الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » أرى الشرف الأعلى إليك مسلما

عدد الابيات : 79

طباعة

أَرى الشَرَفَ الأَعلى إِلَيكَ مُسَلَّما

فَلا مَجدَ إِلّا ما إِلى مَجدِكَ اِنتَما

وَما نالَ هَذا الفَضلَ ماضٍ مِنَ الوَرى

وَإِن نالَهُ آتٍ فَمِنكَ تَعَلَّما

وَهَذا مَجالٌ قَد رَكِبتَ طَريقَهُ

بِكُلِّ الوَرى عَنها وَإِن أَبصَروا عَما

وَمَن أَدرَكَ العَلياءَ وَالعَجزُ خُلقُهُ

وَقالَ كَفاني الحَظُّ أَن أَتَهَمَّما

فَما نِلتَها إِلّا عَنِ الحوبِ مُعرِضاً

وَفي الجَدبِ فَيّاضاً وَفي الحَربِ مُقدِما

عَفافٌ وَإِنصافٌ أَنالا جَلالَةً

وَجودٌ وَإِقدامٌ أَفادا تَقَدُّما

إِذا ما مُلوكُ الأَرضِ تيهاً تَعَظَّموا

كَفاكَ عَظيمُ القَدرِ أَن تَتَعَظَّما

لَقَد قَصَّروا أَن يُبرِموا ما نَقَضتَهُ

كَتَقصيرِهِم عَن نَقضِ ما ظَلتَ مُبرِما

لِهَذا العُلى مُلكٌ بِغَيرِ مُشارِكٍ

لِأَكرَمِ مَن أَعطى وَأَشرُفِ مَن سَما

لِأَبدَعِهِم فَضلاً وَأَقطَعِهِم ظُبىً

وَأَبرَعِهِم فِعلاً وَأَمنَعِهِم حِما

وَأَوسَعِهِم صَدراً وَأَسرَعِهِم نَدىً

وَأَمرَعِهِم أَرضاً وَأَرفَعِهِم سَما

وَمَن قَدَّمَتهُ نَفسُهُ وَإِباؤُهُ

وَهِمَّتُهُ عَلى الأَنامِ تَقَدَّما

كَفى الدَولَةَ المُستَنصِرِيَّةَ عَضدُها

نَوائِبَ لَو قارَعنَ رَضوى تَهَدَّما

وَقَد قَلَّدَتهُ الأَمرَ في الدينِ وَالدُنا

وَكانَ أَميناً بِالمَغيبِ عَلَيهِما

فَلا يَرهَبِ الناسُ الخُطوبَ وَرَيبَها

فَمُنذُ رَأى إِقدامَكَ الدَهرُ أَحجُما

وَلا يَطلَبوا إِلّا بَقاءَكَ عِصمَةً

فَهُم في أَمانٍ ما بَقيتَ مُسَلَّما

تُريدُ العِدى إِطفاءَ نارِكَ خُيِّبوا

ظُنوناً وَما تَزدادُ إِلّا تَضَرُّما

وَعَجزُهُمُ عَن أَن تُراعَ بِحَدِّهِم

كَعَجزِ الصَبا عَن أَن تَهُزَّ يَلَملَما

وَلَم تَدنُ عَينُ الشَمسِ مِن كَفِّ لامِسٍ

فَتَقذى وَلا لانَ الحَديدُ فَيُعجَما

وَما زالَ حَسمُ الظُلمِ وَاللَمُّ لِلهُدى

هَواكَ الَّذي يُضنيكَ لا الظَلمُ وَاللَما

وَلَمّا تَعَدّى الرومُ جَهلاً بَعَثتَها

كَتائِبَ يَحمِلنَ الوَشيجَ المُقَوَّما

قَناً جَدَّلَ الفُرسانَ قَبلَ اِنحِطامِهِ

وَنابَت سُيوفُ الهِندِ لَمّا تَحَطَّما

وَإِنَّكَ مَن يَمضي الكَهامُ بِكَفِّهِ

فَكَيفَ إِذا جَرَّدتَ أَبيَضَ مِخذَما

وَتُردي بِرُمحٍ لَم يُرَكَّب سِنانُهُ

فَكَيفَ إِذا أَشرَعتَهُ مُتَلَهذِما

وَتَحكُمُ بِالإيعادِ في مُهَجِ العِدى

فَكَيفَ إِذا جَهَّزتَ جَيشاً عَرَمرَما

فَغَرَّقَهُم بَحرُ الرَدى وَهوَ ساكِنٌ

فَماذا يَظُنّونَ الشَقِيّونَ إِن طَما

وَلَو لَم يَذُد عَنهُم طُغانُ وَجَيشُهُ

لَكانَ عَلى شاطي الخَليجِ مُخَيِّما

وَقَد عَلِموا مَن راشَ بِالعِزِّ سَهمَهُ

وَمَن طاشَ إِذ دارَت رَحى الحَربِ مِنهُما

أَظُنُّهُمُ لَم يَفهَموا ما أَمَرتَهُم

بِهِ فَجَعَلتَ السَيفَ عَنكَ مُتَرجِما

حُسامٌ هُمامٌ ظَلَّ بِالحَقِّ ناطِقاً

فَما صَلَّ في الهاماتِ إِلّا وَأَفهَما

وَعِندَهُمُ صَبرٌ عَلى الضَيمِ وَالأَذى

يُرَجّونَ أَن يُضحي إِلى السِلمِ سُلَّما

وَقَد طالَما اِستَنقَذتَ بِالأَمنِ خائِفاً

وَبِالجودِ مِعداماً وَبِالعَفوِ مُجرِما

وَإِن كُنتَ تَسطو عِزَّةً وَحَفيظَةً

فَإِنَّكَ تَعفو رَحمَةً وَتَكَرُّما

فَدَعهُم إِلى وَقتٍ فَلَو لَم يُمِتهُمُ

يَقينُ الرَدى الآتي لَماتوا تَوَهُّما

وَقَد أَصبَحوا في غُمَّةٍ ما تَكَشَّفَت

وَمَن لَهُمُ أَن يُترَكَ الأَمرُ مُبهَما

وَما زالَ ميخائيلُ مِن قَبلُ مُقدِماً

فَلَمّا رَأى عَينَ الرَدى عادَ مُحجِما

وَإِن كانَ أَبدى إِذ نُصِرتَ عَلَيهِمُ

سُروراً فَقَد أَخفى أَسىً وَتَأَلُّما

وَقالَ لَكَ اِحكُم في بِلادي وَأَهلِها

وَهَل حَكَّمَتكَ البيضُ إِلّا لِتَحكِما

أَلا فَليُعَلِّم نَفسَهُ ما بَدا لَهُ

فَإِنَّكَ أَغنى الناسِ عَن أَن تُعَلَّما

وَلَم أَرَ خُلداً بَصَّرَ البازَ صَيدَهُ

وَلا ضَبُعاً دَلَّت عَلى الفَرسِ ضَيغَما

وَلَو قَصَدَت ذي البيضُ بَيضَةَ مُلكِهِ

لَأَسلَمَ إِعظاماً لَها وَلَسَلَّما

حَوى حَلَباً مَن صارَ مِن تَحتِ حُكمِهِ

وَكانَ عَلى مُلّاكِها مُتَحَكِّما

فَيا رَوعَةَ اليَعقوبِ صاقَبَ أَجدَلاً

وَيا صَرعَةَ العُصفورِ جاوَرَ أَرقَما

وَإِنَّ السُهى أَدنى إِلى مُتَناوِلٍ

وَأَيسَرُ مِن ثَغرٍ بِأَسيافِكَ اِحتَما

وَقَد صارَ طَيرُ الأَمنِ فيها مُغَرِّداً

وَكانَت لِطَيرِ الذُلِّ وَالخَوفِ مَجثَما

وَبَدَّلتَ مَن ضَمَّت سُروراً مِنَ الأَذى

وَنُعمى مِنَ البُؤسى وَرَيّاً مِنَ الظَما

وَأَمَّنتَهُم لَمّا أَخَفتَ عَدُوَّهُم

فَنَوَّمتَ أَيقاظاً وَأَيقَظتَ نُوَّما

وَأَورَدتَهُم بَحراً مِنَ الجودِ مُفعَماً

وَأَسكَنتَهُم طَوداً مِنَ العِزِّ أَيهَما

فَلا تَأمَنِ الرومَ المُظَفَّرَ إِنَّهُ

وَحِيُّ الرَدى إِن هَمَّ وَالغَيثُ إِن هَما

وَما عَرَضَ الأَمرانِ يَوماً لِرَأيِهِ

فَحادَ عَنِ الداعي إِلى المَجدِ مِنهُما

عَليمٌ بِعُقبى الأَمرِ إِن جاءَ مُشكِلاً

بَصيرٌ إِذا ما حِندِسُ الشَكِّ أَظلَما

فَيَترُكُ أَقوالَ الأَنامِ كَأَنَّما

بِهِ صَمَمٌ عَنها وَيَمضي مُصَمِّما

شَروبٌ إِذا ما أَصبَحَ الحَمدُ قَهوَةً

طَروبٌ إِذا كانَ الصَليلُ تَرَنُّما

رَأى أُفُقَ العَلياءِ لا شَكَّ عاطِلاً

فَأَطلَعَ فيهِ مِن مَساعيهِ أَنجُما

وَلَو أَنَّ أَحكامَ النُجومِ صَحيحَةٌ

لَخِلناكَ مِن صِدقِ النُجومِ مُنَجِّما

وَما هُوَ عِلمٌ عَن سِواكَ أَخَذتَهُ

وَلَكِن بَراكَ اللَهُ لا شَكَّ مُلهَما

تَوَخّى التُقى وَالعَدلَ فِعلُكَ كُلُّهُ

فَلَم تَقتَرِف إِثماً وَلَم تَجنِ مَحرَما

فَلَو أَنَّهُ شَخصٌ قَضى الناسُ أَنَّهُ

تَكَوَّنَ مِن نورِ الهُدى وَتَجَسَّما

لَقَد حُزتَ فَضلَ الأَنبِياءِ وَهَديَهُم

فَصَلّى عَلَيكَ اللَهُ مَلكاً وَسَلَّما

فَضائِلُ أَعلى مِن ذُكاءَ مَحَلَّةً

وَأَشرَفُ أَنواراً وَأَبعَدُ مُرتَما

غَدَت فَوقَ رَأسِ المَجدِ تاجاً مُرَصَّعاً

وَفي عُنُقِ العَلياءِ عِقداً مُنَظَّما

يُفيدُ بِرُؤياها القَريبُ تَنَزُّهاً

وَيَحظى بِرَيّاها البَعيدُ تَنَسُّما

فَكُلُّ نَدىً في الخَلقِ جودُكَ أَصلُهُ

فَفي ضِلَّةٍ مَن عَدَّ غَيرَكَ مُنعِما

لَأَظهَرَ أَهلُ الأَرضِ حُبَّكَ رَهبَةً

فَأَنعَمتَ حَتّى خالَطَ اللَحمَ وَالدَما

فَيا ذا العَطايا لَم تَدَع مُتَطَلِّباً

وَيا ذا القَضايا لَم تَدَع مُتَظَلِّما

بَسَطتَ يَدَ العَدوى فَلَم تُبقِ حائِفاً

وَأَسرَفتَ في الجَدوى فَكَم تُبقِ مُعدِما

فَلا بَرِحَت تَعلو يَداً تُنهِلُ القَنا

دِماءً أَعاديها وَتَنهَلُّ أَنعُما

وَقَد سَمِعَ اللَهُ الكَريمُ لِأُمَّةٍ

تَيَمَّمَتِ البَيتَ العَتيقَ المُحَرَّما

وَلَولاكَ لَم يَنزِل غَريبٌ بِمَكَّةٍ

وَلا وَرَدَت تِلكَ الخَلائِقُ زَمزَما

وَمَوسِمُها في كُلِّ عامٍ وَإِنَّنا

نَرى كُلَّ يَومٍ في جَنابِكَ مَوسِما

وَإِن جَلَّ ما خَوَّلتَني وَكَتَمتَهُ

جَلالاً فَما اِستَودَعتِنيهِ لِأَكتُما

فَدونَكَ فَاِسحَب في الثَناءِ مَلابِساً

وَأَفخَرُها ما كانَ بِالحَمدِ مُعلَما

مَدائِحَ تَبقى ما يَلي الغَسَقَ الدُجى

وَما بَلَّ ريقٌ في بَني آدَمٍ فَما

حَبَستُ عَلَيكَ الظَنَّ وَالشِعرَ فِعلَ مَن

يَرى النيلَ إِلّا مِن يَدَيكَ مُحَرَّما

وَمَن عَدَّ جودَ القَومِ غُنماً فَإِنَّني

أَرى مَغنَماً ما أَنتَ موليهِ مَغرَما

وَإِلّا تَأَمَّل حُرَّ وَجهِيَ هَل تَرى

بِصَفحَتِهِ إِلّا لِجودِكَ ميسَما

وَحاشا لِحَظّي أَن يُرى وَهوَ ناقِصٌ

لَدَيكَ وَظَنّي أَن يَكونَ مُرَجَّما

فَمَكَّنَكَ الإِسلامُ عِزّاً لِأَهلِهِ

فَما زِلتَ لِلإِسلامِ عيداً مُعَظَّما

وَدُم لِلمُنى كَنزاً وَلِلحَقِّ عِصمَةً

وَلِلبَغيِ مُجتاحاً وَلِلإِفكِ مُرغِما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة