اخْتِراق

 

تَأتينَ مِنَ البَحرِ

كالغُيومِ المُتمرِّدةِ،

وتَحملينَ بينَ يديكِ كلَّ الأنواءِ،

فتُثقلينَ الأرضَ وقلبي

بِتَردُّدِكِ وعبثيَّتِكِ.

تتجاذبُني سنابلُ القمحِ

في السهولِ المتراميةِ،

وتُحاصرنُي لِحاظُكِ

كغُربانِ الزَرعِ.

كِدْتُّ أنوءُ بحُضورِكِ

فلا تُحاولي إقناعي

بأنَّكِ تُحبينَني،

فلقدْ أخبرَتني طَلاسمُ المَدِّ عنكِ،

وكلُّ السَحَرةِ الَّذِين جَنَّدْتِ

لَنْ يأتَمروا بي بعدَ الآن،

فلقد باعوا أَنفسَهمْ للفضيحةِ.

              *****

كانَ عليكِ أنْ تَتوقَّعي الاختناقَ

مُنذُ وهبْتِ نفسَكِ للدُخان،

فلَنْ يكونَ بمقدورِ أحدٍ إنقاذُكِْ.

لا تَحتجِّي على الحَياةِ

وأنتِ تَصنعينَ الموتَ،

وحَبَّذا لوْ تَعلَّمتِ مِنَ الفراشاتِ

كيفَ تَتلذَّذُ بالضوءِ

وهي تَتلاشى في النَارِ.

      *****

هل قُلتُ أَنِّي أكرهُكِ،

وأنَِّي لَمْ أَعُدْ أُطيقُ

مُروركِ في مُخيِّلَتي؟

أَنظرُ عبرَ الضوءِ،

فأراكِ تَجثُمينَ في قلبي

ثقيلةً كالعُزلةِ،

وكجُذْوةٍ من الحُضورِ اللامُتناهي،

فلا أستطيعُ انتزاعَكِ

أو احتواءكِ.

تَتدفقينَ في شراييني

كحبَّاتِ البَرَدِ،

وأستسلمُ أمامكِ

كنَسْرٍ يُسَاقُ إلى المِقْصلةِ

مُحاولاً أَنْ يجعلَ مِنْ لحظةِ الموتِ

طَلْقةً مِنَ الحُبِّ.

      *****

لا شيءَ عندي لأُخْفيهِ عَنكِ،

فأنا مُخترَقٌ بكِ،

وأنفاسُكِ تَغتالُ جَميعَ أعضائي

فتتمدَّدُ أحزاني أمامَ عينيكِ

طريَّةً كأوراقِ الزيتونِ.

أيُّ جبالٍ كوَّنتْ مشاعرَكِ!!

أهُرمُ بينَ يديكِ،

وأُحِسُّ أَنْ لا شيءَ يفصلُني

عن الموتِ إلا كلمةً واحدةً مِنكِ.

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شاهر إبراهيم ذيب

شاهر إبراهيم ذيب

117

قصيدة

طبيب استشاري أمراض جلدية وشاعر. ولد في بصرى الشام عام 1961، ودرس وأنهى فيها المرحلة الثانوية ثم التحق بكلية الطب البشري بجامعة دمشق وتخرج منها عام 1985. أثناء خدمته العسكرية الإلزامية تحصل

المزيد عن شاهر إبراهيم ذيب

أضف شرح او معلومة