الديوان » تيسير الحسينو » أُُنس عابر

عدد الابيات : 29

طباعة

هل هاجَرَ الشّعراءُ من مُتَرَبّعِ

أم هَل عرفتَ الأرضَ بعدَ تَوقُّعِ

يا دارَ من هَجَرَ الدّيارَ تكلَّمِي

أَمِنَ الحضارةِ والتّطوّرِ تَجزَعِي

أقوَت خِيامٌ والأمانُ نَزيلُها   

وعلى الأثافِي أُنسُها لَم يُقلَعِ

والنُّؤيُ يَغفُو والرّياحُ تَسُفُّهُ

كالطّفلِ دَاعَبَهُ الجليسُ بإصبَعِ

يا دارُ أنتِ اليومَ لستِ بِخيمةٍ

تبلَى وكلُّ حبالهَا لم تَنفَعِ

شِيدَت مَسَاكِنُكِ العِظَامُ بدقّةٍ

وتَطَاوَلَ البُنيانُ دونَ تَصدُّعِ

لكنَّ بُغضَ الإنسِ سوفَ يَقُضُّهُ

ويَدُكُّ كُلَّ مُشَيَّدٍ ومُرَبَّعِ

ويعيثُ في الدّنيا فساداً أينما

وَجَدَ المحبَّةَ تستقرُّ بمَوضِعِ

لم يبقَ من تلكَ الدّيارِ طويبَة

أو صخرة تبكي عليها أدمُعِي

يا دارُ في الأطلالِ أنسٌ عابِرٌ

غَدَتِ الطّلولُ هوامشاً في المَطلَعِ

وتغيَّرت تلكَ الدّيارُ وأهلُها

وعفَى الخرابُ رسومَها بِفَواجِعِ

مَن مُبلِغُ الأطلالَ أنَّ نسيمَها

فتَقَ الفؤادَ بعبرَةٍ ومَوَاجِعِ

وتراكَمَت ذِكرَى السّنين تَزاحُماً  ‍

 ترجو الحضورَ بقوَّةٍ وتَدَافُعِ

ولَئِن يَنَامَ المرءُ في بيدائه  

‍ ويعيشُ في الدّنيا بِفقرٍ مُدقِعِ

ويعافُ صحبةَ كُلّ مؤذٍ ضرَّهُ

بنِفَاقِ فِعلٍ مُلحَقٍ بِتَصنُّعِ

إلّا الأحبَّةَ لا غِنى عن قُربِهِم  

‍فالرّوحُ تَسعدُ عندهم بتجمُّعِ

خيرٌ له من نومِهِ مُتَنَعِّماً  ‍

 في أرضِ أغرابٍ جُفاةِ المنبَعِ

يتذمّرونَ منَ الفقيرِ وضَعفِهِ  ‍

وصَفُوهُ بالمتسوّلِ المُتسكّعِ

وإذا سَعَى في الأرضِ يطلبُ رِزقَه  

‍ليذبَّ عنهُ الذّلّ في مستنقعِ

قالوا ذليلٌ فليَمُت في ذُلِّهِ  ‍

صُبّوا عليهِ النّارَ دونَ تَوجُّعِ

وإذا تَفَانَى مُنهكاً في شُغلِهِ  ‍

حَسِبوهُ مملوكاً عديمَ المَنبَعِ

لا ينبغي أن يستريحَ سويعةً  ‍

فلِمثلِهِ كُتِبَ العذابُ لِيُصرَعِ

لا تلمسوهُ فإنّهُ جُرثُومَةٌ 

أذِقُوهُ مُرَّ العيشِ إن يترفَّعِ

ما كانَ إلَّا مَحضَ صُعلوكٍ فلا  ‍

تتساءَلوا عن عَيشِهِ المُرَوِّعِ

ما أنصفوا في وصفِهِ بِدناءَةٍ  

 كلُّ افتراءٍ عنه لا لم يُقنِعِ

لولا ظَلَامُ القاسِطِينَ لَمَا جَرى  

‍جَورٌ أشدُّ من انطلاقِ المدفَعِ

فهو القويُّ وإن تراهُ مُكَبّلاً  ‍

وهو الجوادُ وعوزهُ لم يَمنَعِ

ويُصارِعُ الأيّامَ دونَ تَهاونٍ  ‍

كم ذلّلَ العَقَباتِ دونَ مُنَازِعِ

مُتقلّداً شَرَفَ الحياةِ بجهدِهِ  ‍

 مُتجذِّرَاً في نشأةٍ وترعرُعِ  

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن تيسير الحسينو

تيسير الحسينو

16

قصيدة

كاتب وشاعر وباحث أكاديمي، أكتب في الشعر العربي الفصيح، وفي جميع أغراضه، أقوم بتوظيف تجربتي الذاتية في الحياة بما أكتبه من الشعر، ولي مشاركات في بعض الأندية العربية الخاصة بالشعر.

المزيد عن تيسير الحسينو

أضف شرح او معلومة