أَرَدْتُ أَنْ أُحَلِّقَ بِكِ بَعيدًا عَنْ هذِهِ الأَرْضِ الحَقودِ
فَالنَّسيمُ لا يَنْبَغي لَهُ أَنْ يُكَدَّرَ بِأَنْفاسِ العَبيدِ
كُنْتُ أَخْشى أَنْ تَلْدَغَكِ أَفْعى إِنْ ذَهَبْتِ يَوْمًا لِقَطْفِ "الوُرودِ"
لَـمْ أَكُنْ أَراكِ واحِدَةً مِن النِّساءِ كَيْ تُلمَسَ
بِـجِماعٍ وَحَبَلٍ وَفِعْلٍ مِثْلِهِ مُدَنَّسٍ
كُنْتُ أَراكِ مَوْجودَةً كَيْ تُرْفَعَ وَتُقَدَّسَ!
فَكَأَنَّكِّ صَنَمٌ لَوْ عَلِمَ بِهِ النَّبِيُّ...
لَأَمَرَ "خالِدَ بْنَ الوَليدِ"....
فَلَهَوى بِالسَّيْفِ عَلَيْهِ
وَلَحَطَّمَ رَأْسَهُ وَفَتَّـتَ جَسَدَهُ
وَلَخَرَجَتْ مِنْهُ شَيْطانَةُ الجِنِّ
شَيْطانَةُ الجِنِّ الّتي كانَتْ تَسْكُنُ عَيْنَيْكِ
مُتَظاهِرَةً بِأَنَّهُ السِّحْرُ !
تِلْكَ الخَواطِرُ العَجيبَةُ
وَصورَتُكِ الغَربِيَّةُ
جَعَلَتْني أَغوصُ في كَتُبِ التَّاريخِ
فَقَرَأْتُها مُتَفَحِّصًا كَما يَتَفَحَّصُ البَشَرَ القادِمُ مِن الـمَرّيخِ
فَاكْتَشَفْتُ سِرَّكِ...
وَفُضِحَ لي أَمْرُكِ...
لَقَدْ أَخْطَأَ "فوكوياما" وَ "الـمَسيري" وَ "ماركس" وَغَيْرُهُمْ
فَأَنْتِ وَلَيْسَ غَيْرُكِ نِـهايَةُ التّاريخِ !
وَأَنْتِ زَنّوبِيا الَّتي كانَتْ تَسْكُنُ قُصورَ "تَدْمُرَ" القَديمَةِ
وَأَنْتِ كِلْيوبترا مِصْرِ الأَهْرامِ العَظيمَةِ
وَأَنْتِ بُثَيْنَةُ وَالثُّرَيّا
وَعَبْلَةُ وَلَيْلى
فَأَنْتِ الاسْمُ الجامِعُ لِلْمَرْأَةِ !
لكِنْ يا زَعيمَةَ العِشْقِ الماسونِيَّةَ
إِنْ خَدَعْتِ كُلَّ الإِنْسانِيَّةِ
فَلَنْ تَخْدَعيني أَنا
وَلا بُدَّ مِن يَوْمٍ تَتَوَحَّدُ فيهِ القَبائِلُ في صَحْراءِ قَلْبي لِتُعْلِنَ الثَّوْرَةَ عَلَيْكِ...
دَعيكِ مِن هذا الكَلامِ...
فَإِنَّ بي لَوْثَةَ الشُّعَراءِ وَجُنونَ العُشّاقِ
وَاسْمَعيني الآنَ:
إِنَّكِ تَعْلَمينَ أَنَّ عَرْبَ يَثْرِبَ...
قَدْ جاؤوني تاراتٍ عَلى خُيولٍ دِمَشْقِيَّةٍ
وَتاراتٍ عَلى جِمالٍ بَغْدادِيَّةٍ
وَتاراتٍ عَلى سُفُنٍ أَنْدَلُسِيَّةٍ يَشْدو لَـهُمْ زِرْيابُهُمْ بِقَصائِدِ الفَواجِعِ
وَكُلُّهُمْ يُرَدِّدُ وَراءَهُ: راجِعْ... راجِعْ..
قُلوبُـهُمْ عَلى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ
وَسُيوفُهُمْ عَلى حَدِّ سَيْفٍ واحِدٍ
لِيَـثْـنوني عَنْ كَشْفِ حَقيقَتِكِ
وَأَنَّ القَصائِدَ تَهْرُبُ مِنْ لِساني
كَطَيْرِ نَوْرَسٍ تُحَلقُ فَوْقَ جَبينِكِ الأَزْهَر
تَرْقُبُ يائِسَةً وَلَوْ لَـحْظةً واحِدَةً يَـتَـبَدَّدُ فيها الدُّجى عَنْ ثَغْرِكِ الأَنْوَر
فَأَخْبِريني إِذَنْ لِـماذا لَـمْ تُداعِبْ يَدُكِ البَيْضاءُ خَدِّيَ الأَسْـمَر؟
30
قصيدة