عدد الابيات : 54
مُـتيـَّـمٌ مـسَّـهُ شعـرٌ و تأويــلُ
( بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ )
يا كعبُ عذرَك من وجناءَ ناحلةٍ
يسعى على ظهرها هادٍ و ضلّيلُ
قصصتُ إثرَك ، خانتني على كبرٍ
عصاي و احدودبت فيَّ الأقاويلُ
أفتّشُ الغار عن ذكرى خصوبته
و ثانيَ اثنين حـفَّـتـهُ القـناديـلُ
عن واهنِ العنكبوتِ استنفرت خجلاً
غزلَ الصلاة فأعيى الوقتَ ترتيلُ
و عن حمائمِ أمنٍ فضَّ غربتَها
بيضُ التجلي و أمرُ الله مسدولُ
يا رحـلةَ النور كــان اللهُ قبلتَها
و خلف كلِ خطاها كان جبريلُ
أتيهُ في لغة الصحراء عن إبلي
قِراي شعري و أضيافي التفاصيلُ
اُقرّبُ الشعرَ قرباناً تُـقُـبّـل مـن
مثلي فقابلني بالقـتـلِ قـابيـــلُ
و ما بسطتُ سوى مدحَ النبيّ يداً
و المدحُ عند رسول الله مقبولُ
أتيتُ ألقي دلائي كنتُ منتظراً
بشرى لسيارتي و الماء مبذولُ
كأن بي من جفاف الرمل أدعيةً
للغيم تشرحني و الغيم مشغولُ
و بي ذهولٌ من المعنى يُنبّهُهُ
وقتُ الغياب و معنى الوقت مذهولُ
مُعلَّقٌ كالنوايا هجرتي قرضت
حبلَ الرجوع و حبلُ الغيب مفتولُ
لا صوت في الغار إلا بعضُ هسهسةٍ
للصمت مُنصِتـةٍ يـشـتـاقُـهـا قـيـلُ
أدركتُ ما كان يجري في تعـبُّـده
و كيف أدركه في الشكّ معقولُ
و كيف صرَّف ممنوعاً بمعربةٍ
الحبُّ فاعلُها و القلبُ مفعولُ
عبرتُ نهرَ ابتلائي غيرَ مُغترفٍ
منه اليقين و عصفُ الظن مأكولُ
أختارُ تعجيل ما أحتاجُ من هربي
مني فيختارني رفضٌ و تأجيلُ
ذهبت أبحثُ عنّي لم أقف جدلاً
في مشهدٍ صاغهُ نصٌ و تمثيلُ
فجئتُ سنَّتَهُ البيضاء أسألُها
عن ملَّةٍ خانها فهمٌ و تأويلُ
عن العراق و رؤيا الشك تمضغه
خضراً و تحصده صفراً أهاويلُ
عن ضيعة الشام عن أطفال محنته
عن فتيةٍ غالهم في الكهف سجيلُ
عن شهقة اليمن المسلوب من دمنا
كيف اشتهاهُ طعاماً ذلك الغولُ
عن مقدس الله عن معراج كوكبه
متى يقوم مسيحٌ منه مقتولُ
يا منقذ الناس من شعـثاء مقبلةٍ
بخيلها و نواياها الأباطيلُ
و جيشُ أبرهةَ الثاني على عجلٍ
آتٍ إلـيـنا و لـم تأتِ الأبـابـيـــــلُ
أوقف رحى هذه الأيام و اقتحم الذكرى
بنا قد دنا من كعبتي الفيلُ
و استوحت الأرض أصناماً و آلهةً
أخرى تُباع فـباعـتها التـمـاثـيـلُ
تاهت بأوراقي الصماء أسئلتي
و اجتاحها قلمٌ بالصمت مغلولُ
أسيرُ و العالم الفاني يطاردني
و مهمهٌ موحشٌ بالغيل مأهولُ
تمرُّ في شكها الأيام معجلةً
جيلٌ يسيرُ على أطلاله جيلُ
قوافلٌ هاجمتها الجنًّ و اختطفت
نياقها و طريق القوم مجهولُ
يا منجيَ الناس من ليلٍ تسربلهم
أطلع نهارك إن الوقت مشلولُ
أنت السبيل إلينا أن نعود لنا
أنت الدليلُ و كل الأرض تضليلُ
أنت المسافات و الأوقاتُ عاجزةٌ
و المستحيلات وعدٌ منك مأمولُ
و أنت شمسٌ دعت قلبي فأبصرها
و ليس تحجبها عنه الغرابيلُ
و أنت أولُ نورٍ أنت آخرُ من
يُتلى على قلبه وحيٌ و تنزيلُ
مـدَّثّـرٌ ثـبَّـت الـدنيا برعـشته
مُزَّمّـلٌ من جفون الليل مسلولُ
و ما تَـقَـوَّلَ بـل وحيٌ يُـبَـلَّـغُـهُ
لسانـه بـضمـيـر الله مـوصول
مُطَيَّبُ العَرفِ تُستجدى نسائمُهُ
كـأنـه برحـيـق الـورد مغسولُ
أقنى ضليعٌ أسيل الخدّ خالطه
زهرٌ ( أغنّ غضيضُ الطرفِ مكحولُ )
إذا مشى نثرت نوراً شمائلُه
( لا يُشتكى قصرٌ منه و لا طولُ )
بدا صفاءُ الندى في وجهه قمراً
و شعـره بسـواد اللـيـل مـبـلـولُ
أنقى بياضاً من المعنى سريرتُهُ
مُخَلَّصٌ من صميم الطهر مجبولُ
سرى إلى المسجد الأقصى فشرَّفه
دنا تـدلّى بعـطـف الله مـشـمـولُ
على البراق و حشد من ملائكةٍ
نورٌ على عرشه الدّريّ محمولُ
و قاب قوسين أو أدنى رأى و درى
عهداً من الله إن العهد مسؤولُ
يا من تجلَّى على شعري و سنتُه
قولٌ فصيحٌ بطعم الحق معسولُ
روت مـداداً فـمَ الأقـلامِ سيرتُـه
حديثه بـقـطار الصدق مـنـقـولُ
آتٍ و ناقتيَ العرجاء يحملُني
إليك وزنٌ من الماضين منحولُ
منصتي تكيةٌ أذكت مدائحها
شُهبٌ بزاةٌ دراويشٌ بهاليلُ
ينتابني الحالُ مجذوباً و ينشرني
على حبال الهوى لثمٌ و تقبيلُ
قلبي بحب رسول الله مشغولُ
( متيَّمٌ إثرهُ لم يُفدَ مكبولُ )
7
قصيدة