلمتَ للآخَرْ
صديقي أنتَ إذ لازلتَ تعرِفُنِي
وتعرِفُ ذلكَ الآخَرْ
إنّي وجدتُكَ عالقًا في حيرتِكْ
فانصر يقينكَ مرَّةً بالبحثِ عن سببِ الودَاعْ
خُذْ ما تشاءُ مِنَ الغرابيلِ الَّتي
نثرَتْ شخوصًا حرَّضوكَ على الضَّياعْ
فلنَقتَسِمْ خُبزَ الجياعِ
ولا تَقُلْ: إنِّي اكتفَيتْ
ستُّونَ عامًا والمَشاعلُ لا تمارسُ نورَها
ستُّونَ عامًا والرَّضيعُ ينامُ في مهدِ البَغيّ
غاباتُنا الجدباءُ تمنحنُا القليلَ مِنَ الألقْ
إنّي وأنتَ نخافُ مِنْ قُطعانِهِمْ
إنَّا نخافُ مِنَ النَّوارسِ في نهاياتِ القَصيدةْ
نخشى مِنَ العُمقِ الَّذي يلتَفُّ حولَ دمائِنَا
وَيَشُدُّنَا للقاعِ ثُمَّ يقودُنا نحوَ الهَزيمةْ
غاباتُنا تمتدُّ في ذاكِ الفَراغِ كما المحيطِ بلا نهايةْ
أخشى بأنْ نجدَ النَّهايةَ قبلَ أنْ نَجِدَ البِدايةْ
الخُطوةُ الأولى جريمتُنَا
وفانوسُ التَّعاسةْ
والحرصُ قنديلٌ يضيءُ لنا تَخبُّطَنَا
ويستدعِي الجَرادْ
لا ضوءَ في الآتي ولا
في آخرِ النَّفقِ الَّذي لا ينتهي.. حُزمَةْ
لا حُلمَ يَحمِلُ هذهِ الأُمَّةْ
الحالمونَ تأَنسنُوا
لبِسُوا مِنَ الأثوابِ أثوابَ الحِدادْ
سلَكُوا سوَادًا قادَهُمْ نحوَ السَّوادْ
نزلوا سهولًا بُغيَةَ القِمَّةْ
لا صوتَ للمَخنوقِ في الأعماقِ إنْ نادى
ولا في العُمقِ _إن نادى_ مُجيبْ
يأبى صدَانا أنْ نُجبِّرَ كسرَهُ
يأبى السّقوطُ نجاتَهُ
يخشى إذا امتدَّتْ يدانا أنْ تُزاحَ الغُمَّةْ
والحالمونَ تَأنسنُوا
نزلُوا سهولًا بُغيَةَ القِمَّةْ.