عدد الابيات : 37
نبض الجرحُ، فانصرم يا عامُ
أنهكتنا بمرِّها الأيامُ
كل عامٍ، وحالنا شرُّ حالٍ
والأماني التي نرجي حطامُ
نحن قومٌ نأبى الحياة بذلٍّ
لكنِ العزُّ بيننا مستضامُ
عاث في أرضنا أراذل قومٍ
شاب مما أتوا به الإسلامُ
يا بلادي، لك السلامُ، وإن جانبكِ
اليومَ أو جفاكِ السلامُ
إيهِ بغدادُ، تذكرين عهوداً
راق فيها الهوى، وطاب الهيامُ؟
ليلةَ ارتاحت الخواطر في حسنكِ
واهتاج في القلوب الضرامُ
ضاحكت دجلةُ السماءَ فللموج
اعتناقٌ بشطِّها وانسجامُ
يوم هام الزمان فيك وأبدى
حسراتِ المحبِّ ذا المستهامُ
وجهكِ الغضُّ باسمٌ، وبعينيك
توارى القصيد والإلهامُ
ما دهاه؟، فغاض منه جمالٌ
وعلاه من الشحوب لثامُ
آهِ بغدادُ، كم تئنِّين حزناً
تعبت من أنينكِ الأعوامُ
آهِ يا غادةً تخيرها الحسنُ
وهاضت فؤادَها الآلامُ
آهِ، ما أعذب اسم بغداد
لكن صداه شجىً وموتٌ زؤامُ!
ودمشقٌ... وأين مني دمشقٌ؟
أين أشواقنا التي لا تنامُ؟
أين عهدٌ لنا على سندس الغوطة
حين استفاقت الأكمامُ؟
يوم وافت، تفتَّح الزهر لما
لاح من ثغرها الحييِّ ابتسامُ
وتلاقت عيوننا فترامت
قصةٌ ما لمبتداها ختامُ
عقدت فوقنا الغصون أياديها
ظلالاً يفيء فيها الغرامُ
وشدت حولنا الطيور سروراً
وانتشت من حديثنا الأنسامُ
عجباً للنسيم، يحمل أنفاس
الخزامى ويستبيه الكلامُ
فتثنَّى الفتى الدمشقيُّ زهواً
ولوى عطفه الهوى والهيامُ
يا حبيبينِ، ضمَّ روحيهما الحبُّ
فغاب الخيال والأوهامُ
يا جناناً غفا بأفيائها العشق
وغنَّى الوداد فيها الحمَامُ
عصفت بغتةً رياح المنايا
فوق أفيائها وطاف الحِمامُ
وتعالى بها على زرقة الأفق
احمرارٌ، وماج فيها الظلامُ
سكتت، لا حسيس فيها... تُراها
خدعتنا بسحرها الأحلامُ؟
أيموت الهوى وتحيا الرزايا؟
لا ومن قدَّست علاه الأنامُ!
أنا أهوى دمشق، لا لست أرضى
ما يقول العذَّال واللوَّامُ
بردى في دمي جرى نبضاتٍ
وقصيدي نسيمه والغمامُ
أنا قلبي معلقٌ بجبالٍ
قصرت عن مرامها الأيامُ
أنا نفسي مجبولةٌ من ترابٍ
طيَّبته بالمكرمات الشآمُ
أنا روحي تهيم في غسق الليل
وهل غير قاسيون الهيامُ؟
دوِّ يا صوتي المجلجل كالرعد
تجلَّى وحان منه انهزامُ
دوِّ واعصف، ماتت ضمائر قومٍ
ودجا في سمائها الإظلامُ
خمسةٌ حصدها الهشيم، كفاكم
أوَما آن للحروب فطامُ؟
إن يطل عمر ذي الحروب، فصبراً
ليس بعد الحروب إلا السلامُ
20
قصيدة