عدد الابيات : 30
اذا كنتَ ذو حظٍ عظيمٍ وقاكَ اللهُ
من نائباتِ الدَهرْ و الدهرُ غادرُ
لا يملُكُ ابن آدمَ من عمرهِ سوى
يومَهُ و ما ذاكَ إلّا طيفٌ سريعٌ عابرُ
تتخطَفُه الأحداث مِنْ كلِ جانبٍ
برقٌ في غمامِ المزنِ و المزنُ سائرُ
تفاوتَ الفتيانُ في الدُنيا نصيبهم
بين جزوعٌ على النائباتِ و صابرُ
و ما هي إلا بلاء تترصدنا الحادثاتُ
وما نَصيبُ منَ الحظِ و الحظُ جائرُ
فهذا غني و ذا فقير و ذاكَ ذو علمٍ
أو أخو جهالةَ لهُ اللذّات ليسَ البصائرُ
إذا أصابتهُ النائباتُ يَسلو بعد برهة
و إنها لِذي الألبابْ جرحٌ و غائرُ
فَما لذَّةٌ تبقى مثلُ ريعانُ الصبى و ما
حلمٌ كأيامِِ الكهولةِ و نُضجُ الضمائرُ
يزولُ بريق العين إذا ولى الشباب و
رصعتنا الحوادثُ و دارتْ علينا الدوائرُ
أرى الناسَ بَعدَ خمسينهمُ حطاماً
أشلاء تمشي أو بقايا العصور الغوابرُ
ضرَّستهم حادثات الدهر و منها بهمُ
ندوبُ الحوافرُ أو خدوش الأظافرُ
مضى زمانُ اللهوُ يأسفني لا عودٌ لهُ
و زمان الحب ُو الودُ ولّى فهوَ داثرُ
لا يفلحُ المرء في بيعٍ و شراء ما لم
يجيدُ معَ بعضِ الناسَ شدُ الأواصرُ
يغنيكَ نُبُل الأداب عن علمِ عالمٍ
إن جمعتَ بينهما تُخَلدُكَ المآثرُ
سقى اللهُ مَن جَدّ فيها و صانَ عرضهُ
فمن سواهُ في سباق المجدِ عُدَ خاسرُ
مَنْ هوى مِنَ العَلياء تُهدر مناقبهُ
فهذا شأن الدهر و الدهرُ جائرُ
اخو العليا مَن اشتدت عَزائمَهُ
سديدْ الرأي إذ هو حازمٌ فمُحاذِرُ
فما الدُنيا إلا ميدانُ سبقٌ لأنفس
ذي عزيمةٍ تَزاحُمْ في نيل المفاخِرُ
خيرُ صديقُ سديدُ الرأي حازمٌ
إذ لقيتهُ في كُلِ النائبات مؤازرُ
لي من الأخوانِ من هوَ نُعمى عيني
جبينهُ الوضّاحٌ و الوجهُ كالبدر زاهرُ
خذ المشورة قبل الرد مَن حاضرٍ
و لا تبادرُ الضرغامَ إذ هوَ ثائرُ
الثورةُ في صدرِ الرجال لهيبٌ
يحرقُ ما يتلوه أو هو بركانٌ غامرُ
جربتُ في المهجرِ أنواع الحوادث
و لي في كلِّ أرضٍ صحبةٌ و معاشرُ
الناس في كُل أرضٍ معشَرُ آدم
و الطيبيينُ بها للطيبين معاشِرُ
الناس همَّ الناس في كل منزلٍ
و الكلُ ناهلٌ رزقهُ منها ثمَّ يُغادرُ
لكلِ نَفسٍ ما كَسَبَتْ في سَعيَها
و خيرُ السعيٍ هوَ بناء المفاخرُ
لا تأبه بما يبطنُ الإنسانُ في نفسهُ
و إلا فالمتاعبُ جمةٌ و بها تبدو
النفوسُ مريضةٌ أو شرُّها يتطايرُ
ما عليكَ بالحكمِ إلا بالأمور الظواهرُ
لكَ الدهر في المالِ شريكٌ غيرَ ظاهرٍ
فإنكَ تَشقى و تجني و الليالي تُشاطرُ
232
قصيدة