الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » أرى سفها ولو جاء العذول

عدد الابيات : 65

طباعة

أَرى سَفَهاً وَلَو جاءَ العَذولُ

بِحَقٍّ أَن أَقولَ كَما يَقولُ

فَما مِنّي إِلى لَومٍ جُنوحٌ

وَلا عِندي لِتَعنيفٍ قَبولُ

وَكَيفَ يُبِلُّ مِن داءٍ دَفينٍ

عَليلٌ ما يُبَلُّ لَهُ غَليلُ

أَحِنُّ لَدى المَنازِلِ وَهيَ قَفرٌ

كَما حَنَّت لَدى البَوِّ العَجولُ

وَأَشتاقُ الدِيارَ وَساكِنيها

كَما يَشتاقُ صِحَّتَهُ العَليلُ

بَكَيتُ لِهَجرِهِم حيناً وَحيناً

لِبُعدِهِمُ وَقَد أَزِفَ الرَحيلُ

فَلَم تَذرِ النَوى وَالهَجرُ دَمعاً

تُجادُ بِهِ المَعالِمُ وَالطُلولُ

وَمِمّا شَفَّني وَجدٌ عَزيزٌ

يُحاوِلُ قَهرَهُ صَبرٌ ذَليلُ

جَزى الريحَ الدَبورَ اللَهُ خَيراً

فَلي مِنها إِذا هَبَّت رَسولُ

أُحَمِّلُهُ إِلى سَلمى سَلاماً

تَرُدُّ جَوابَهُ الريحُ القَبولُ

وَدونَ الظاعِنينَ نَوىً شَطونٌ

عَرَتنا قَبلَها وَهُمُ حُلولُ

خُطوبٌ يَبعُدُ الأَدنَونَ مِنها

وَيَقطَعُ عِندَها البَرُّ الوَصولُ

وَعِندَ أَبي المُظَفَّرِ إِن أَلَمَّت

مَقيلٌ مِن عَواديها مُقيلُ

بِهِ اِغتُفِرَت جِناياتُ اللَيالي

وَأَنجَزَ وَعدَهُ الزَمَنُ المَطولُ

أَضافَ إِلى النَدى المُنهَلِّ بَأساً

يَهونُ عَلَيهِ فيهِ ما يَهولُ

أَبادَ مُخالِفاً وَأَفادَ ذِكراً

تَزولُ الراسِياتُ وَما يَزولُ

وَأَمناً تَعجَبُ الأَيّامُ مِنهُ

وَعَدلاً ما لَهُ فيهِ عَديلُ

تَدورُ عَلى الأَداني وَالأَقاصي

مَواهِبُهُ وَلَم تَدُرِ الشَمولُ

مَساعٍ وَعَّرَت سُبُلَ المَعالي

فَلَيسَ إِلى اللَحاقِ بِها سَبيلُ

وَشاعَ حَديثُها حَتّى تَساوى ال

عَليمُ بِما تُؤَثِّلُ وَالجَهولُ

فَأَيقَنَ مَن حَوى مُلكاً بِجَدٍّ

وَحَظٍّ أَنَّهُ فيهِ دَخيلُ

نَحا شَرَفُ المُلوكِ بِلا دَليلٍ

طَرائِقَ لَيسَ يَعرِفُها دَليلُ

فَوَعرُ المَكرُماتِ عَلَيهِ سَهلٌ

وَصَعبُ النائِباتِ لَهُ ذَلولُ

نَدىً تَحيا العُفاةُ بِهِ وَعِزٌّ

تَموتُ بِهِ الضَغائِنُ وَالذُحولُ

وَعَزمٌ لا يَمينُ وَلا يُمَنّي

وَرَأيٌ لا يُفَلُّ وَلا يَفيلُ

حَمى ذا الشامَ أَجمَعَهُ هِزَبرٌ

لَهُ بِالقَلعَةِ الشَمّاءِ غيلُ

مَخوفٌ وَالصَوارِمُ لَم تُجَرَّد

وَلا أَخلَت مَرابِطَها الخُيولُ

وَلَيسَ يَريمُ أَسماعَ الأَعادي

صَليلُ ظُبىً يُمازِجُهُ صَهيلُ

فَفي كَفِّ الخِلافَةِ حينَ يَسطو

حُسامٌ لا يُلِمُّ بِهِ كُلولُ

فَلا يَأذَن إِلى الإِرجافِ مُصغٍ

يَميلُ بِهِ الهَوى أَنّى يَميلُ

فَكُلُّ عُداةِ هَذا المُلكِ أَسرى

وَهَيبَتُكَ الجَوامِعُ وَالكُبولُ

وَما تَخشى عِدىً لا أَسرَ فيهِم

وَإِن كَثُرَ المُشَرَّدُ وَالقَتيلُ

وَلَيسَ يَخيبُ حينَ تَجودُ إِلّا

مُشيرٌ بِاِختِصارِكَ أَو عَذولُ

فِداؤُكَ مَن نَزاهَتُهُ لِأَمرٍ

يَخافُ وَمَن نَباهَتُهُ خُمولُ

فَفي قَلبِ السِيادَةِ مِنهُ غِلٌّ

تَكَنَّفَهُ وَسُؤدُدُهُ غُلولُ

وَمَغرورٌ رَأى الإِقدامَ يُردي

فَعاوَدَ يَستَميلُ وَيَستَقيلُ

كَسَيلٍ عَزَّهُ طَودٌ مُنيفٌ

فَأَعرَضَ حينَ عارَضَهُ مَسيلُ

فَكانَت عَزمَةً ذَهَبَت ضَلالاً

إِلى أَن أَصحَبَ الرَأيُ الأَصيلُ

فَأَوَّلُها اِعتِداءٌ وَاِغتِرابٌ

وَآخِرُها وِدادٌ بَل نُكولُ

وَغايَةُ مَن غَزا لِيَنالَ غُنماً

وَأَعيَتهُ مَطالِبُهُ القُفولُ

لَأَخفَقَ ظَنُّهُ وَاِعتاضَ وُدّاً

عَلى غَيرِ الزَمانِ بِهِ يَصولُ

فَإِن تَخِبِ الصَوارِمُ وَالعَوالي

فَلَم يَخِبِ الكِتابُ وَلا الرَسولُ

فَما لِلرومِ لا عَدِموا ضَلالاً

يَغُرُّهُمُ الرَجاءُ المُستَحيلُ

عَهِدتُهُمُ تَخونُهُمُ الأَماني

مَتى صارَت تَخونُهُمُ العُقولُ

لِذا مَنَعوكَ حَقَّكَ وَاِستَعاضوا

بِهِ بَدَلاً فَما ثَبَتَ البَديلُ

نَزَلتَ عَنِ الحِصانِ وَقَد أَرادوا

مُمانَعَةً فَعَمَّهُمُ النُزولُ

وَكُنتَ بِأَخدِهِ قَسراً جَديراً

وَأَنتَ بِرَدِّهِ كَرَماً كَفيلُ

يَحُلُّ الناسُ ما عَقَدوهُ غَدراً

وَعَقدُكَ لا يُحَلُّ وَلا يَحولُ

وَمَن أَعزَزتَ لَيسَ لَهُ مُذِلٌّ

وَمَن أَذلَلتَ لَيسَ لَهُ مُديلُ

وَهَل تَعصي الفُروعُ عَلى هُمامٍ

مَتى ما هَمَّ لَم تَعصِ الأُصولُ

فَكَيفَ بِهِم إِذا ما الخَيلُ بُثَّت

فُحولاً فَوقَ أَظهُرِها فُحولُ

يُبَرقِعُها القَنا في كُلِّ حَربٍ

نَجيعاً ما لَها مِنهُ شَليلُ

وَيَكسو الصُبحَ مِن نَقعِ خِضاباً

كَليلٍ وَالنُصولُ بِهِ نُصولُ

أَبى لَكَ أَن تُسامَ الخَسفَ عَزمٌ

بِأَسيافِ العِدى مِنهُ فُلولُ

لِيَحوِ الفَخرَ عَصرٌ أَنتَ فيهِ

فَإِنَّكَ لِلزَمانِ يَدٌ تَصولُ

تَكَلَّفَها لِنَفيِ البُخلِ عَنهُ

وَقَد يُسني عَطِيَّتَهُ البَخيلُ

وَلَستَ مُطاوَلاً في المَجدِ إِلّا

إِذا طالَت عَلى الغُرَرِ الحُجولُ

عَلَت جَدواكَ أَقوالي وَقِدماً

عَلَوتُ المُنعِمينَ بِما أَقولُ

بِها أَدرَكتُ آمالي وَبَيني

وَبَينَ قَريبِها أَمَدٌ طَويلُ

فَنابُ الدَهرِ عَنّي اليَومَ نابٍ

لَدَيكَ وَطَرفُهُ دوني كَليلُ

وَكُنتُ لِرِيبِهِ هَدَفاً إِلى أَن

غَطاني ظِلُّ أَنعُمِكِ الظَليلُ

سَأَشكُرُها مُبيناً عَن ثَناءٍ

يُقَصِّرُ عَن مَداهُ مَن يُطيلُ

خَفيفٍ حَمَّلَ الحُسّادَ ثِقلاً

مُقيمٍ وَهوَ في الدُنيا يَجولُ

تَضَمَّنَهُ قَراطيسٌ سَتُطوى

وَيَنشُرُ فَضلَها جيلٌ فَجيلُ

كَواكِبُ في سَماءِ عُلاكَ زُهرٌ

وَلَكِن مالَها عَنها أُفولُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة