إن كنت مثلي حزينًا لا يستطيع سرد الغموم
لأن المعاجم ما عادت تصيخُ لأصداء الكلمة
وضاقت على الأفكارِ برحبها صدور المقلمة
لا تقسو على من حررته الحياة من ذهب السموم!
إن كنت مثلي مكسور القصيدة تحت أمطار الغيوم
تستعصي عليك المفردات ومقفلةٌ قواميس الهموم
أخفقت في فنّ الكتابة عن الله والحبّ والحكمة
وما رسمت في الكهوفِ صراع القلبِ المثلوم
لا تنقص حقّ من عرفوا أنفسهم في المرايا الحالمة
وأبحروا للهِ في رحم العواصف والأمواج المتلاطمة
لعل زوارقهم تأرجح أطفال الغدِ في سماء العلوم!
إن كنت مثلي فقير القولِ في دهاليز العتمة
بريشةِ شاعرٍ مجروحة، فقدت محابر القريحة،
فما عاد يقوى على غزل الأحرفِ أو نثر الهموم
بلا قدرة على دلوِّ الدلاء مهما استمطرته الرجوم
والنصُّ مختنقٌ في اكتئاب إبريق الروحِ المُهشّمة
بلا قافيةٍ تطيعك خيلها البريُّ في سهل الملحمة
لتشفي بمرهم الصدقِ أحاسيس اليتمِ السرمدي المكلوم
حيث تحتضر اللغة الفصيحة، في قلب الكائن المحروم
والوجودُ بلا ملائكة مجنحة، تنير الدروب الكالحة
والدهرُ قاسٍ مثل أبوةٍ لا يصدّ سطوتها ظهرٌ رؤوم!
تذكر أن البحر مدٌّ وجزر، وللصحارى تحنُّ الغيوم!
في جحيم الوجود المتربص عبر أحداق البومة
بلا مهارة تقتفي ما وراء قصة الحضارة المزعومة،
بلا ربة للوحي ما أنجبتها أساطيرُ الإغريق والروم،
تملي على أوراق البردي آلامنا الملغومة،
إزاء أحاجي أبي الهولِ ولعنة المومياء المشؤومة
تمنى النجاح بعفوٍ لمن يصرّ على قطف النجوم
وحيدًا بلا معينٍ في الغابة المظلمة
حيث تحطُّ الوطاويطُ على الصدر مثل الجاثوم
كيما تحتسي الدماء من كلّ كائن مهزوم!
62
قصيدة