تراب الأرض خذ جسدي

على الأكفان للخلد

فوهج الروح حام فمن

يعد مثواه للمهد

فليس لصحبتي إلا

هيام القرح من بعدي

أزيحوا حزنكم فكفى

معين الدمع بالخد

فقيد القلب ليس لنا

برمي الذنب للقدري

فهذا النعش ليس له

على الأحياء من أثري

أهل بالنفع غصتنا

تعيد الروض للقفري

على ذكراه كف يد

سما بدعائه العطر

فبي توق لذكراكا

يبوح بشوقه القلب

على دهماء متجه

يضاء بنورك الدرب

وترقى كل نازلة

ويقضى بينها الإرب

وينأى كل معترك

على شحنائه الشجب

مسير أمرنا قدر

لكرب همومنا صبرا

وبدل في جوارحنا

هيام الشؤم بالبشرى

أعد سلوان بسمتنا

لنحيا في سما الذكرى

رأينا الفخر جائزة

لكل مجاهد أسرى

لقد كنت السناء هنا

ونور الشمس يحتجب

كنت تواضعا صلبا

وقلبا كله حب

ومزنا صافيا سمحا

ولحنا صادقا عذب

وأفقا ساميا يعلو

ورفقا أخضرا رحب

أيا من يعشق الكرما

ويحلو الزهد في عينيه

فكم باع الحياة غدا

بعز يافع يعليه

بكل وسيلة نصبوا

لنبع الخير كي نهديه

أيا ركنا ويا صرحا

لقدوتنا نحج إليه

أجرني يا قضاء الدهر

من آهات أحزاني

أنا المقطوف من جسم

ثمارا بين أفناني

إلى أفق بأشلاء

منحت الترب جثماني

فلا تجزع أيا روعا

فخلد من تبناني

خليل القلب كيف غد

سنحياه بلا عينيك

فأي مناظر تغدو

ركاما باهتا يرثيك

نهيم على مقامك مذ

أقاموا النعي في مثواك

سيبقى ماثل نجم

بجوف الليل كي يرعاك

تنادي الأم يا ولدي

أرح مثواك بين يدي

فكم وهنا على وهن

ببطن عشت يا كبدي

وصرت الآن في نزل

يسجي الروح للأبدي

فيا أنسي ويا سندي

ويا بأسي ومعتمدي

أيا أماه لا تذري

رمال الحزن شطآنا

وصفي منك مسغبة

على هم تلضانا

لكم غصنا على كمد

نبيع الغبط حرمانا

فكم نحتاج من مدد

من الرحمان حسبانا

شهيد خالد موعود

وجسم طاهر ممدود

لحى برحيله صدرا

كسير القلب كالأخدود

فماذا نفعه حزن

وقبر زينته ورود

وأهل شيدوا حوضا

على مثواه بين حشود

رعيل النشء يا قبسا

من الأجداد ينتقل

فخذ من ذخر قدوته

سبيلا صانه الوجل

على العهد الأبي أبى

يفض نجاحه الفشل

فهذا القلب مشعله

بوهج الروح يشتعل

فكم عدنا على مضض

برشد في ثنايانا

شهيد ذاك من يرثي

مواتا في سجايانا

فخلد قد أوته فمن

فمن يحتاج غفرانا

خبا كالنجم في أفق

هنا كي نهتدي الآنا

أصرنا بعدك زمرا

يضيع بيأسها الأمل

على جفن هنا انهمرت

دموع وأتست مقل

وصار البؤس يشربها

شقاءا ليس يحتمل

فذي ترثيك يا ملكا

بحزن بينها الجمل

هنيئا في أمان الله

هذا الموت كم نهواه

فلا تجزع أيا قلبا

فحفظ الله من يرعاه

أخيرا قد أذاع بنا

أثيرا طاب لن ننساه

فمن دنيا الفناء بدا

قرير العين في علياه

فهذا بيتك الموعود

لفي العلياء بين سماء

وهاذي خذ مكانك جل

جموع الصحب في الفيحاء

فهذا الفخر كم صفة

به قد طرزت بلواء

وهذا خير فعلك خذ

وهذا محفل الشهداء

سماء الحب تنفطر

فسافر أيها القدر

ألست الحامي الملقي

ضياءا كان ينتظر

فأسرج من حماك وخذ

سراج الخلد يا قمر

وهون يا خليل الروح

فهاذا وعدك العطر

تراب الأرض خذ جسدي

على الأكفان للخلد

فوهج الروح حام فمن

يعد مثواه للمهد

فليس لصحبتي إلا

هيام القرح من بعدي

أزيحوا حزنكم فكفى

معين الدمع بالخد