الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » أما وهوى عصيت له العواذل

عدد الابيات : 79

طباعة

أَما وَهَوىً عَصَيتُ لَهُ العَواذِل

لَقَد أَسمَعتَ نُصحَكَ غَيرَ قابِل

وَما سَمعي إِلى العُذّالِ مُصغٍ

وَلا قَلبي عَنِ الأَحبابِ ذاهِل

وَلَو أَنصَفتَ لَم تُنكِر وُقوفي

عَلى طَلَلٍ بِذاتِ الضالِ ماثِل

أَأَجحَدُ رَبعَ رَيّى وَهوَ عافٍ

زَماناً مَرَّ فيهِ وَهوَ آهِل

وَما أَعطى الصَبابَةَ ما اِستَحَقَّت

عَلَيهِ وَلا قَضى حَقَّ المَنازِل

مُلاحِظُها بِعَينٍ غَيرِ عَبرى

وَزائِرُها بِجِسمٍ غَيرِ ناحِل

يُمَيِّلُني إِلى وَطَني هَناتٌ

جَرَت ما بَينَ عِلمِيَةٍ وَداعِل

وَأَذكُرُ دائِماً ثَمَراتِ عَيشٍ

جُنينَ بِدَيرِ قانونٍ وَآبِل

تَهيجُ بَلابِلي نَغَمُ الأَغاني

مُجاوِبَةً لِأَصواتِ البَلابِل

لَيالِيَ لي إِلى ما أَشتَهيهِ

تَلَطُّفُ وارِخٍ وَهُجومُ واغِل

وَمَحموداتُها أَتباعُ أَمري

وَمَذموماتُها عَنّي غَوافِل

وَكَم قَطَعَ الظَلامَ بِغَيرِ وَعدٍ

غَزالٌ دَأبُهُ قَطعُ الحَبائِل

بِراحٍ باتَ يَمزُجُها بَريقٍ

كَفاها المَزجُ بِالعَذبِ السَلاسِل

وَأَشرَبُها عَلى ظَمَإٍ فَأَروى

كَرُمحِ الخَطِّ يَروى وَهوَ ذابِل

وَلَمّا راحَتِ الأَظعانُ باحَت

بِما نُخفي مَدامِعُنا الهَوامِل

وَقَفنا وَالإِشارَةُ ثَمَّ رُسلٌ

مُعَبِّرَةٌ وَأَدمُعُنا الرَسائِل

فَعَقراً لِلرِكابِ غَداةَ وَلَّت

بِنُزّالِ الحِمى تَطوي المَراحِل

فَقَد حَمَلَت جَمالاً وَاِعتِدالاً

تُجِنُّهُما البَراقِعُ وَالغَلائِل

لِمُفغِمَةٍ بُيوتَ الحَيَّ طيباً

وَمُفعَمَةِ الأَساوِرِ وَالخَلاخِل

وَمُفرَدَةٍ وَما وَضَعَت حَبيباً

كَما اِنفَرَدَت عَنِ السِربِ الخَواذِل

تَفَرَّدُ بِالتَعَتُّبِ وَالتَجَنّي

وَتَذهَبُ بِالمَحاسِنِ وَالشَمائِل

تَروقُ العَينَ راضِيَةً وَغَضبى

وَتُصبى القَلبَ حالِيَةً وَعاطِل

مُذيبَةَ مُهجَتي طالَ اِقتِضائي

عِداتِكِ وَالغَريمُ بِها مُماطِل

أُمَنّى بِاِنعِطافِكِ وَهوَ غالٍ

وَأُمنى بِاِنحِرافِكِ وَهوَ غائِل

لَقَد أَنفَقتُ في الصَبَواتِ عُمري

وَكُنتُ كَبائِعٍ حَقّاً بِباطِل

إِلى أَن ثابَ رَأيٌ ضَلَّ حيناً

فَعُدتُ إِلى الفُروضِ مِنَ النَوافِل

وَزارَت آلَ مِرداسٍ رِكابي

فَأَغنَتني البِحارُ عَنِ الجَداوِل

وَكُنتُ أَذُمُّ آمالاً نَحَت بي

مَمالِكَ لَم أَفُز فيها بِطائِل

بِحَيثُ أَبو سَلامَةَ لَم يَجُدها

وَنَصرٌ بَعدَهُ وَأَبو الفَضائِل

مُلوكٌ أَمَّنوا خَيلي وَرَجلي

مُكابَدَةَ الهَواجِرِ وَالهَواجِل

وَأَمضَوا في الَّذي يَحوُونَ حُكمي

فَفُزتُ بِعاجِلٍ مِنهُ وَآجِل

مَكارِمُ مُبتَغيها مِن سِواهُم

كَباغي الرِسلِ مِن أَخلافِ حائِل

زَرَوا كَرَماً عَلى مَن عاصَروهُ

وَإِقداماً وَأَزرَوا بِالأَوائِل

وَثالِثُهُم وَإِن عَزّوا وَجادوا

أَمَرُّ عَداوَةً وَأَعَمُّ نائِل

أَظَلَّتهُ نَوائِبُ لَم تَنُبهُم

فَقارَعَها بِرَأيٍ غَيرِ فائِل

وَفَلَّ شَبا المَواضي بِالمَواضي

وَلاقى بِالزَرافاتِ الجَحافِل

مَواقِفُ تَشخَصُ الأَبصارُ مِنها

وَتَعيا عَن إِبانَتِها المَقاوِل

وَما خَرِسَت بِها الأَبطالُ حَتّى

تَكَلَّمَتِ الصَوارِمُ وَالصَواهِل

حُروبٌ لَم تَكُن لِبَني بَغيضٍ

وَلا عُزِيَت إِلى أَبناءِ وائِل

وَفُرسانٍ تَحِنُّ إِلى رَداها

حَنينَ الهائِماتِ إِلى المَناهِل

وَشَرَّدَها إِباءٌ سابِقِيٌّ

تَعِزُّ بِهِ العَقائِلُ وَالمَعاقِل

ثَناها عَن مَطامِعِها هُمامٌ

لَهُ بِالنَصرِ رَبُّ العَرشِ كافِل

وَما غَمَدَ الظُبى حَتّى أَزالَت

جِبالاً لا تُحَرِّكُها الزَلازِل

وَكانَ يُزيرُها في كُلِّ عامٍ

عِراباً شُزَّباً قُبَّ الأَياطِل

لَها نَظَرُ الأَجادِلِ إِذ تُخَلّى

وَعِندَ الأَرضِ أَجنِحَةُ الأَجادِل

إِذا نَزَعَ الوَجيفُ اللَحمَ عَنها

كَساها ما تُثيرُ مِنَ القَساطِل

وَإِن عَضَّت شَكائِمَها وَطاحَت

أَتاحَت لِلعِدى عَضَّ الأَنامِل

وَقَلَّلَتِ المُدافِعَ وَالمُحامي

وَكَثَّرتِ الأَيامى وَالثَواكِل

وَكَم عَضَدَ الرِماحَ وَمُشرِعيها

بِعَزمٍ كانَ أَعرَفَ بِالمَقاتِل

هُمامٌ خَوَّفَ الأَيّامَ حَتّى

سَعَت أَيّامُها فيما يُحاوِل

وَمَلكٌ لا يُنازَعُ في مَعالٍ

لَهُ الآياتُ مِنها وَالدَلائِل

يَعِزُّ جِوارُهُ وَالخَوفُ فاشٍ

وَيُخضَبُ جارُهُ وَالعامُ ماحِل

وَرُبَّ صَوارِمٍ تَلِدُ المَنايا

وَتُلفى بَعدَ ما وَلَدَت حَوامِل

كَيُمناهُ الَّتي تَهمي نَوالاً

يَعُمُّ الخَلقَ طُرّاً وَهيَ حافِل

إِذا سيمَ الغِنى رَوّى الأَماني

وَإِن شَهِدَ الوَغى رَوّى المَناصِل

خِلالٌ في العَطايا وَالرَزايا

بِها عُدِمَ المُساجِلُ وَالمُشاكِل

تُنَزِّقُهُ الحَمِيَّةُ حينَ يُعصى

فَيَعروهُ التَطَوُّلُ وَهوَ صائِل

وَلَولا رَأيُهُ في العَفوِ كانَت

أَياديهِ كَأَنعُمِهِ كَوامِل

يَجورُ عَلى الَّذي تَحوي يَداهُ

وَيَحكُمُ في الرَعايا حُكمَ عادِل

وَيَلبَسُ مِن سَجاياهُ ثِياباً

عَلى الجَوزاءِ مُرخاةَ الذَلاذِل

لَها أَرَجٌ تَضَوَّعَ مِن نَداهُ

وَمِن نُوّارِها أَرَجُ الخَمائِل

نَصِيَّةُ أُسرَةٍ وَلِبانُ بَيتٍ

بِهِ اِفتَخَرَت كِلابُ عَلى القَبائِل

لِأَملاكِ العَواصِمِ مِنهُ بَيتٌ

يَفوزُ بِشَطرِهِ أَملاكُ بابِل

فَزُرهُ عائِلاً أَو مُستَفيداً

وَجاوِد مَن أَرَدتَ بِهِ وَفاضِل

مَناقِبُ لَو تَنالُ الشَمسُ أَدنى

مَداها ما دَنَت مِنها الأَصائِل

تَعالَمَها جَميعُ الناسِ حَتّى

تَساوى عالِمٌ فيها وَجاهِل

جَمَعتَ تَوَثُّبَ الأَسَدِ المَنيعِ ال

حِمى بِرَكانَةِ المَلِكِ الحُلاحِل

وَمِن تَحتِ السَكينَةِ بَحرُ عِلمٍ

بِهِ عُرِفَ المُناظِرُ وَالمُجادِل

مَقالٌ تَعجِزُ البُلَغاءُ عَنهُ

كَعَجزِ المَدحِ عَمّا أَنتَ فاعِل

يَطولُ وَتُفقَدُ السَقَطاتُ فيهِ

كَفَقدِ الراءِ في أَقوالِ واصِل

سَلَكتَ إِلى الثَناءِ بِلا دَليلٍ

سَبيلاً ما تَقَدَّمَ فيهِ سائِل

وَعِندي مِنهُ ثاوٍ مُستَظِلٌّ

بِظِلِّكَ وَهوَ في الآفاقِ جائِل

وَما تَنفَكُّ تَزدادُ المَعالي

بِهِ شَرَفاً وَتَزدانُ المَحافِل

تَعَدّى كُلَّ مَن يُرجى نَداهُ

وَمَيَّلَهُ الفُراتُ عَنِ الثَمائِل

فَلَيسَ يَزورُ إِلّا مَن كَفاني

تَوَدُّدَ مُعرِضٍ وَسُؤالَ باخِل

بَقيتَ مُمَلَّكاً تُرجى وَتُخشى

وَلا غالَت مَساعِيَكَ الغَوائِل

وَلا عَدِمَت بِلادُكَ مَن كَفاها

تَغَطرُسَ جائِرٍ وَوُثوبَ خاتِل

يَزولُ الفِطرُ وَالأَضحى جَميعاً

إِلى حينٍ وَمُلكُكَ غَيرُ زائِل

وَحَدُّكَ في النَوائِبِ غَيرُ نابٍ

وَنَجمُكَ في السَعادَةِ غَيرُ آفِل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة