أين اختفيتِ يا فتاة؟
غبتِ كثيرًا عن فضائي
وبحثتُ عنكِ آلافًا من السنوات
أطاردُ طيفكِ الشفيف المائي
أميالاً من المسافات،
أعاصيرًا من الآهات
وأقتفي آثارك في بحر دمائي
وأفتشُ عنكِ ثقوب الكونِ
أنقـّبُ عنكِ في جيوب المجرات
هل كان عدلاً غيابك القاسي؛
ونحن ما التقينا قبل ارتحالكِ
ما عانقتكِ أنفاسي
من عمرنا المهدورِ
في اجترار المآسي
غير بضعٍ من اللحظات؟!
أين اختفيتِ يا فتاة؟
ما أوحش الدنيا بعدك وفضائي
عارٍ من الأقمار والنجمات
كونٌ جحيميٌّ كأن أحشائي
مستنقعٌ تتكاثرُ فيه الظلمات
وكلُّ ما حوليَّ مسمومٌ وعدائي
وكلُّ أياميَّ ليلٌ طويلٌ
لا تعكّرهُ شمسُ النهارات
فأذكرُ لقيانا وأذكرُ عطفكِ
فتنسلُّ من جراح أجفاني
أنهارٌ من الدمعات
فأظلمُ حزنًا وأورقُ شوكًا
وتسقطُ من زهرتي البتلات
وأذكرُ كيف أضأتني
ذات زمنٍ مضى
بأنجمِ البسمات!
أين اختفيت يا فتاة؟
وهل التقينا حقيقة
أم أنتِ حلمٌ من سبات
ما أكثر الأوهامَ في شيخوختي
وأنا كسيرٌ؛ بقايا من فتات
أهذي باسمكِ ويغزو خاطري
ما بين ركعاتِ الصلاة
وسرابكِ مثل الغرانيق العلى
يسرقُ راحتي من مقابر الساعات؛
كإثمٍ يطاردُ الحجيجَ
ما بين مكة والحجاز!
هل التقينا حقيقة في هذه الحياة؟!
هل كان لي في هواكِ حقُّ الامتياز،
أم أنتِ شيءٌ من مجازٍ لم يجاز؟!
غبتِ طويلاً كما لو فرقنا الممات
لا تعتبي… لا تعذلي
منذ الكهولةِ
تختلطُ الأكاذيب بالذكريات
ضاع المؤنث بعدك
والتاءُ منصوبةٌ
كالقبر في لفظ الحياة!