لاح بدر التم في وادي قبا
وعلى تلك الروابي غربا
ولسان الحال يشدو معرباً
كلما هبت نسيمات الصبا
هزني الشوق إليكم طرباً
ها أنا في بحر وجدي غارق
وفؤادي فيه سهم مارق
فإذا مر خيال طارق
وإذا لاح لعيني بارق
صحت من طول النوى وأحربا
في هواكم عاذل الحب عتا
ونحولي من جفاكم ثبتا
كم أناديكم وأشكو لمتى
يا أهيل الحي رقوا لفتى
في هواكم عقله قد سلبا
في سويداه التصابي اشتعلا
نار شوق وحشاه اشتعلا
ولكم مذ كنت طفلاً جذلا
صادق في الحب لا يلوي إلي
قول واش وعذول كذبا
عن هواكم أبداً لا أدبر
وعلى هجر أنكم لا أصبر
كم أناديكم وفيكم أحبر
ساكني نجد عسى أن تجبروا
من بسيف الهجر منكم ضرباً
بفؤادي ضرم البعد اتقد
وبلبل الصد طر في ما رقد
من لصب يده للوصل مد
قربوه من حماكم فلقد
فاز عبد من حماكم قربا
منكمو برق حياتي أو مضا
وكذا صبح مسراتي أضاً
فأجيروا كسرى ومنوا بالرضى
سادتي عيدوا لنا عيشاً مضي
وزمانا كان رطبا مخصبا
كان نشر الأنس في أسرارنا
بعد طي صح من أخبارنا
نحن والإخلاص في أفكارنا
لو أتيناكم على أبصارنا
كان سهلاً وعلينا وجباً
ارتجي منكم أحبائي اللقا
بعد ثوب صبري مزقا
صحت والشوق فؤادي أحرقا
صاحبي إن جئتما وادي النقا
ورات عيناً كما تلك الظبا
أذكراني عند أرباب الهوى
واذكرا ما ذقت من نار النوى
علني في قربهم أطفي الجوى
اطرحاني بين بانات اللوى
واسألا عن عرب ذياك الخبا
أنا أدعى بالملا في صبهم
وفؤادي والع في سربهم
ورجائي أن أرى في قربهم
فغرامي زائد في حبهم
وفؤادي بسواهم ما صبا
أنا فرع ثابت من أصلهم
وحياتي ما صفت إلا بهم
صحت من شوقي لمرأى دارهم
حادي الأظغان زمزم باسمهم
وارو ليلي عنهم حديثاً طيباً
إن بعدي عن رباهم كلما
مهجتي والوجد في قلبي نما
وبهم أصبحت صبا مغرما
فإذا عاينت إعلام الحمى
ورات عيناك هاتيك الربا
وشهدت النور وضاح السنا
يتجلى بين روضات مني
وبه يجلي عن القلب العنا
فاحبس العيس بسفح المنحنا
والتمس ورداً به مستعذبا
ذلك السفح البهيج المخصب
وبه العيش الهني الطيب
لك ورد الإنس فيه يعذب
ولنا ثم به محجب
وهو عن أحبابه ما حجبا
خير من صلى وابتهل
وبه الغيث إلي الدنيا نزل
مرسل وافي إلى خير العمل
باسم الوجه سموح لم يزل
حسن الأخلاق من حال الصبا
أكرم الرسل عظيم فضله
جاء للإرشاد فينا قوله
وهو أذكى نسباً أن نسبا
شرف الدنيا بدين قيم
وحبانا منه أسمى أنعم
فهو ذو فضل جزيل أعظم
راحم القلب لكل مسلم
كافل الأيتام مأوى الغربا
يا حميداً في البرايا سيره
يا مجيداً جاء فينا أمره
يا ولياً وعلياً فخره
يا رفيعاً في الأنام ذكره
وعظيماً قدره ومحبتي
خصك الرحمن يا خير الأنام
بصلاة تتوالى وسلام
وكذا الأصحاب والآل الكرام
ماذكا من مد حتى مسك الختام
بأريج عم مشرقاً مغرباً
محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد السمان، أبو العزم، جمال الدين الحسيني الحنفي الحمودي.
باحث، شاعر أديب،عالم مسلم ومتصوف وكاتب وشعر سوري ولد في حماة سنة 1877م من أهل حماة.
تعلم ...