الديوان » لبنان » إبراهيم المنذر » ماذا المصاب الذي اهتزت له الأمم

عدد الابيات : 38

طباعة

ماذا المصاب الذي اهتزّت له الأمم

وغاب فيه الضّيا فاشتدّت الظّلم

ماذا المصاب الذّي أصمى القلوب

أسى وضاق في وقعه عن وصفه الكلم

هل دكّ طود من المعالي بعد منعته

أم هل قضى العالم العلاّمة العلم

أجل هوى من مراقي مجدنا رجلٌ

يحفّه  الحزم  والإقدام والعظم

قضى الأمام الفريد الجهبذ النّبه

السّامي  الخلال الأبيّ النّاقد الفهم

قضى أبو اللّغة الفصحى وسيّدها

واعتلّت  الأرض لمّا مضّه السّقم

ساروا  به من حمى مطريّة سحراً

بموكب فيه أرباب العلى التأموا

أمامه العلماء الغرّ مطرقةٌ حزناً

وفي  كلّ  قلبٍ منهم ضرم

وعمدة الجاه والمجد الرّفيع

بدت مع الجموع بفرط الغمّ تتسم

وخيرة  السّادة الأعلام سائرةٌ

بين الوفود كموج اليمّ تلتطم

حتّى  أتوا جدثاً ألقى المهابة في

القلوب فأرفضّ من تلك العيون دم

هناك الحد شيخ العلم بل دفنوا

من في رداه عرى الآداب تلتحم

هناك أودع والجمهور عاد وفي

الأحشاء  حرّ لظى الأشجان يضطرم

وراح  كلّ ينادي بين رفقته

وأحر  قلباه ممّن قلبه شبم

المجد  في أمةٍ أحيا معالمها

تدوم  من بعده ما دامت الأمم

يراعةٌ  كم نفت عن مخطئٍ

زللاً  وأيدت خير آيٍ كلها حكم

ذوو  المعارف من تيّاره اغترفوا

وحول مورده الصّافي قد ازدحموا

كم  بات يجلو الخطوب السّود ثائرةً

تخرصاً  وافتراء وهو يبتسم

سنّ  القواعد والألفاظ هذّبها

حتّى غدت عنده الكتاب تحتكم

وأصبحت لغة الأعراب ناطقةً

بفضله ليس يعرو وجهها وصم

لله أبناء ذاك اليازجي لهم في

كل  ثغرٍ جميلٌ ليس يكتتم

بل  ليس يجحده إلا أخو خرسٍ

وليس يخفيه إلا من به صمم

لو قيل من بلسان العرب فاق على

لصاح كلّ أمريءٍ فخر الأنام هم

اليازجيون  خير النّاطقين بها

وقد  أقرت بذاك العرب والعجم

تقصفت تلكم الأغصان كلّ أخٍ

في إثر من سار من أهليه يلتحم

حتّى تأثر إبراهيم إخوته شوقاً

إليهم  فأمسينا  ولا حكم

ومن  يغادر فراغاً ليس يملأه

سواه فهو العظيم المفرد العلم

شلّت  يد الموت كم أودت بجوهرةٍ

كانت بسلك رجال العلم تنتظم

نرى الفتى كاتباً يحيي لياليه

درساً  ويقتله في درسه السّقم

ماذا  يرجى وطرف الموت يرمقه

وفوق  جبهته يمناه ترتسم

يعيش ما بين أوصابٍ وضيق يدٍ

وبؤس  عيشٍ وفي أحشائه ألم

يعلّل النفّس طوراً بالغنى عبثاً

وتارةً  بحبال المجد يعتصم

حتّى  يلمّ به داء فيعقده عن

سعيه ويضيع الرّشد والحلم

يرتدّ  من أسف عنه ومن ندمٍ

في حين لا أسف يجدي ولا ندم

بالله أيتها النفس الكبيرة ما ترجين

بعد  الّذي  تفنى به الهمم

لم  يبق  إلا حياة الذكّر وا

عجباً  لطلسمٍ عنده أهل الحجى وجموا

فخير  قولٍ  بإكرامٍ نردده

وما  به  هذه المرثاة نختتم

على  الفقيد سلامٌ من أحبته

ما  أنشقّ صدر كتاب أو جرى قلم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن إبراهيم المنذر

avatar

إبراهيم المنذر

لبنان

poet-Ibrahim-Al-Mundhir@

115

قصيدة

5

الاقتباسات

4

متابعين

إبراهيم بن ميخائيل بن منذر بن كمال أبي راجح، من بني المعلوف المتصل نسبهم بالغساسنةولد في 257 يوليو 1875م. في بلدة بكفيا في لبنان وتُوفي فيها. علاّمة لغويّ، وشاعر، وصحفي، ...

المزيد عن إبراهيم المنذر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة