الديوان » جمال الدين عبد الهادي » طِينٌ نَفِيسٌ مِنْهُ أَنْفَسُ بَطْنُهُ

عدد الابيات : 78

طباعة

الـشَّـوْقُ إٍرْهَــابٌ طَـغَـى سِـكِّـينُهُ

والـيَـأْسُ  سَـفَّـاحُ الـقُـلُوبِ مُـعِـينُهُ

والبَّوْحُ في سِجْنِ الهَواجِسِ خَاضِعٌ

والـسَّـعْدُ أُزْهِـقَ بِـالأَسَى مَـيْمُونُهُ

وجْـهُ الـكَرَى قَـدْ شَوهَتْهُ وسَاوِسٌ

فـي غَـيْهَبٍ جَـوْنُ الـهُمُومِ دُجُـونُهُ

هِيَ عُصْبَةٌ في الصَّبْرِ أَثْخَنَ جُورُهَا

لَا نَــاصِـرٌ .. حَــتَّـى تَـــأَذَّنَ حِـيـنُـهُ

فَـلَّـتْ تَــرُدُّ الـبَـطْشَ عَـنْهُ سُـيُوفُهُ

وهَــوتْ مُـسِـنَّاتِ الـظُّهُورِ حُـصُونُهُ

ذَا  حَــالُ أُمٍّ قَــدْ مَـضَـى مَـحْـبُوبُهَا

لِـقَـضَـاءِ دَيْـــنٍ قَـــدْ قَــضَـاهُ دِيـنُـهُ

بُــلِـيَـتْ  بِــأَوْجَـاعٍ جَـهَـنَّـمُ دُونَــهَـا

دَهْــرًا تَـلُـوكُ الـقَـهْرَ لَـيْـسَ تُـلِـينُهُ

أمَــلًا تُـنَـاغِي فـي الـظَّلَامِ وُعَـيْدَهُ

بِــالأَوْبِ حِـيـنَ بِــهِ تَـراخَى سِـينُهُ

يَـحْـيَا عَـلَـى نَـفَسِ الـتَّرَقُّبِ قَـلْبُهَا

ويَـقِـيـنُـهَا قَــــدْ ضَـلَّـلَـتْـهُ ظُـنُـونُـهُ

ورَجَـاؤُهَـا قَـدْ تَـاهَ فـي وهْـمِ الـلِّقَا

 وقُـنُـوطُـهَا نَـحْـو الـضَّـيَاعِ ضَـمِـينُهُ

وحَـنِـيـنُهَا هَـيـهَـاتَ يَـنْـدَى دَمْـعُـهُ

قَــدْ جَـفَّ مِـنْ بَـعْدِ الإِيَـاسِ مَـعِينُهُ

شُـلَّـتْ هُـلُـوعًا حِـيـنَ دَوى بَـابُـهَا

وتَـنَـشَّـطَتْ أَنْ فَــاحَ مِـنْـهُ جَـبِـينُهُ

فَـتَـحَتْ تَـظُـنُّ بِـأَنَّـهُ طَـرْقُ الـمُنَى

لَـمْ تَـدْرِ "كُـنْ" بِـالبَابِ تَـطْرُقُ نُونُهُ

لِـتَـرَى عَـلَـى رُتَـبِ الـمَهَابَةِ أَهْـيَبًا

يَـطْـفُوا  إِلَـيْهَا فـي ِالأَكُـفِّ سُـكُونُهُ

وعَـلَـيْـهِ  رَايَـــةُ مَـجْـدِهِ وشُـمُـوخُهُ

تَــارِيــخُــهُ  وقُـــرُوحُـــهُ ومَــنُــونُـهُ

رَنَّـــتْ  وأَنَّـــتْ أَنْ سَـخَـتْ أَقْــدَارُهُ

بِــبِــشَـارَةٍ فِــيـهَـا تَــقِــرُّ عُــيُـونُـهُ

رَجَّ الــفَــضَـا مِــنْـهَـا دَوِيُّ زَغَــــارِدٍ

غَـيْـبٌ أبِـشْـرٌ أَمْ شَـجًى مَـضْمُونُهُ

وخَـيَـالُـهُ خُــيَـلَاءَ يَــرْقَـى بَـاسِـمًـا

يُـلْـقِـي الـتَّـحِـيَّةَ لِــلْـودَاعِ يَـمِـيـنُهُ

َـخْـرًا  تُـعَـانِقُ زِيَّــهُ فــي صَـدْرِهَـا

وتَــشُـمُّ  نَـعْـلًا فَــاحَ مِـنْـهُ حَـنِـينُهُ

نَـعْـلٌ  عَـلَـيْهِ مِــنَ الـجِـنَانِ قَـتَامُهَا

يَـحْـكِي بِـمَـا دُكَّ الـخَنَى وحُـصُونُهُ

هَـمْـسًا  يُـخَـبِّرُهَا الـوِسَامُ بِـبَأْسِهِ

وبِــجَـأشِـهِ وبِــمَــا جَــنَـاهُ يَـقِـيـنُهُ

تَـنْـعَاهُ لَـكِـنْ لَـيْـسَ تَـأْسَـفُ مَـوْتَهُ

فَـبِـبَـطْنِهَا حُـبِـسَتْ لِــذَاكَ مُـتُـونُهُ

وبِـوضْـعِـهِ خَـتَـمَـتْ بِـعَـقْـدِ حَـيَـاتِهِ

"وقْـفٌ عَـلَى فَـرْضِ الجِهَادِ يَمِينُهُ"

فَـاشْتَدَّ يُقْسِمُ أَنْ سَيُمْضِي نَذْرَهَا

وبِــبِـرِّهَـا قَــــدْ طَـاوعَـتْـهُ حُــزُونُـهُ

فَـأَطَـاعَـهَا جَـــذِلًا وأَنْــجَـزَ وعْـدَهَـا

ووصَــاتُـهَـا نَــفَــذَتْ وبُــــرَّ يَـمِـيـنُهُ

وغَــدَا شِـهَـابًا فـي سَـمَاءِ كَـتَائِبٍ

إِبْـلِـيسُ لَــمْ تَـصْدُقْ عَـلَيْهِ ظُـنُونُهُ

لِـلَّـهِ دَرُّ الـقَـرْمِ بَــاتَ عَـلَـى حِـمَى

أَمْـــنِ  الـجَـزَائِـرِ بِـالـدِّمَـاءِ يَـصُـونُـهُ

والــدَّهْـرُ  يَـقْـصِـفُ بِـالـبَـلَاءِ ثُـغُـورَهُ

فَـيُـرِيـهِ  عَــزْمًـا والــدُّعـاءُ خَـدِيـنُـهُ

والـنَّـاسُ فـي يُـمْنِ الـنَّعِيمِ ويُـمْنُهُ

قَـــدْ بِـيـعَ صَـوْنًـا لِـلـسَّلَامِ ثَـمِـينُهُ

وسُـنُـونُـهُ أَلْــقَـتْ عَـلَـيْـهِ رَذِيـلَـهَـا

تَـبْـغِي لَــهُ شَـيْـنًا ولَـيْسَ تُـشِينُهُ

وخَـرِيـفُـهَـا مِــــنْ عُــمْـرِهِ مُـتَـنَـاثِرٌ

وشِـتَـاؤُهَـا مِـــنْ مُـقْـلَتَيْهِ هَـتُـونُهُ

ورَبِـيعُهَا مِـنْ مَـرْجِ سُتْرَتِهِ اكْتَسَى

و  بِـصَـيفِهَا قَـيْـضُ الـمَـقِيلِ حَـنِينُهُ

ونَــهَـارُهُ  مَــا كَــانَ يُـعْـتِقُ صُـبْـحَهُ

حَــتَّـى  سُــهـادًا تَـفْـتَدِيهِ جُـفُـونُهُ

ودُجَـــاهُ  لَــيْـسَ بِـمُـغْطِشٍ آفَـاقَـهُ

حَـتَّـى يَـكُـونَ مِـنَ الأَسَـى تَـلْوِينُهُ

وتَــــرَاهُ  إِنْ أَعْــيَـا تَــوسَّـدَ حِـــذْرَهُ

يَــقِـضَ الَــجـوارِحِ والـدَّهَـاءُ قَـرِيـنُهُ

عَـيْنٌ عَلَى الرَّشَاشِ تَحْرُسُ أُخْتَهَا

فــي خَـنْـدَقِ الأرْزَءِ شُــقَّ عَـرِيـنُهُ

وأَنِــيــسُـهُ سَـــجَّــادَةٌ وبِـجَـنْـبِـهَـا

وحْــيٌ  بِــهِ يُـنسَى لَـظَى وفُـتُونُهُ

وبِــصُــرَّةِ الأَسْــــرَارِ وارَى صُــــورَةً

هِـيَ بِـشْرُهُ وبِـهَا يَـفِيضُ شُـجُونُهُ

شَــوْقًـا لَــهَـا ولِـخُـبْـزِهَا وحَـنَـانِـهَا

و لِـضَـمَّةٍ فِـيـهَا الَـجـوى تَـسْـكِينُهُ

وشِــعَــارُهُ  جَــــوٌ لَــنَــا بَــــرٌ لَــنَــا

بَــحْــرٌ لَــنَــا ويَــــدُ الإِلَـــهِ تُـعِـيـنُهُ

غُـولُ الـخَوارِجِ قَـدْ فَـشَى طَـاعُونُهُ

وتَـعَـفَّنَتْ لِـلـشَّعْبِ مِـنْـهُ شُـؤُونُـهُ

لَـكِـنْ حَــواهُ الـطِـينُ فــي تِـرْيَـاقِهِ

وابْــتَـلَّ  مِـــنْ إِبَــرِ الـوِئَـامِ عَـفِـينُهُ

والـغُولُ غُـوِّرَ فـي الجُحُورِ مُضَعْضَعًا

وإِنْـهَارَ فـي الـعَشْرِ العِجَافِ مُجُونُهُ

واسْـتُـأْصِلَتْ  مِـنْ جِـذْرِهَا وبِـقَرْمِنَا

سُـحِـقَتْ وذُرَّتْ فـي الـفَنَاءِ قُـرُونُهُ

قَــــدْ ضَــافَــهُ فَــأَضَـافَـهُ بِـحَـفَـاوةٍ

بَــذْلاً  حَـشَـايَاهُ الـحِـسَانَ كَـمِـينُهُ

بِـمَـطَـارِفِ  الأَلْــغَـامِ كَـــرَّمَ جَـنْـبَـهُ

فَـأُرِيـحَ مِــنْ تَـعَبِ الـطَّرِيقِ جَـبينُهُ

وأمَــــــدَّهُ  بِــالــقَـاذِفَـاتِ نَــمَــارِقًـا

فَـغَـفَتْ عَـلَى نَـغَمِ الـهَلَاكِ عُـيُونُهُ

يُـهْـدِيـهِ عُـرْجُـونـاً جَــنَـاهُ مُـنَـحَّسٌ

فَــيَــخِـرُّ  يُــبْـهِـرُهُ حَــــلَاهُ ولِــيـنُـهُ

وغُـلَامُـهُ الـحَـتْفُ الـمُـحَتَّمُ خَـلْـفَهُ

يَـسْـقِي فَـتَصْفُوا لـلمُضَافِ ذُهُـونُهُ

وكَـرِيـمُنَا طُــورُ الـجَـلِيلِ شُـمُـوخُهُ

ثَــبْـتٌ ولَـــوْ شُـلَّـتْ بِــذَاكَ مُـتُـونُهُ

أَنْــظَـارُهُ  لِـلْـقُـدْسِ يَــأْمَـلُ فَـتْـحَـهُ

لِـيُـبِيدَ مَــنْ خَـلْـفَ الـجِدَارِ يُـهِينُهُ

ضَــــمُّ  الــعُـرُوبَـةِ هَــمُّــهُ وبِـظَـنِّـهِ

إدْغَــامَـهَـا  فــــي رَايَـــةٍ تَـمْـكِـينُهُ

يَــفْــدِي  لِآخِـــرِ شَـهْـقَـةٍ خِــلَّانَـهُ

لَـــوْ لَافِـــظٌ سِـــرَّ الــوُجُـودِ وتِـيـنُهُ

نَــــادَاهُ مَــقْـعَـدُهُ فَــطَــاعَ مُـهَـلِّـلًا

وتَــهَــلَّــلَـتْ  نِــيَــاتُــهُ وظُــنُــونُــهُ

فَـقَـضَـى وآخِــرُ عَـهْـدِهِ مِــنْ أُمِّــهِ

طَـيْـفٌ يَـلُـوحُ مِــنَ الــرُؤَى تَـهْوِينُهُ

يُـعْطِيهِ فِـي ظِـلِّ الجَحِيمِ سَلَامَهَا

وسَــــرَابُ  أُمْـنِـيَـةِ الـلِّـقَـاءِ يَـزِيـنُـهُ

وبــرَأْسِـهِ رَحَــمَـاتُ رَبِّـــي رَبَّــتَـتْ

فَـغَـفَى عَـلَى حِـجْرِ الـمَنُونِ أَنِـينُهُ

ويُـشِـيرُ إِذْ أَلْـقَى الـبَّشِيرُ قَـمِيصَهُ

 لِـيُـزَفَّ فــي حُـمْـرِ الـثِيَابِ حَـنِينُهُ

وارْتَــــدَ لِــلْأُخْــرَى قَــرِيـرًا طَــرْفُـهُ

وأتَــى بَـصِـيرًا فـي الـرِّضَا تَـخْمِينُهُ

وتَـفَـاخَرَ  الـفِـرْدَوْسُ خُـلْدًا بِـاسْمِهِ

وبَــنَـى لَـــهُ بَـيْـتًـا إِلَــيْـهِ ظُـعُـونُـهُ

واخْــتَـطَّ بِـالـثُّـلُثِ الـجَـلِـيِّ بِـبَـابِـهِ

بَـيْـتًا بِـمِـسْكِ الـمُـصْطَفَى تَـدْوِينُهُ

طِـيـنٌ نَـفِـيسٌ مِـنْـهُ أَنْـفَسُ بَـطْنُهُ

وكِـلَاهُـمَا  الـعَـجَبُ الـعُجَابُ يَـقِينُهُ

مُـتَـبَـخْتِرًا  يَـمْـشِـي إِلَـيْـهِ مُـبَـارَكًا

مُـسْـتَـعْرِضًا كَـيْـفَ الـثَـبَاتُ فُـنُـونُهُ

هِـمَمُ الـكَتَائِبِ فَـوْقَ شَـاهِدِ قَـبْرِهِ

شُـحِـذَتْ وخَـيْـلُ الـثَّأْرِ شُـدَّ أَمُـونُهُ

فَـالطِّينُ ضِـدَّ الـظُلْمِ بَـاقٍ مَـا بَقَى

كَــــافٍ ووافٍ سَــرْمَــدًا مَــخْـزُونُـهُ

وبُـطُـونُـهُ مِـــنْ حَــالِـهِ وسَـخَـاؤُهَا

تَــجْـرِي بِـــرَبِّ الـطَّـاهِرَاتِ عُـيُـونُهُ

تَـاجُ الـشَّهَادَةِ لَيْسَ يُحْسِنُ حَمْلَهُ

رَجُـــلٌ تَــعَـودَتِ الـجَـمَـامَ عُـيُـونُـهُ

هُــو تَــاجُ عِـزٍّ فِـي رُؤُوسٍ مَـا دَرَتْ

كَـيْـفَ  الـمَـنَامُ وكَـيْفَ يَـأْتِي حِـينُهُ

يَـــا رَبَّـنَـا سُـبُـلَ الـجِـهَادِ أَنِــرْ لَـنَـا

نَـحْـمِي بِــهِ إِرْثَ الـشَّـهِيدِ نَـصُونُهُ

وارْحَـمْـهُ يَــا رَبِــي وقَــدِّسْ رُوحَـهُ

أَنْ  كَــانَ فــي ثَـوْبِ الـرَّجَا تَـكْفِينُهُ

صَـبِّرْ بِـعَطْفِكَ قَـلْبَ مـن رُزِئَـتْ بِـهِ

وذَوِيــهِ  أَنْ طَـلَـبَ الـشَّـهَادَةَ دِيـنُهُ

واسْـقِـيـهِمُ  يَـــوْمَ الـتَـغَابُنِ كَـوْثَـرًا

واجْـعَـلْهُمُ مِـمَـنْ حَــوتْ سَـبْـعِينُهُ

واحْــفَـظْ جَـزَائْـرَنَـا وثَـبِّـتْ عَـرْشَـهُ

واخْــذُلْ نَـوايَـا فـي الـخَفَاءِ تَـخُونُهُ

رَعْـيًـا لَــهُ يَــا ذَا الـمَعَالِي سُـؤْدُدًا

بِـنُـفَـمْبَرٍ رَفَّـــتْ تَـمِـيـسُ غُـصُـونُهُ

قَـــدْ هَــيَّـأَ الأَوْرَاسُ تُــرْبَـةَ مَـجْـدِهِ

و  سَــقَـاهُ سَـبْـعًا بِـالـدِّمَا مَـلْـيُونُهُ

و الـنِّـصْـفُ لَـقَّـمَـهُ وخَـلَّـعَ شَـوْكَـهُ

لِـيَـطِـيبَ  فــي تَـمُّـوزَ نَـضْـرًا تِـيـنُهُ

يَــا رَبُّ قَـيِّـضْ مَــنْ يُـرَاعِي رَوْضَـهُ

وعَـلَـيْـهِ جُـــودُكَ تَـسْـتَهِلُّ مُـزُونُـهُ

عِــــزُّ  الــجَـزَائِـرِ لِـلْـقِـيَـامَةِ خَــالِـدٌ

وبِـجَـيْـشِـهِ إِسْــلَامُـنَـا تَـحْـصِـيـنُهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جمال الدين عبد الهادي

جمال الدين عبد الهادي

7

قصيدة

• سيرة ذاتية • الشّاعر الدكتور جَمَالُ الدِّين عَبْدُ الهَادِي، من مواليد 26/04/1989 بمدينة تاهرت- الجزائر • متحصل على شهادة البكالوريا في الآداب والعلوم الإنسانية دورة جوان 2007م • ليسانس

المزيد عن جمال الدين عبد الهادي

أضف شرح او معلومة