الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » هل للأماني عن جنابك مدفع

عدد الابيات : 96

طباعة

هَل لِلأَماني عَن جَنابِكَ مَدفَعُ

أَم هَل لَها مِن دونِ بابِكَ مَشرَعُ

لَكَ في العَلاءِ مَحَجَّةٌ لا يَهتَدي

فيها المُلوكُ وَحُجَّةٌ لا تُدفَعُ

رَكِبوا بُنَيّاتِ الطَريقِ فَضَلَّ سا

لِكُها وَمَنهَجُكَ الطَريقُ المَهيَعُ

وَرَعَيتَ حَقَّ القاصِدينَ وَما رَعَوا

وَوَعَيتَ قَولَ المادِحينَ وَلَم يَعوا

فَرَجاؤُهُم إِلّا لِفَضلِكَ كاذِبٌ

وَمُناخُهُم إِلّا بِظِلِّكَ جَعجَعُ

فَاِفخَر فَإِنَّكَ واحِدٌ مِن مَعشَرٍ

بِهِمُ تُذادُ النائِباتُ وَتُدفَعُ

فَرَعوا هِضابَ العِزِّ وَهيَ مَنيعَةٌ

فَرَعَوا رِياضَ الفَخرِ وَهوَ مُمَنَّعُ

قَومٌ إِذا راموا مَمالِكَ غَيرِهِم

حَصَدوا بِبيضِ الهِندِ ما لَم يَزرَعوا

وَرَأى المُعايِنُ مِنكَ ما يُربي عَلى

أَخبارِ مَجدٍ عَن سِواكُم توضَعُ

مَعَ أَنَّكُم ما عَزَّ مِنكُم واحِدٌ

إِلّا وَتاليهِ أَعَزُّ وَأَمنَعُ

لَو أَنَّ يَربوعاً رَأَتكَ بِمَأزِقٍ

عَلِمَت بِأَنَّكَ مِن عُتَيبَةَ أَشجَعُ

أَبَتِ الظَلامَةَ هِمَّةٌ كَعبِيَّةٌ

نامَ الأَنامُ وَرَبُّها لا يَهجَعُ

وَعَزائِمٌ مِثلُ السُيوفِ وَطالَما

قَطَعَت غَداةَ الرَوعِ ما لا يَقطَعُ

وَصَوارِمٌ ذُلُقٌ سَواءٌ عِندَها

يَومَ الكَريهَةِ حاسِرٌ وَمُقَنَّعُ

وَقَناً تُرَوِّعُ في مَراكِزِها العِدى

رَهَباً فَماذا ظَنُّهُم إِذ تُشرَعُ

لَزِموا المَنازِلَ وَاِكتَفَوا بِقَعاقِعٍ

مَسموعَةٍ لَكِنَّها لا تَنجَعُ

مَن بِالسِنانِ يَصولُ مُنذُ فِطامِهِ

لَم يَخشَ آخَرَ بِالشِنانِ يُقَعقِعُ

لَمّا تَرَكتَ ظِلالَ قَصرِكَ ناهِضاً

أَضحى يُظَلِّلُكَ القَنا المُتَزَعزِعُ

وَغَمامَةٌ لَم تَحوِ غَيثاً يُرتَجى

وَتُظِلُّ غَيثَ غَمامَةٍ لا تُقلِعُ

خَضراءُ حَمراءُ الأَسافِلِ تارَةً

تَبدو وَطَوراً بِالعَجاجِ تَلَفَّعُ

وَتَخالُها تَسعى بِقائِمَةٍ وَإِن

سارَت بِحامِلِها قَوائِمُ أَربَعُ

أَبَداً تَضيقُ إِذا السَماءُ تَغَيَّمَت

وَتَعودُ إِن ظَهَرَت ذُكاءُ تَوَسَّعُ

فَكَأَنَّها إِبّانَ تُنشَرُ هالَةٌ

لَكِنَّها عَن بَدرِها تَتَرَفَّعُ

قُدتَ الجَحافِلَ لَم يَقُد مِعشارَها

كِسرى المُلوكِ وَلا رَآها تُبَّعُ

لَو أَبصَرَت فِهرٌ فَريقاً مِنهُمُ

ما قيلَ لِلفِهرِيِّ أَنتَ مُجَمَّعُ

وَعَصائِباً مَلَأوا الفُراتَ سَفائِناً

لَمّا نَبا بِهِمُ الفَضاءُ الأَوسَعُ

في حَيثُ لا تَسَعُ الفَيافي جَمعَهُم

إِلّا كَما يَسَعُ الإِناءُ المُترَعُ

طوفانُ عَزمٍ لا يَشُقُّ عُبابَهُ

فُلكٌ وَلا الجودِيُّ مِنهُ يَمنَعُ

ما عايَنَت صِفّينُ عِندَ تَقارُعِ ال

صَفَّينِ جَيشاً جامِعاً ما تَجمَعُ

خِلطَينِ مِن عَرَبٍ وَعُجمٍ طالَما

نُدِبوا لِصَرفِ النَائِباتِ فَأَسرَعوا

فِرَقٌ تَخالَفُ أَلسُناً وَعَناصِراً

لَكِن تَشابَهَ ما اِنتَضَوا وَتَدَرَّعوا

لَيسوا إِذا شُبَّت وَغىً كَجَمائِعٍ

بِخِلافِهِم عُصِيَ البُطَينُ الأَنزَعُ

تَبِعوا رِضاكَ فَسِرتَ فيهِم آمِناً

مِن حيلَةٍ فيها المَصاحِفُ تُرفَعُ

حَكَماكَ لَدنٌ ذابِلٌ وَمُهَنَّدٌ

ما فيهِما إِن حُكِّما مَن يُخدَعُ

ما إِن رَأى مَن حَلَّ رَحبَةَ مالِكٍ

شَمساً سِواكَ مِنَ المَغارِبِ تَطلُعُ

كَلّا وَلا نَظَروا جُيوشاً قَبلَها

في ضِمنِها عَضَدَ اللِثامَ البُرقُعُ

وَلِذاكَ ما ظَنّوا نُفوسُهُمُ لَهُم

إِلّا وَأَنتَ عَلى التَرَحُّلِ مُزمِعُ

عَمري لَقَد أَودَعتَها أَجسامَهُم

وَعَلَيهِمُ أَن يَحفَظوا ما أودِعوا

وَلَقَد تَضَمَّنَها لَكَ العَزمُ الَّذي

لَو كانَ شَخصاً لَم يَسَعهُ مَوضِعُ

فَرَحَلتَ عَنها عَن يَقينٍ أَنَّها

مِن بَعدِ قَتلِكَ أَهلَها لا تَنفَعُ

وَتَرَكتَها ضَنّاً بِها عَن أَن تُرى

وَمِنَ البِلى فيها خَطيبٌ مِصقَعُ

ذُدتَ الحَمِيَّةَ بِالتَقِيَّةِ راغِباً

في الأَجرِ تُغرِبُ في الجَميلِ وَتُبدِعُ

طاعَ الزَمانُ لِصالِحٍ فَاِبتَزَّها

بِيَدِ الخُطوبِ وَإِنَّها لَكَ أَطوَعُ

وَبِحُكمِ جَدِّكَ سِرتَ فيهِم إِذ بَغى

إِحرازَها مِن قَبلُ وَهيَ تَمَنَّعُ

كَفَّ الصَوارِمَ وَاِستَنابَ نَوائِباً

في القَومِ واحِدَةٌ بِأُخرى تَشفَعُ

فَمَضَت ثَلاثٌ مِن سِنينَ أَبَت لَهُم

أَن يَزرَعوا وَنَهَتهُمُ أَن يَهجَعوا

حَتّى أَنابوا وَالنُفوسُ سَليمَةٌ

وَقِيادُ مَن مَنَعَ المَقادَةَ طَيِّعُ

وَلِذا قَصَدتَ فَلا بَرِحتَ مُوَفَّقاً

فيما تَجودُ بِهِ وَفيما تَمنَعُ

فَرَّقتَ جَمعاً لَو رَمَيتَ بِبَعضِهِ

أَركانَ رَضوى لَاِنبَرَت تَتَضَعضَعُ

وَحَوَيتَ صِرفَ المَأثُراتِ مُغادِراً

أَكدارَها بَينَ الوَرى تَتَوَزَّعُ

فَالظِلُّ ضافٍ وَالهِباتُ جَزيلَةٌ

وَالوِردُ صافٍ وَالعَطاءُ تَبَرُّعُ

وَخُصِصتَ في زَمَنِ الحَياةِ بِجَنَّةٍ

حَسُنَ المَصيفُ بِها وَطابَ المَربَعُ

دارٌ بِها اِكتَسَتِ البَسيطَةُ زينَةً

وَيَزينُها مِنكَ الهُمامُ الأَروَعُ

ما زالَ مُبصِرُها يَعودُ بِخاطِرٍ

يَشكو الكَلالَ وَناظِرٍ لا يَشبَعُ

وَتَرى طُيورَ الجَوِّ في جَنَباتِها

بَعضٌ مُحَلَّقَةٌ وَبَعضٌ وُقَّعُ

وَسَوابِقاً لَيسَت تُفارِقُ أَرضَها

وَكَأَنَّها تَحتَ الفَوارِسِ تَمزَعُ

بِالمُصلِتينَ صَواعِقاً لا تَعتَدي

وَاللابِسينَ يَلامِقاً لا تُنزَعُ

رَهطٌ نَضَوا بيضَ السُيوفِ وَآخَرٌ

قَد جَرَّ قَوساً لَيسَ فيها مَنزِعُ

وَسِهامُهُ لا تَستَطيعُ فِراقَها

وَحِبالُهُ أَبَداً لِطَيرٍ مَصرَعُ

وَالأَيمُ يُؤخَذُ وَالحُروبُ لَدودَةٌ

طولَ الزَمانِ وَما أَراهُ يَجزَعُ

وَمِنَ الصُيودِ مُحَلَّلٌ وَمُحَرَّمٌ

وَلُحومُها حُرُمٌ فَما تُتَبَضَّعُ

بِالجانِبِ الغَربِيِّ فيها نَخلَةٌ

ناءٍ جَناها وَهوَ آنٍ مونِعُ

وَتَروقُ عَينَكَ دَوحَةٌ مِن غَربِها

فيها جَنىً يَحميهِ ظِلٌّ مُسبِعُ

وَزَرافَتانِ أُقيمَتا كِلتاهُما

رانٍ إِلَيكَ بِمُقلَةٍ لا تَهجَعُ

وَكَأَنَّ مِصراً أَتحَفَت حَلَباً بِها

مِن قَبلُ إِذ هِيَ لِلمَحاسِنِ مَجمَعُ

وَالفيلُ يَقرَعُ جِلدَهُ سُوّاسُهُ

مِن كُلِّ قُطرٍ وَهوَ لا يَتَزَعزَعُ

وَظَعائِنٌ تَخشى العُيونَ وَتَتَّقي

نَظَرَ المُريبِ فَدَهرَها تَتَبَرقَعُ

أَبَداً يُقادُ بِها وَتَخدي عيسُها

وَخداً حَثيثاً لِلنَواظِرِ يَخدَعُ

هَل عاقَها ما عايَنَتهُ فَلَم تَسِر

أَم راقَها هَذا الجَنابُ المُمرِعُ

وَالبَحرُ عائِمَةٌ بِهِ حيتانُهُ

وَمِنَ الشِباكِ لَها سِمامٌ مُنقَعُ

طامٍ وَما يُخشى عَلى رُكّابِهِ

غَرَقٌ وَمَركَبُهُ مُقيمٌ مُقلِعُ

وَاِبنُ المُلَوَّحِ قائِمٌ وَسَقامُهُ ال

بادي طَلَيعَةُ ما تُجِنُّ الأَضلُعُ

يَشكو إِلى لَيلى الغَرامَ إِشارَةً

شَكوى لَعَمرُكَ لَم تُعِنها أَدمُعُ

وَمَواضِعٌ فيها كَعِرضِكَ وُضَّحٌ

ثَلجِيَّةُ الأَلوانِ بَل هِيَ أَنصَعُ

وَمِنَ الرُخامِ مُقابَلٌ وَمُؤَلَّفٌ

وَمُفَوَّفٌ وَمُضَلَّعٌ وَمُجَزَّعُ

وَمِنَ النُضارِ بِها سَحائِبُ جَمَّةٌ

لَزِمَت أَماكِنَها فَما تَتَقَشَّعُ

سُحُبٌ جَوامِدُ قَد أَظَلَّت عارِضاً

تَحيى بِصَيِّبِهِ البِلادُ وَتُمرِعُ

كَرَمٌ أَهانَ التِبرَ حَتّى أَنَّهُ

مِن ناطِقٍ أَو صامِتٍ لا يُمنَعُ

أَطَلَعتَ مِن جُدرانِها وَسُقوفِها

شَمساً لَها مِن كُلِّ أُفقٍ مَطلَعُ

تَعلو ضِياءَ الشَمسِ عِندَ شُروقِها

وَيَعُمُّها الإِظلامُ وَهيَ تَشَعشَعُ

مَن حَلَّها وَهناً تَوَهَّمَ لَيلَها

صُبحاً وَصِبغُ اللَيلِ فيها مُشبَعُ

وَبَدَت بِأَعلاها رِياضٌ حاكَها

حُسنُ اِقتِراحِكَ لا الغُيوثُ الهُمَّعِ

رَوضٌ عَلى الأَفواهِ يَعسُرُ رَعيُهُ

لَكِنَّ لِلأَبصارِ فيهِ مَرتَعُ

يا مُعجِزَ الأَملاكِ فيمَ يَبتَني

وَمُعَجِّبَ الأَفلاكِ مِمّا يَصنَعُ

نَظَرُ الخَليفَةِ لِلمُلوكِ كَساهُمُ

تاجاً بِهِ تَسمو وَطَوراً تَخضَعُ

فَوقَ المَفارِقِ مِنهُ سَيفٌ حَدُّهُ

ماضٍ وَتاجٌ بِالثَناءِ مُرَصَّعُ

ناقَضتَهُم فَوَهَبتَ ما ضَنّوا بِهِ

وَحَفِظتَ غَيرَ مُنازِعِ ما ضَيَّعوا

فَبَذَلتَ في الأَزَماتِ ما لَم يَبذُلوا

وَمَنَعتَ بِالعَزَماتِ ما لَم يَمنَعوا

فَاِبجَح فَإِنَّكَ أَوحَدُ الزَمَنِ الَّذي

لَم يَفتَرِق في أَهلِهِ ما تَجمَعُ

لا زِلتَ تَكسو كُلَّ عيدٍ قادِمٍ

حُسناً وَمُلكُكَ بِالبَقاءِ مُمَتَّعُ

أَمَّنتَني الحَدَثانِ حَتّى أَنَّني

لا واقِعٌ أَخشى وَلا مُتَوَقَّعُ

وَأَفَدتَ ما لَم يَجرِ في خَلَدِ المُنى

يَوماً وَلَم يَطمَح إِلَيهِ مَطمَعُ

وَوَهَبتَ لي قُربى أَنالَت رِفعَةً

وَالدَهرُ لَيسَ بِخافِضٍ مَن تَرفَعُ

وَعَطِيَّةً ما فازَ مَروانٌ بِها

عِندَ الرَشيدِ وَلَم يَنَلها أَشجَعُ

لَكِنَّ عَبدَكَ عاثَ فيها موقِناً

أَن سَوفَ يُرزَقُ بَعدَها أَو يُقطَعُ

وَعَلى اِرتِياحِكَ ما يُؤَمِّلُهُ وَإِن

عَزَّ الأَخيرُ فَفي المُقَدَّمِ مَقنَعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة