أعيدي جناحي
أعيدي ليَ الخارطةْ
لكي تَخْلُصِي من هديلِ المساءْ
ومن زقزقاتِ التمَرُّدِ وقتَ الصباحِ
لكي يرحلَ الطيرُ لا بُدَّ من واسِطةْ
لكي تخـلُصِي من صياحي
أعيدي عيوني
أعيدي ليَ الرِّيشَ والخارطةْ
أعيدي ليَ العُمْـرَ بالعامِ والشّـهْـرِ
واللحظةِ الساقِطةْ
أعيدي ليَ الرّوحَ كي تخلُصي مِن رياحي
سئمتُ البقاءَ على أرضِكِ القاحِلةْ
لماذا أنا ها هنا دائمَ الإنْتِظارْ؟
وقد مرّتْ القافِلةْ
وذي أنتِ منذُ التَقَيْنا على البحرِ
هل تذكرينْ؟
وفي داخلي داخِـلةْ
وها أنتِ منذُ ارتَحَلْنا عن البحْرِ
عن ساحِلي راحِـلةْ
وقد مرّتِ القافـِلةْ
أَضَعْـنا الكثيرَ من الواجباتِ
وعُـدْنا نُباهي المُصَلِّينَ بالنافِلةْ
وهذا أنا رغمَ هذا الصّـعـودْ
أُعاني من الصِحّةِ النازِلةْ
ومن طيبتي حدَّ حدِّ الغباءْ
ومن رِقَّتي والنقاءْ
ومِنْ هَـيْئَتي العاقِـلةْ
بماذا أُداوي أنا طِـيـبَتِي يا جنوبْ
وأقضي على صَحْوَتي الغافِـلةْ؟
بماذا أُداوي جِراحاتِكِ القاتِـلةْ؟
بماذا سأضْبِطُ وقتي؟
بماذا؟
وفي عالمي ساعةٌ عاطِلةْ
إذا كنتِ حقّاً
تريدينَ أنْ تَخْلُصي مِنْ صِياحي
أُريدُ الرّحيلْ
وأعْـرِفُ أنّ الطريقَ الذي
سوفَ أمشيهِ وحدي طويلْ
أُحِبُّكِ طبْعاً
ولا تسأليني دليلاً
أنا ليسَ عندي دليلْ
ولكنّني حينَ أحسَسْتُ بالحُبِّ يجري بقلبي
كأمْيالِ ساعةْ
كخُـطْواتِ مِيلٍ,كَدَقّاتِ ميلْ
قليلاً قليلاً قليلاً قليلْ
أرَدْتُ الرّحيلْ
لأغفو قليلاً
لأنسى قليلاً
لأجْـني من العُمْـرِ شيئاً ضئيلْ
أضَعْتُ الكثيرَ الكثيرَ انْكِـساراً
وصَمْتاً لهُ في حقولِ النّدامى صَهِيلْ
ودَمْعاً على كلِّ جُرْفْ
وفي كلِّ عَصْـفْ
ومن كلِّ حَرْفْ
على طولِ دربي يسيلْ
ستأتي تِباعاً
حروفُ اسْـمِكِ الشاعريِّ الجميلْ
رأيتُكِ أمْراً بعيدَ المَنالِ وضرباً مِنَ المُسْـتحيلْ
نـسيتُكِ؟ كلاّ وكلاّ لِنِسْـيانِكِ المُسْـتحيلْ
أنا الآنَ مِثْلُ الغريبِ الذي ضاقَ فيهِ السّبيلْ
جَنُوبيّةٌ هذهِ عَبْرَتي
عــلى دِجْلَتي
فـلا تَمْنَحيها المِزاجَ الثَّقِـيلْ
رأيْتُ الشوارِعَ تبكي على غُرْبتي
يُبادِلُها القلبُ ذاتَ الشعورِ النبيلْ
أرقَّ المواويلِ كانتْ تهُزُّ جذوعَ النخيلْ
سَئِمْتُ انتظاري الطويلْ
ينابيعُ ماءِ التلاقي تَلاشَتْ وماتتْ حقولُ النَّخيلْ
نَسِيتُكِ؟ كلاّ وكلاّ لنِسْـيانِكِ المُستحيلْ
وهذا فؤادي أتى من بعيدْ
وعادَتْ لهُ سَكْرَةٌ مِنْ جديدْ
لكَ اللهُ قلبي كِبارٌ جِراحي
وأكبرُ مِنّي ومِنكِ الصَّدَى مِن كِفاحي
إذا كنتِ حقاًّ تُريدينني أنْ أُداوي جِراحي
52
قصيدة