و كم مزَّقتُ أشعاري فأرجِعُ مثلَ جثمانٍ تطوفُ بهِ الخطى كسفينةٍ محطومةٍ ضلَّت بلا صاري و أذكرُ حينَ كنَّا بضعَ أطفالٍ نهيمُ من السُّهولِ إلى التِّلالِ، برائةٌ كتوهُّجِ النَّارِ و أرجع حاملاً قلمي، كطفلٍ يحملُ الطَّبشورَ لا أختٌ لهُ تأويهِ، يرسمُ في انتظارِ كمغتربٍ يذوقُ البردَ كأساً بعد كأسٍ في احتضارِ و همسٌ في جفونِ اللَّيلِ، بحَّ بهِ "صدىً هاري": "و ترجعُ في انكسارِ !! تجرُّ خُطاكَ، لا ألقٌ يذوبُ على شِفاكَ و لا "هوىً عاري" أترجعُ في بهوتٍ، في رُجوعٍ، تائهَ الدَّارِ أترجعُ في زقاقِ الحيِّ تنثرُ وجدكَ الرَّفرافَ أغنيةً كقيثارٍ بلا نغمٍ .. و أوتارِ" و كم مزَّقتُ أشعاري ... ألا أُختاهُ كيف أعودُ من سَفَرِي فحشرجةٌ من الظُّلماتِ تبخسُني و تدفعُ قلبيَ الذَّبلانَ قُرباناً إلى القَدَرِ "أترجعُ مرَّةً أخرى تلوذُ اللَّيلَ، لا سمَرٌ، و دخَّانٌ تزاحمَ في مدى النَّظَرِ أترجعُ مثلَ نجمٍ زارهُ الغَبَشُ ؟ فكانَ على لهيبِ الشَّمسِ ينتَعِشُ و لحدٌ في السَّماءِ الجونِ يفتَرِشُ أترجعُ في خطاكَ الذَّاوياتِ، سفينةً محطومةً ضلَّت بلا صاري" فلم يبكِ الفؤادُ سوى: "و كم مزَّقتُ أشعاري ..." ألا أختاهِ إن الشِّعرَ بحرٌ باتَ يُغرِقُني و ما من ساحلٍ ترسو عليهِ خرائبُ السُّفُنِ و صوتٌ منكِ يا أختاهُ يُدليني على بيتي، أكانَ هوَ السَّرابُ و سُكرَةُ الوَسَنِ ؟ ألا أختاهُ، لم ترأف بيَ الدِّنيا فعينيني و مدي لي القُلوعَ و إرفعي المرسى عسى أنسى سُعارَ أسايَ، ما أنساهُ، مثلَ سفينةٍ قَطَعَت ظلامَ اللَّيلِ، لم أَنَمِ فرحتُ أغوصُ في الظَّلماءِ أصرعُ رهبةَ العَدَمِ ألا أختاهُ إنَّ الشِّعرَ بعضُ الذَّنبِ و العارِ .. ......... لَكَمْ مزَّقتُ أشعاري ....... و أسمعُ همسةَ في الرِّيحِ، هل هو صوتُ أختي لو تناديني ! فأرفعُ حسرةً: "أختاهُ إن لم أبكِ، هذا الظلُّ يبكيني و ينثرُ كلَّ بيتٍ كنتُ أكتُبُهُ على الظُّلماتِ سِفراً و اغتراباً كان يرثيني مددتُ يديَّ، أجهشُ في البكاءِ على دواويني و دمعٌ قد تقطَّرَ فوقَ أوراقي فأُنبِتَتِ الدُّروبُ بها، و كلَّلها ظلامٌ في (الدَّرابينِ) فلا ثمرٌ لهذا الطِّفلِ، أغصانٌ بلا ورقٍ و لا ألقٌ على عيني أيعرفُ كلُّ من قرأوا دواويني ... بأنَّ الشِّعرَ عندي صوتُ مقبرةٍ يذيعُ على جفوني التَّيهَ، أرجعُ في هوانِ! مثلَ سفينةٍ محطومةٍ ضلَّت بلا صاري و كم يا من رَشَفتُم مُرَّ ديواني ..... ..... و كم مزَّقتُ أشعاري .....
إسمي مصطفى محسن الركابي، طالب للطب العام في جامعة الكوفة. عمري عشرون عاماً. بدأت الكتابة منذ ستة أعوام، و أصدرت ديواني النثري الأول في الشهر الرابع من هذا العام.
وِلِدتُّ في عائلة متخمة بالش