الديوان » عبد العالي لقدوعي » تحت ظل المنارة

 
(في وصف جامع الجزائر الأعظم )


يا دارَ هندٍ بالقِفارِ اِسْلَمي * وبِالحَيَا يمحُو الجَفافَ،اِنْعَمِي
ما زَالَ ذاكَ الرّملُ في حوشِها * يروي حديثَ العاشِقِ المُغْرَمِ
مازالَ فحمُ النّارِ كَالأمسِ،لمْ * ينْسَ صُراخَ الموقِدِ المُضْرَمِ
تلك الأثافي لمْ يزَلْ لونُها * مِنْ حَرِّ نَارٍ كالدّجى المُظْلِمِ
كانتْ هُنا هندٌ،وكان الهوى * يجري كماءِ العَيْنِ في الأعْظُمِ
وكانَ حُلْمًا أنْ أرى ظَبْيَتي * وَسْطَ الْخِبَا كَالْبدْرِ في الأنجُمِ
في عَينِها كُحْلٌ،ومِنْ شَعْرِها * ليلُ الهوى يشتاقُ للْمِعْصَمِ
والثّغْرُ فيهِ الدُّرُ،مِنهُ الشِّفَا * للصَبِّ،يُبْدي روعَةَ الْمَبْسِمِ
ما راعَني إلّا حديثٌ سَرَى * عَنْ شدِّ رحْلٍ في هجِيرٍ حَمِي
سَارُوا،وقلبي لَمْ يسِرْ خَلْفَهُمْ * والآنَ،في نَارِ الجَوَى يرْتَمِي
فَدَعْ هَواهَا،وانْجُ من نَارِهِ * وعُذْ بِمَنْ شَادَ السّمَا المُكْرِمِ
وصِلْ لَهُ،صَلِّ صلاةَ التُّقى * والْزَمْ صِفَاتِ العَابدِ المُسْلِمِ
كُنْ راكِعًا والنّاسَ في مسجِدٍ * أعظِمْ بِهذا المسجِدِ الأعْظَمِ!
مَنْ شَادَهُ يُجْزَى بِخَيْرِ الجَزَا * وجَلَّ ربُّ النّاسِ مِن مُنْعِمٍ
جزائرُ العِزِّ سَمَتْ لِلْعُلَى * ولِاسْمِهَا اِبْنٌ لَهَا يَنْتَمِي
ونِسْبَةٌ عَادَتْ لِخَيْرِ الوَرَى * مُحمّدٍ،يأوِي إلى جُرْهُمِ
منارَةٌ تَرْجُو عَنَانَ السّمَا * تُزْرِي بِنَسْرٍ والقَطَا الْحُوَّمِ
من فَوقِهَا يَعْلُو نِدَاءُ الذي * يَدْعُو لِجَمْعِ النّاسِ كَالْمَوْسِمِ
وكَيْفَ لا؟،قَدْ عُدَّ ذَا ثَالِثٌ * والحجُّ فِيهِ اِثْنَانِ،كالتّوْأَمِ
يَا حُسْنَ ذَاكَ الْبَهْوِ،إذْ يَحْتَفِي * بِالْفَنِّ،واِسْمِ الشّاعِرِ الْمُلْهَمِ!
فيُكْتَبُ النّصُّ أتَى حَالِمًا * على جِدَارٍ صَارَ كَالْمَرْسَمِ
يَا قُبّةً تَحْكِي مَثِيلاتِهَا * في(سُوفَ)،أو في قُدْسِنَا الأقْدَمِ
وَدَارُ عِلْمٍ،مَرْكَزٌ،مَتْحَفٌ * يَحْوِي تُرَاثًا عَزَّ لا الأعْجَمِي
والْكُتْبُ شَتَّى: صُنِّفَتْ،رُتِّبَتْ * لِذِي الْغِنَى يَتْلُو،ولِلْمُعْدَمِ
هُنَا دَواءُ الْجَهْلِ،يا طَالِبًا * يَبْحَثُ للْجُرْحِ عنِ المَرْهَمِ
وبَعْدَ هَذَا قَاعَةٌ رَحَّبَتْ * بِشَارِحٍ للدَّرْسِ والْمُفْهِمِ
جزائرُ الْعِزّةِ مِنْ شَأنِهَا * تَرْجُو الْعُلَى بَعْدَ سِنِي الْعَلْقَمِ
بَعْدَ الشِّتَا والْغَيْثِ تَصْحُو السَّمَا * والصُّبْحُ بَعْدَ الْحَالِكِ الْمُظْلِمِ
والْمَارِدُ الْجَبّارُ في صِحّةٍ * بَعْدَ اِحْتِبَاسٍ طَالَ في الْقُمْقُمِ
يَسْعَى إلى الْخَيْرِ،ويَرْجُو الْجَزَا * خَيْرٌ منَ الدّينَارِ والدّرْهَمِ
واللهُ فوقَ العَرْشِ كُلًّا يَرَى * والنّصرُ في قُرآنهِ الْمُحْكَمِ
مُقَيّدٌ بِالشّرْطِ (إنْ تَنْصُرُوا) * (ينْصُرْكُمُ)،فَافْهَمْ لَهَا،واعْلَمِ
يا ربِّ وفِّقْ مَنْ سَعَى جَاهِدًا * لِلْجَمْعِ،واكْسِرْ شَوْكَةَ الْمُجْرِمِ
بقلمي: عبد العالي لقدوعي،من الجزائر.


المنيعة، يوم 28 أكتوبر(تشرين الأوّل) 2018م.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد العالي لقدوعي

عبد العالي لقدوعي

4

قصيدة

شاعر جزائري يكتب القصيدة العمودية،ومسجل اسمه في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.

المزيد عن عبد العالي لقدوعي

أضف شرح او معلومة