الديوان » صالح المنديل » اليمن ١٩٩٣

اليمن، خمر ١٩٩٣

 

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}

 

ابيت في صنعاء و السهم بين جوانحي

غائر في العمق لا يبرح و بالتأنيب بؤذيني

 

اطوف سيراً على الأقدام  بلا املٍ  و لست 

و ربكَ بحافلٍ  ان لم اجد سقفاً ليحميني

 

انا جئت من بغداد من بلد جَزَر الطغاة

جاروا  و عاثوا و لم تنصف ولا وازع ولا دينِ

 

هجرتها عندما ضاق الفضى و زاد الكرب

و مالي بها و لو سقف من الأنواء يأويني

 

فاذا الاراضي اقفرت و السماوات احجمت

و الغمائم هاجرت و الجياع تكثر بالملايينِ

 

فآمال الجموع تبخرت و الطموحات 

احبطت و الجموع تنزح كل يوم بالمئينِ

 

وما تصاريف النائبات  علينا حكراً  و كل 

مصاب عل مر الحادثات متبوع بلينِ

 

نائي عن الاهل و الاصحاب في بلدي

فلا مشفق اسامره و لا بها خلٌّ يناجيني

 

تسول  النفس ان المعالي دانٍ  قطوفها 

فقلت و هل من حادثات اليوم تثنيني؟   

 

احدق في محيا الناس عن عبثٍ لعلي

ارى اليوم من بغداد طيفاً بأخبار يوافيني

 

قتيل  الأماني و العلياء لن يهدأ لي بال

 فديار الشرق طاردة و ما وسعت لتأويني 

 

تسائلني النفس عن مغزى الوجد هنا

فلا فضل لمن لا يرتقي بالأصحاب و الأهلينِ

 

اصيح في وحشة  الظلماء من سقمي

لعل سفين من الابعاد يسمعني فينجيني 

 

فقد شردت في عرض الأبحار مركبتي

و ضل بها الربان إذ غرقت فيها دواويني 

 

اقول و الاسى مازال في الاضلاع يبرحني

هل بها من غائث يسمع نداءاتي و ينجيني

 

خشيت أن تخطف الأقدار راحلتي بكرى 

و ما رفّت على عليا المراتب يوماً جناحيني

 

فأن قضيت دون المكارم و العلى اقول 

للنائحات لله درها بما عساها اليوم ترثيني

 

لا  تُلقّني مكارم الاخلاق من شرف ما  نلته 

و آلام النوى في الأحشاء تقطعني و تؤذيني

 

أعاذلي كف الملامة و التقريع عني و 

شمر عن ذراعيك و هات الكأس و اسقيني

 

كأس المعالي الذي ما شربت زلاله 

يغريني و حال ردع النائبات بقسوة دوني

 

الا تراني في اواسط الصحراء اضمى فقد

جفت عروقي و ماتت من الهجر شراييني

 

يقول ابي من اين هذا الصبر جئت به هلا 

رجعت لي فالبعد الذي أضناك يضنيني

 

يقول من لي اذا حل القضاء و حانت  منيتي

ففي بعدك من ذا الذي بذاك اليوم ينعيني

 

تشوقت بالوجد بعد ان طوح النوى 

فلا مال ولا رتب عن الأهلين تغنيني

 

كالضيغم المطعون في ساحة الوغى

من ذا الذي هذا اليوم يدنو كي يداويني 

 

ابات و  لا تغمض لي الأجفان من ألمٍ

و عاذلي في سنة من نوم عاجز ان يداويني

 

إنا ظمآن في و هج الهجيرة و انت ترقبني

تصف لي الزلال  و  ما من رشفة فيها تسقيني 

 

هجرت الدار و الأهلين و الاصحاب ابغى

منقبةً تكاد بها المنية في كل يوم توافيني

 

هذي الديار ديار الله موحشة ولا انيس بها

شح بها الأصحاب و ما بها من خلٍ يواسيني

 

تسجع في على قبب المسجد مطوقة ورقاء

 عرفت  داء الصبابة ما زال هذا اليوم يشجيني

 

اراقب جموع الطير في الآفاق سابحة

طربت بجمعها و كانها جاءت تسليني

 

اين هي الاحلام في سنة النوم مني عسى

ان ارى منكم في الاحلام خيال به تكتحل عيني

 

يأست و اطلقت العنان لمهرتي بالصبر

و الأقدام على مر السنون و لا اختلت موازيني

 

عسى الاقدار تناسني و تهملني و تمهلني 

بعض  السنين لأسري طليقٌ الى نبع ليرويني

 

فلي نفس ابية ترنو الى العلياء مرتبةً 

سارت بها الأقدام  و ما ارتدت عناويني

 

حسبي الله ونعم به يرق لحال مغتربٍ

يفرّج عني و ليته من شقاء الدهر يشفيني

 

فأن اموت اكن شهيد السابغات في العلى 

و ان ظفرت فمحمود بين الناس و الأهلينِ

 

فتى يرفل زاهي بالفخار و في النهى و له

يد بيضاء تسدى النصيحة و الندى للأكرمينِ

 

اقول ويسعر لهيب الشوق في كبدي

باذن الله في قادم الايام القاكم و تلقوني

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صالح المنديل

صالح المنديل

202

قصيدة

طبيب و شاعر منذ ١٩٨٢

المزيد عن صالح المنديل

أضف شرح او معلومة