وحلمتُ بكِ تهرولين بساحٍ تغزوهُ قطعان الذئاب
تلوذين بي من الأذى؛ كأن الهوى ما ضاع سدى!
كأنْ لم يعد ما بيننا ألفُ سكينٍ وألف حجاب!
أوقدتُ لكِ من النار موقداً فهل وجدت على النار هدى؟
وأمام حسنكِ تشتعلُ الأضالع كأنها يابس الأخشاب!
قلتُ آوي لناري وامكثي ها هنا؛
لأحرسكِ من المخالب والأنياب
النار حصنٌ لنا... والدفء دفؤكِ وأنتِ المنى
وإني أحارب دونكِ يا امرأة من سراب
فهمستِ ألا أطيل الغياب!
همستِ ألا أطيل الغياب...
ولو كان أمري بيدي لأوقفتُ ساعات التراب
وجلستُ في أحضانكِ حكايةً للهوى
تعجن خبز الحنين حتى قيام يوم الحساب؛
تحتسي خمر الوصل هاربةً من شبح النوى
ولو جفّ كأسكِ ما أبقيتُ منكِ حتى الحباب!
كان قربكِ الأشهى قاسياً على قلبي المذاب
يجرحُ كأدمع الأحرف في مراثي الأحباب،
كمثل العويل والدجى في قصائد السيَّاب؛
كمثل مخاضٍ بلا صبيحة... كأقسى عذاب!
يا غيمتي الوحيدة في صحارى اليباب
صلي عليَّ إنني ميتُ ها هنا
وأذيبي بالدمعِ كحل الأهداب!
قلتِ: "لا تنسى من تكون"،
وأقبلت قطعان الذئاب
قلتِ: "ألا أُطيلَ الغياب"...
قلتِ: "ألا أُطيلَ الغياب"...
قبلتكِ من الخِيفة خفيةً عن أعين الورى
على خدّكِ في الجهة اليمنى،
رسمتُ آثاري بزفرة حرى
وقبلتُ منكِ الجبين قداسةً لما مضى وانطفى
فأضأت مثل السَّنا؛
كبارقٍ من قطن السحاب!
قلتِ: "لا تنسى من تكون،
فتسبقك قطعان الذئاب"؛
قلتِ: "لا تنسى من تكون"؛
ولكني نسيتُ إذ أطلت الغياب
... أطلت الغياب!