لله شَعرُكِ بي يا بنتُ ما فعلا
من مطلع الشِّعر حتى شبّ واشتعلا
لله خدّكِ ماذا كان أحدثَ بي
لما تبدّى فأوسعتُ الندى قُبَلا
يا أوّل الشوق مبداه وخاتمه
وآخر العهد مذ عنك الفتى ارتحلا
يا قاب حُزنين ما زاغ الفؤادُ وما
غوى الغريبُ ولا اختار النوى بَدَلَا
لكنَّ لله شأناً في برِيَّته
سبحانه جلّ في عليائه وعلا
قضى بأنَّا شهيدا غربةٍ وجوىً
سنذرَعُ العمرَ تَحناناً ومُرْتَحَلَا
يلومُني في هواكِ الناسُ ما علِمُوا
أنّ الهوى ساكنٌ في النفس ما انتقلَا
وأنّ حبكِ "مزروعٌ بخاصرتي"
كالوشم في ساعدي مِنْ عينِك اكْتَحلَا
ماذا عليهم إذا قصَرتُ قافيتي
عليك شعراً وقمتُ الليل مبتهلَا
أن يجمع الله شمليْنا على أملٍ
فالله يجمع محروماً بما سألا
ماذا عليهم إذا أذّنتُ باسمكِ في
ليل القنوتِ دُعاءً يَرتجي الأملَا
ماذا عليهم وكلٌّ في قرارته
لاهٍ بمن عاد أو هاوٍ لمن وصلا
أيعذِلون غريباً ليس يملك مِن
دنياه إلا هوىً في قلبه اعتملا
وذكرياتٍ على شوقٍ تراوده
عن ليلةٍ ضجّ فيها الدمعُ وانهملا
غداة قيل: وداعاً..
ذاك آخر عهد الوصل
ما بين حيّيْنا وما اتصلا
أيعذِلون فتى ما زال كلّ ضحىً
يقُدُّ عن صبره ثوب المنى قبُلا
يعلّلُ النفسَ أن يلقاكِ في حلُمٍ
فيرشُفُ الخدَّ شهداً سائغاً عَسَلَا
أستودعُ الله عهداً كان يجمعنا
وخافقاً لم يزل بالشوق مشتعلَا
لعلّه "يوم يدعُ الداعِ" يبعثُنا
إِلفينِ من سكّةِ الأشواقِ ما وصلَا
184
قصيدة