الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » ما مرتقاك على من رامه أمم

عدد الابيات : 65

طباعة

ما مُرتَقاكَ عَلى مَن رامَهُ أَمَمُ

فَلتَسلُ عَن نَيلِ ما أوتيتَهُ الأُمَمُ

وَليَيأَسوا رَمَّةً كانَت مُؤَهَّلَةً

لِهِمَّةٍ ما اِهتَدَت في طُرقِها الهِمَمُ

فَما تَحُطُّ مَطايا المَجدِ أَرحُلَها

إِلّا بِحَيثُ أَناخَ البَأسُ وَالكَرَمُ

وَإِنَّ أَولى الوَرى بِالأَمرِ أَوفَرُهُم

قِسماً إِذا ظَلَّتِ الأَخطارُ تُقتَسَمُ

وَمَن أَحَقُّ بِمُلكِ الأَرضِ مِن مَلِكٍ

بِسَيفِهِ اِنكَشَفَت عَن أَهلِها الغُمَمُ

عَدلَ القَضِيَّةِ يُمضي وَهوَ مُطَّرِحٌ

ثَوبَ الحَياءِ وَيَندى وَهوَ مُحتَشِمُ

أَغَرُّ لَو وَهَبَ الدُنيا بِأَجمَعِها

لَما تَتَبَّعَها مَنٌّ وَلا نَدَمُ

وَرُبَّ عَفوٍ إِذا لاذَ الجُناةُ بِهِ

أَنساهُمُ بِجَميلِ الصَفحِ ما اِجتَرَموا

وَذي يَدٍ تَلِدُ النُعمى فَإِن قَصَدَت

كَيدَ العَدُوِّ فَمِن أَولادِها الرَقِمُ

سَيفَ الإِمامِ بِكَ اِزدادَ الهُدى وَضَحاً

وَفيكَ كادَتَ تُغَطّي نورَها الظُلَمُ

وَمُذ دَعاكَ إِمامُ العَصرِ عُدَّتَهُ

ذَلَّ العِدى فَأَزالَ الحَقُّ إِفكَهُمُ

قَد كانَ مُتَّهَماً صَرفُ الزَمانِ وَمُذ

وَفى بِقُربِكَ لَم تَعلَق بِهِ التُهَمُ

وَغَيرُ مُستَوجِبٍ ذَمَّ الوَرى زَمَنٌ

أَيّامُهُ لَكَ فيما تَشتَهي خَدَمُ

ثَبَّتَّ وَطأَةَ دينِ اللَهِ مُعتَصِماً

بِاللَهِ مِن بَعدِ ما زَلَّت بِهِ القَدَمُ

لَقَد نَهَضتَ بِعِبءٍ في حِمايَتِهِ

لا يَستَقِلُّ بِهِ رَضوى وَلا إِضَمُ

بِهِمَّةٍ لَو أَرادَ العُصمَ صاحِبُها

لَم يَحمِها في ذُرى الأَطوادِ مُعتَصِمُ

وَعَزمَةٍ مُذ أَلَمَّت بِالشَآمِ بَنَت

دونَ الخِلافَةِ سوراً لَيسَ يَنهَدِمُ

وَطالَما عَرَّسَت في أَرضِهِ فِتَنٌ

تَشيبُ مِنها قُلوبُ الخَلقِ لا اللِمَمُ

وَرُبَّ جَيشٍ إِذا سالَ الفَضاءُ بِهِ

رَأَيتَ فيهِ جِبالَ الأَرضِ تَصطَدِمُ

بَحرٌ فَإِن عَسَلَت فيهِ الرِماحُ أَرَت

أَمواجَ بَحرِ المَنايا كَيفَ تَلتَطِمُ

لِخَيلِ فُرسانِهِ مِن طَعنِ ما لَقِيَت

بَراقِعٌ وَلَهُم مِن نَقعِها لُثُمُ

ثَناهُ بَأسُكَ فَاِنصاعَت كَتائِبُهُ

كَأَنَّ آسادَهُ مِن ذِلَّةٍ نَعَمُ

عَنَت حُماةُ بُيوتِ الشَعرِ راغِمَةً

مُذ طُنِّبَت لَكَ في أَوطانِها الخِيَمُ

وَكَم لَهُم مَوقِفٌ جالَ الحِمامُ بِهِ

لَو كانَ غَيرُكَ فيهِ الخَصمَ ما خُصِموا

وَكَم لَقوا فيكَ يَوماً أَيوَماً خَلَقَت

فيهِ السَنابِكُ لَيلاً جَنَّهُ الخَدَمُ

لَيلاً إِذا غَطَّتِ الأَبصارَ ظُلمَتُهُ

كانَت مَصابيحَكَ الهِندِيَّةُ الخُذُمُ

مَنَعتَ آسادَهُم قَسراً فَرائِسَها

فَلَيسَ يُنكَرُ أَن تَنبو بِها الأَجَمُ

وَما تَظَلُّ قَناةُ العِزِّ قائِمَةً

إِلّا بِحَيثُ القَنا الخَطِّيُّ يَنحَطِمُ

وَإِن تَكُن نارُ تِلكَ الحَربِ قَد خَمَدَت

فَإِنَّها في قُلوبِ القَومِ تَضطَرِمُ

عَن هَيبَةٍ سَكَنَت أَحشاءَهُم فَقَضَت

أَن يَقفِلَ الجَيشُ عَنهُم وَهوَ عِندَهُمُ

عَضَّت رُؤوسَهُمُ بَعدَ الجِماحِ ظُبىً

عَلى المَوارِنِ مِن آثارِها حِكَمُ

بيضٌ إِذا فارَقَت في يَومِ مَعرَكَةٍ

أَغمادَها فارَقَت أَجسادَها القِمَمُ

وَلَو تَوَخَّيتَ إِعناتَ المُذِمِّ لَهُم

لَم يَرضَ سَيفُكَ حَتّى تُخفَرَ الذِمَمُ

لَوَ اِنَّهُم جاوَزوا الجَوزاءَ ما اِمتَنَعوا

مِن ذي العِتاقِ المَذاكي أَن تَدوسَهُمُ

ذَرهُم وَنُصرَةَ مَن لاذوا بِعَقوَتِهِ

فَقَد وَهَت عَرَبٌ بِالرومِ تَعتَصِمُ

أَرى لَيالِيَ مَن أَدنَيتَهُ زُهُراً

كَما لَيالِيَ مَن أَقصَيتَهُ سُحُمُ

إِن لَم تَكُن بَينَهُم قُربى فَبَينَهُمُ

مِنَ المُساواةِ في خَوفِ الرَدى رَحِمُ

غاضَت دِماؤُهُمُ خَوفاً فَلَو شَرَعَت

فيهِم رِماحُكَ لَم يَعلَق بِهِنَّ دَمُ

وَلَو أَرَدتَ لَأَغرَيتَ التُرابَ بِهِم

فَلَم يَكُن لَهُمُ في الأَرضِ مُنهَزَمُ

لَكِن جَرَيتَ عَلى رَسمٍ ظَلِلتَ بِهِ

في العَفوِ مُلتَزِماً ما لَيسَ يُلتَزَمُ

وَمُذ رَأَيتُكَ تولي العَفوَ كافِرَهُ

عَلِمتُ أَنَّكَ بِالإِنعامِ تَنتَقِمُ

عِلماً بِأَنَّ الَّذي عُوِّدتَ نُصرَتَهُ

يُحيقُ بِالكافِري نُعماكَ كُفرَهُمُ

وَالرومُ قَد أَيقَنوا لا شَكَّ أَنَّهُمُ

لَو ساهَموكَ بِسَهمٍ في الوَرى سُهِموا

وَكَيفَ تَطمَحُ نَحوَ الحَربِ أَعيُنُهُم

وَذِكرُ بَأسِكَ في أَفواهِهِم لُجُمُ

وَلَو أَعَرتَهُمُ أَلبابَهُم لَدَرَوا

أَنَّ الَّذي جَهِلوا أَضعافَ ما عَلِموا

إِنَّ المُظَفَّرَ مَن ما حَلَّ في بَلَدٍ

إِلّا تَحَمَّلَ عَنهُ الخَوفُ وَالعَدَمُ

وَكَيفَ تُظلَمُ أَرضٌ أَنتَ ساكِنُها

نوراً تَساوَت بِهِ الأَظهارُ وَالعَتَمُ

أَو تَشتَكي الناسُ إِمحالاً وَقَد فَعَلَت

فيهِم يَمينُكَ ما لا تَفعَلُ الدِيَمُ

وَأَينَ مِنكَ حَياً يَحيا التُرابُ بِهِ

أَنّى وَأَنتَ حَياً يَحيا بِهِ النَسَمُ

خَلائِقٌ عَمَّتِ الدُنيا بِما نَسَلَت

مِنَ العَطايا وَأُمّاتُ النَدى عُقُمُ

يُثني بِآلائِها مَن في الحَياةِ وَلَو

تَسطيعُ نُطقاً إِذاً أَثنَت بِها الرِمَمُ

وَأَيُّ بارِقَةٍ لِلمَجدِ صادِقَةٍ

لاحَت وَلَمّا تَشِمها هَذِهِ الشِيَمُ

وَهَل تُساويكَ أَملاكٌ مَضَوا وَبَقوا

أَسماؤُهُم في اِسمِكَ المَشهورِ مُدَّغَمُ

مَناقِبٌ لَيسَ تُحصى خَصَّ مَفخَرُها

بَني أَبيكَ وَعَمَّ الناسَ كُلَّهُمُ

فَما خَلا عَرَبِيٌّ مِن مُفاخَرَةٍ

بِذي المَعالي وَإِن خُصَّت بِها العَجَمُ

فَاِعلُ الوَرى بِمَساعٍ طالَما اِقتَحَمَت

إِلى العُلى غَمَراتٍ لَيسَ تُقتَحَمُ

وَاِسمَع لِحاكِمَةٍ في القَلبِ مُحكَمَةٍ

لَم يَستَمِع مِن زُهَيرٍ مِثلَها هَرِمُ

وَإِنَّني لَجَديرٌ أَن أَطولَ إِذا

أَصبَحتُ مُهدِيَ تاجٍ دُرُّهُ الكَلِمُ

قَولٌ يُجاوِزُ غاياتِ البَهاءِ فَما

تَزيدُ في حُسنِهِ الأَوتارُ وَالنَغَمُ

صَعبُ القِيادِ إِذا أَرعَيتَهُ أُذُناً

عَلِمتَ أَنّي لِسانٌ وَالزَمانُ فَمُ

وَأَيُّما بُغيَةٍ تَنأى عَلى أَمَلي

وَذا المَقامُ إِلى ما أَبتَغي لَقَمُ

أَيّامُنا بِكَ أَعيادٌ وَأَشهُرُنا

مِن كَثرَةِ الأَمنِ فيها أَشهُرٌ حُرُمُ

فَاللَهُ عَزَّ مُجيباً فيكَ مُستَمِعٌ

دُعاءَ مَن ضَمَّهُ في أَمنِكَ الحَرَمُ

لا خابَ فيكَ رَجاءُ المُسلِمينَ فَقَد

صَحَّت بِعِزِّكَ دُنياهُم وَدينُهُمُ

وَدامَ رَبعُكَ مَأهولاً وَلا بَرِحَت

وَقفاً عَلَيكَ كَما تَمَّت بِكَ النِعَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة