كثيرٌ من الأحلام ضاق بها الكرى
كما ضاق ذرعاً بالغيابِ المسافرُ
لعينيْكِ ما يُخفي الفؤاد من الجوى
ويبديه دمعٌ في المحاجر غائرُ
ثلاثون عاماً كلّما شاقني النوى
يذكّرني عينيكِ ماضٍ وحاضرُ
كأنكِ دون الناس نبضةُ خافقٍ
مُعنَّىً وشوقٌ في الشرايين حائرُ
سلامٌ على الدنيا على كل أهلها
عليّ على روحٍ لها الوجدُ واترُ
وُلدتُ على شوقٍ وحيداً ولم أزل
وحيداً ولي في الحُبِّ قلبٌ مغامِرُ
يخوضُ غمارَ الشوقِ لا اليأسُ قد يرى
إليه سبيلاً أو يُرَى وَهْوَ ضامرُ
وإنّي أَلُوفٌ أحفَظُ الودَّ شِيمَتي
وَفِيٌّ أَنوفٌ صادقُ العهدِ عَاذِرُ
ولا أحملُ الأحقاد حتى وإن بَغَى
عليَّ ذوُو القربى وخان المُسامرُ
رضعتُ شموخ النفس من ثديِ حرّةٍ
سليلُ أبِيٍّ دونه المجدُ صاغرُ
أبٍ ما رأيتُ الدّهرَ في الناس صنَوَه
كريمٍ له دون الكرام مآثرُ
خُلقتُ أحبُّ الخير للناس كلِّهم
ولي في الندى باعانِ: بادٍ وساترُ
أُعتّقُ آمالاً تؤرقُ غربتي
لها قادمٌ في مُرتجايَ ودابرُ
لمن قضّ جنبي بُعدُهم لا سواهمُ
على أنني أُخفي الهوى وأُكابرُ
على أملٍ بالوصل يجمعُ بيننا
يَقَرُّ به قبل المماتِ المُسافرُ
184
قصيدة