يا ويح نفسي:
يا ويح نفسي اذ خاب الرجا فيها تتأوه
لا من الحرمان بل آه من كل ما فيها
فلا غدٍ مأمول يعللها املاً و لا ما
قد جنت بالأمس يُسكنها و يغشيها
عزيز على النفس ان تسري منهكةً و اعز
عليها إن سكنت و قد خابت مساعيها
فهل بعد اليوم من ألم الصبابة لذة
و هل من سلوةٍ للنفس او مَن يواسيها
يا لائمي بالله تخبرني ما حل بالدار
فأني اشكوا للدار شجوي في أهاليها
بلغ سلامي فأهل الدار قد رحلوا
و ما زالت الدار تشجيني بأهليها
أفلت نجوم نفوسنا و لم يعد سوى
حماقات الصبى و للأجيال نرويها
تلك الديار التي عفت و تفرقت و قد
عهدنا قراح الماء جارٍ في سواقيها
ام بكت تلك الديار حزنا على الأهلين
و على مر العصور لذا جفت مآقيها
رحلوا و سكنت حمام الأيك و الورقا
يميد بها الغصن تندب من يسليها
قوموا حداداً على تلك الديار و أهلها
تقاسي الديار اسى و تشكو من يداويها
يا لهف نفسني و قد شح البنين لها إذا
قضت هل في الدار من يبكي و يرثيها
فلا العيش حلو المذاق تستجير به
و لا النفس تجرأ يوماً ان تبوح بما فيها
فإذا اسودت و إدلَهمَّ سوادها لا تكسر
الآمال فالنفس ترجو الخلد في آخر لياليها
عللها بمعسول الكلام و إن كان زائفاً
فالنفس تبني على طيب الكلام أمانيها
فكم صرحاً من خيال بنيناه تعللاً و
صرح الخيال أمسى كأفيونٍ يداويها
تلك حوادث الأيام صرحاً فانياً
عبثاً مقدرات لنا لتفنينا و نفنيها
أن الحياةَ كهذي الأرض ذات العرض
و رثناها لنعمرها و رب يوم فيه نفنيها
232
قصيدة