الديوان » العصر الأندلسي » ابن زيدون » هي الشمس مغربها في الكلل

عدد الابيات : 52

طباعة

هِيَ الشَمسُ مَغرِبُها في الكِلَل

وَمَطلَعُها مِن جُيوبِ الحُلَل

وَغُصنٌ تَرَشَّفَ ماءَ الشَبابِ

ثَراهُ الهَوى وَجَناهُ الأَمَل

تَهادى لَطيفَةَ طَيِّ الوِشاحِ

وَتَرنو ضَعيفَةَ كَرِّ المُقَل

وَتَبرُزُ خَلفَ حِجابِ العَفافِ

وَتَسفِرُ تَحتَ نِقابِ الخَجَل

بَدَت في لِداتٍ كَزُهرِ النُجومِ

حِسانِ التَحَلّي مِلاحِ العَطَل

مَشَينَ يُهادينَ رَوضَ الرُبى

بِيانِعِ رَوضِ الصِبا المُقتَبَل

فَمِن قُضُبٍ تَتَثَنّى بِريحٍ

وَمِن قُضُبٍ تَتَثَنّى بِدَلّ

وَمِن زَهَراتٍ تُنَدّى بِمِسكٍ

وَمِن زَهَراتٍ تُنَدّى بِطَلّ

تَعاهَدَ صَوبُ العِهادِ الحِمى

وَلا زالَ مَربَعُها في مَلَل

مَرادٌ مِنَ الحُبِّ غَضُّ الجَنى

لَدَيهِ مِنَ الوَصلِ وِردٌ عَلَل

لَيالِيَ ما اِنفَكَّ يُهدي السُرورَ

حَبيبٌ سَرى وَرَقيبٌ غَفَل

زَمانٌ كَأَنَّ الفَتى المَسلَمِيَّ

تَكَنَّفَهُ عَدلُهُ فَاِعتَدَل

تَدارَكَ مِن حُكمِهِ أَن يُعيدَ

بِهِ عِزَّةَ الدينِ أَيّامَ ذَلّ

وَيوضِحَ رَسمَ التُقى إِذ عَفا

وَيُطلِعَ نَجمَ الهُدى إِذ أَفَل

حَمِدنا المُظَفَّرَ لَمّا رَأى

لِمَنصورِنا سيرَةً فَاِمتَثَل

مَليكٌ تَجَلّى لَهُ غُرَّةً

تَأَمَّلَها غِرَّةً تُهتَبَل

أَشَفُّ الوَرى في النُهى رُتبَةً

وَأَشهَرُهُم في المَعالي مَثَل

وَأَحرى الأَنامِ بِأَمرٍ وَنَهيٍ

وَأَدرى المُلوكِ بِعَقدٍ وَحَلّ

يَمانٍ لَهُ التاجُ مِن بَينِهِم

بِما أَورَثَ التُبَّعونَ الأُوَل

سَنامٌ مِنَ المَجدِ عالي الذُرا

يَظَلُّ العِدا مِنهُ تَحتَ الأَظَلّ

تَقَيَّلَ في المَهدِ ظِلَّ اللِواءَ

وَسيمَ النُهوضَ بِهِ فَاِستَقَلّ

وَنيطَت حَمائِلُهُ الوافِياتُ

مَكانَ تَمائِمِهِ فَاِحتَمَل

وَما بَلَّتِ البُردَ تِلكَ الدُمو

عُ إِلّا وَفي البُردِ لَيثٌ أَبَلّ

عَهِدنا المَكارِمَ فيهِ مَعاني

تُبَشِّرُنا فيهِ مِنها الجُمَل

تُرى بَعدَ بِشرٍ يُريكَ الغَمامَ

تَهَلَّلَ بارِقُهُ فَاِستَهَلّ

يُصَدِّقُ ما حَدَّثَتنا عَسى

بِهِ عَنهُ أَو أَنبَأتَنا لَعَلّ

فَما وَعَدَ الظَنُّ إِلّا وَفى

وَلا قالَتِ النَفسُ إِلّا فَعَل

فَلَقّى مُناوِئَهُ ما اِتَّقى

وَأَعطى مُؤَمِّلَهُ ما سَأَل

كَمِ اِستَوفَتِ الشُكرَ نَعماؤُهُ

فَأَقبَلَ يُنعِمُ مِن ذي قَبَل

غَمامٌ يُظِلُّ وَشَمسٌ تُنيرُ

وَبَحرٌ يَفيضُ وَسَيفٌ يُسَلّ

قَسيمُ المُحَيّا ضَحوكُ السَماحِ

لَطيفُ الحِوارِ أَديبُ الجَدَل

تُوَشّي البَلاغَةَ أَقلامُهُ

إِذا ما الضَميرُ عَلَيها أَمَلّ

بَيانٌ يُبَيِّنُ لِلسامِعي

نَ أَنَّ مِنَ السِحرِ ما يُستَحَلّ

أَلا هَل سَبيلٌ إِلى العَيبِ فيهِ

فَكَم عينَ مِن قَبلِهِ مَن كَمَل

لَئِن لَبِسَ المُلكَ رَحبَ المُلا

إِ فَاِختالَ مِنهُ بِذَيلٍ رَفَل

فَإِنَّ تَزَوُّدَهُ لِلمَعالي

وَإِنَّ تَأَهُّبَهُ لِلأَجَلّ

فَيا خَيرَ سُوّاسِ هَذي الأُمورِ

وَناسِكَ أَربابِ هَذي الدُوَل

وَليتَ الثُغورَ فَلَم تَعدُ أَن

رَأَبتَ الثَأى وَسَدَدتَ الخَلَل

سِواكَ إِذا قُلِّدَ الأَمرَ جارَ

وَغَيرُكَ إِن مُلِّكَ الفَيءَ غَلّ

حِمىً لا يَزالُ لِمَن حَلَّهُ

أَمانانِ مِن عَدَمٍ أَو وَجَل

فَأَنجُمُ دَهرِهُمُ سَعدَةٌ

وَشَمسُ زَمانِهِمُ في الحَمَل

أَبا بَكرٍ اِسمَع أَحاديثَ لَو

تُبَثُّ بِسَمعِ عَليلٍ أَبَلّ

سَأَشكُرُ أَنَّكَ أَعلَيتَني

بِأَحظى مَكانٍ وَأَدنى مَحَلّ

وَأَنّي إِن زُرتُ لَم تَحتَجِب

وَإِن طالَ بي مَجلِسٌ لَم تَمَلّ

تَبَسَّمتَ ثُمَّ ثَنَيتَ الوِسادَ

فَحَسبِيَ مِن خَطَرٍ ما أَجَلّ

فَلَو صافَحَ التِبرَ خَدّي لَهانَ

وَلَو كاثَرَ القَطرَ شُكري لَقَلّ

بِأَمثالِها يُستَرَقُّ الكَريمُ

إِذا مَطمَعٌ بِسِواهُ أَخَلّ

فَلا تَعدَمَنكَ المَساعي الَّتي

لِأُمِّ المُناويكَ فيها الهَبَل

فَأَنتَ الجَريءُ إِذا الشِبلُ هابَ

وَأَنتَ الدَليلُ إِذا النَجمُ ضَلّ

وَما اِبنُكَ إِلّا جِلاءُ العُيونِ

إِذا ناظِرٌ بِسِواهُ اِكتَحَل

رَبيبُ السِيادَةِ في حِجرِها

تُدِرُّ لَهُ ثَديَها إِذ حَفَل

تَمَكَّنَ يَتلوكَ في الصالِحاتِ

فَلَمّا تَفُتهُ وَلَمّا يَنَل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن زيدون

avatar

ابن زيدون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-zaydun@

159

قصيدة

7

الاقتباسات

1617

متابعين

أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب ابن زيدون، المخزومي الأندلسي، أبو الوليد. وزير كاتب شاعر، من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور (من ملوك الطوائف بالأندلس) فكان السفير ...

المزيد عن ابن زيدون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة