حدقتُ في المرآة ابصر و جهي و سألت
نفسي هلا رأيت في محياي شيء لا يعابُ
كأن خراب الدهر و الأيام تفتك كل يوم
و اعلم بأن الدهر و الأيام شيمتها الخرابُ
كل ما فوق البسيطة من احياء تسري
مصدرهُ ترابٌ و حتما إن موردها الترابُ
أتو بيَّ معصّب العينين ما خُيّرتُ يوما
و لمَ كل ذاك يا ليت شعري ما الجوابُ
كيف جئنا و لماذا و ماذا نحن صانعون
و ها انا ذا فهل تجدي الملامة و العتابُ
مشيت بها ستون حجةَ بالحوادث مترعات
فلا شغف بها و لا ولع و لا طعام يستطابُ
كأني اودع الدنيا اذ تعبت بها و أوفيت
حقها و اعنت المستعين و اكتمل النصابُ
اذا نضج المرأ و استنارت الجوارح منه
يرى الحادثات عارية عنها مرفوع الحجابُ
تمر السنون مسرعة كلمع البرق ما أثر لها
و الآمال فيها مواعيد عرقوب فهي سرابُ
مطامعها كثر و نلهث وراء المزيد منها
نتهاوش بها كما تهارشت عل الجيف الكلابُ
سرت و الخوف معاً بأقطار البلاد و عرضها
فسقتني حيناً عذبها و في كل منعطف عذابُ
نأوب بالأموال و المكاسب و المراتب ثم
نُفنى ثم نُنسى مثلما يُذرّى في الريح الترابُ
فيها نشقى و نمرض و نقاسي فقرا و فراق
و بعد رحيل العمر صليٌ ينتظرنا و عقابُ
كسبتُ بالسعي و بنيت ثم شيدت القباب
و لم ارى فيها مثل النُبلِ كسب و اكتسابُ
حتى خبت جذوة النار بصدري بعد حين
يجف وقود الصدر و الاحلام تقتلها الصعابُ
ودع الامال بعد اليوم لا ترجوا مسرةً فقد
على الشيب على الفودين و انطفأ الشهابُ
فما الحياة الا فرصة فيها صفحات الحوادث
صحائف و في الاجل المحتوم يطويها الكتابُ
فلا تبتأس عند اشتداد الكرب يوم خطيئة
ما دام سرورٌ و لا فتىً بالكون دام له نصابُ
انها يا صاحبي دار من كرب و بلوى كأن
لا نصيب لنا فيها سوى الكآبة و الصعابُ
و لكن داوها بالعرفان ثم طيب التداول
فأن احسنت لهم تدين لامرك منه الرقابُ
229
قصيدة