ما لم يقلْهُ أبي
سنرجعُ، قال، واجترحَ الغيابَا
ولون الحزن أرهقه ارتيابا
فلم يشهدْ نبوءته وكانت
رياحُ الموت أقربَ منه قابا
مضى والشوق في جنبيه نارٌ
يضمّ إليه مفتاحا وبابا
وينشدُ حالمًا في كل حينٍ
"غدًا نلقى الأحبّة والصحابا"
غدا "أتشعبط" الأشجارَ طفلا
أعاتبها فأُشبعها عتابا
غدا سأُعانقُ الزيتونَ حتى
يعودَ "رصيعُهُ" أوفى نِصابا
ويحلو البرتقالُ
ويطرحُ النخلُ مما
لذّ من رُطبٍ
وطابا
غدا!!
وبكى على وطنٍ مُضاعِ
فقد عاث اليـهُــودُ به خرابا
بتقتيلٍ وتهجيرٍ وحبسٍ
يسومون الدّيارَ بها العذابا
وفرّ الدمعُ من عينيه حتى
تأبّط موتَهُ كمدًا
وغابا
أبي!!
يومًا سنرجعُ!
عُد قليلا
ترَ الأبطال قد شدُّوا الرّكابا
وهَبُّوا في سبيل النصر أُسدا
يجوزون المفاوزَ والهضابا
لقد ضربوا العدوَّ فأشبعوه
وما هابوا الردى!
والموتُ هابا
رجالٌ ليس تلهيهم حياةٌ
عن التحرير
فانتصبوا انتصابا
تراهم أقبلوا من كل حدبٍ
يخوضون المهالكَ والصِّعابا
وقد رخصوا الدّماء،
وكلُّ حيٍّ إذا رام العُلا
وطِئ السحابا
أبي!
هذي شعوبُ الأرض ضجّت
وقامت تملأ الدنيا خطابا
تحارب من وراء "الفيس"
تنضو سيوف القول…
تمتشقُ الحِرابا
وتشتمُ كلّ خوّانٍ زنيمٍ
وتلعنُهم وتوسعهم سِبابا
ونحن نعيدُ ما قالوا ونرمي الـ
عدوَّ بنارِنا قولًا مُهـابا
فنلعنهم ونلعن والديهم
ونملأ وجههم منّا لُعابا
ونخلو بالهواتف حين نخلو
ونحلمُ بالدعاء بأن يُجابا
ونعلمُ أنّ طفلا مقدسيًّا
يُساوي نعلُهُ ألفًا حِسابا
وأنّ رجالَ غزّةَ علّمونا
على درب الكرامة أن نُعابا
وأنّا والرّدى صنوا هوانٍ
أَلِفْنا ذُلَّنا عذبًا شرابا
رفعنا الكفّ للرحمن يقضي
على الأعداء يُهلكُهم عذابا
ونسأله الشهادةَ كلّ حينٍ
ونرجوه الإجابةَ والثوابا
وإنّا لو دُعينا ما أجبنا
ولم نبرحْ هواتفنا ارتقابا
وغزّةُ لم تكن يومًا سبيّا
ولم ترض الهوانَ ولن تُحابى
لغزّة تنحني الأعناقُ فخرًا
وتُغتصبُ الحقوقُ بها اغتصابا
لغزّة يكتب التاريخ عزًّا
يسطّرُ في مفاخرها كتابا
وينقش في ذراع المجد وشما
يُعيدُ لغفوةِ الدنيا الصوابا
"إذا بلغ الفطامَ لها رضيعُ"
يشقُّ لنا إلى العلياء بابا
سنعود حتمًا!
أخبرتني العنادلُ
أن أُعدَّ لها الثيابا
لنقرأ في رحاب القُــدس سفر الـ
بطولة ثمّ نُمهرَها الخضابا
ونتلوَ وِردَها ونقيمَ عرسًا
ونكتبَ للفخارِ لها
الكتابا.
حسن جلنبو
أبوظبي 16 / 10 / 2023.
184
قصيدة