تبقى الخيورُ لمَن أعطى ومَن بذلا

  ومَن لرفعته يومَ الجزا عَمِلا

ومَن تكفلَ بالفقراء يمنحُهم

  حبَّ الحياة ، فما استغنى ولا اعتزلا

بل زارهم منفقاً مالاً ومحتسباً

  يُبدي الرضا أنه بهم قد اتصلا

كم اشتهى لذة في العيش جرَّبَها

  بحثاً عن السعد هل للسعد قد وصلا؟

يرجو السعادة يَحدُوه السبيلُ لها

  وعن مسالكها في ذي الدنا سألا

قيلَ السعادة في الأسفار تقطعُها

  بين الحواضر حتى تُدركَ الأملا

شَرِّقْ وغرِّبْ ، ولا تصرفك مَبخلة

  بل أنفق المالَ حتى تسلك السبُلا

فسافرَ الشهمُ في ريفٍ وفي حضر

  وجاسَ أرضاً دَنتْ ، ثم ارتقى جَبلا

به احتفتْ أمَمٌ ساقتْ نصائحَها

  لمَّا رأتْه لِمَا احتاجتْ له بَذلا

ولم يجدْ قط في الأسفار بُغيته

  فكررَ السؤلَ مُهتماً ومُحتفِلا

قِيلَ: السعادة في الأملاك تملكُها

  فثمَّنَ النصحَ ، والنصيحة امتثلا

فحاز ما حاز بالأموال يُنفقها

  وصانَ ما حاز لم يَقبلْ له بدلا

وبعد لأي خبتْ نجومُ فرحته

  وبات كلُّ الذي يسعى له طللا

فراحَ يسألُ مَن غابوا ومَن حضروا

  أين السعادة لا أبغي لها حِوَلا؟

قيلَ: السعادة في استثمار كل غِنىً

  فاستثمرِ المالَ خَلِّ الخوف والكسلا

فقال: أفعلُ دُلوني ، فبي شَغفٌ

  إن المشاريع كم تستقطبُ البطلا

وبعد عام نمَتْ أموالُ ذي شُغُل

  إذ أتقنَ الباذلُ المستثمرُ الشُّغُلا

وما جنى مِن سَنا الأفراح خردلة

  فمَدَّ كفاَ إلى الرحمن مُبتهلا

يقول: يا رب أسعدني صباحَ مسا

  مِن قبل أنْ أدرك الرحيلَ والأجلا

فقِيلَ: أكرمْ ذوي العاهاتِ ، أنت لهم

  أبٌ شفيقٌ ، فكن بالأمر مشتغلا

مُعوَّقون ، ومَن يُصغِي لنكبتهم

  هذي مشاكلهم نرجو لها رجلا

في الدار مَن بترَ الطبيبُ أرجُلهم

  أو الكفوفَ ، لكي يُعالجَ الخللا

وبعضُهم لم يكنْ يوماً بهم سَقمٌ

  وفجأة كابدتْ جُسومُهم شللا

لو اشتريت لهم مَقاعداً صُنِعتْ

  حتى تكون لهم في عَيشهم وُسُلا

تكونُ أهديتهم أكسيرَ فرحتهم

  حتى ترى جرحَهم ببذلك اندملا

فوفق الله للحُسنى أخا كرم

  فخصَّ أهلَ البلا بالجُود مكتملا

لمَّا اشترى لذوي البلوى مقاعدَهم

  ساق الحياة لهم والحبَّ والغزلا

وجاء منهم غلامٌ طيبٌ دمِعٌ

  يقول: يا سيدي قد جئتُكم عَجِلا

أرجو تذكُّرَ وجهٍ جاد صاحبُه

  بالخير يُذهلُ مَن بفكره اعتملا

شكرتُك اليوم ، فالجميلُ سربلني

  وسوف نضربُ بالتفضل المَثلا

أردتُ شُكرَك يوم البعث في مَلأ

  والله مُكرمُ مِعطاءً بما عملا