سألني عن العمّال في قريتنا يا ليت شعري
ما عساني أن أقول
انهم قوم يحبون الحياة و من يهوى الحياة
مات مثلما عاش ذليل
عتمة لا ترى فيها سوى اشباح ناس
بزفراتٍ تحتدم وعلى الوجه قناع يبتسم
فالناس هناك في بلد الجليد و الظلام
تقول ما لا تعني، و لا تعني ما تقول
خلف القناع اسرار … الفزع ثم الذهول
و في المساء كل عشيةٍ
تغسل الذنوب جرعات الكحول
تعين على وحشة الليل
الليل موحش هنا ، الليل بارد و طويل
مهاجر هجرة لا عُودٌ بها، طابور
على شبّاك المعونة ، هناك و حشد اللاجئين
جاؤا من شتى المنازل و الأصول
يأتلفون هنا، جمع شملهم دهر خذول
و الألم ثم الاسى و الوجد …
و غريمك الدرب الطويل
الناس؟ ما الناس و الدهر الا سيوف
على رقاب بعضهم بعض و الدهر خذول
:::
يا للخيبة هذا عزيز القوم قد امسى ذليل
يدمدم حين يسري في المساء
سأنتقم لنفسي و لا عن الدرب أحول
وا عيبتاه يرن في الرأس صدى الأسى
يقول أهذا ما الأمور اليه قد تأول
و ينسج من صدى سالف الأيام
حكايات ما كان له في حب غانية بتول
في خيال ممتعِ بالذكرى توشح و الهموم
كلما رن هاتف يود لو هو يصغي و تقول
ليسمع الصوت الذي
لن يكون بعده من مثيل
له نفس ابية تأمر بالسوء احياناً
و للعلياء ترنوا للوصول
::::
و الفتية تعمل لكسب المال
لا متعة في العمل ، عبيدٌ تسودها العبيد
ليس بها هناك ذو ودٍّ يُستدعى فيجيبْ
و كل يوم كسابقه يعاد من جديد
مشرّدٌ يلتحف خُلقانه على تلك الدروب
متسول يبتغي اصحاب جود
مهاجر جديد لا يفقه ما يقال
جمالها و الاناقه تهديه انينا و الذهول
و الطريق في المدينة موحشٌ عند الغروب
سوى لص مدمن تعبث بعالمه الجنون
اليأس اشباح لهُ تشبه ماضينا الثقيل
و الوجد يمزق الصدور.. شوقا لارضنا الحنون
و تباريح الوجد و الشوق للنائي الغريب
الشوق لأهله أبداً يكون
شوق له كلما جاء المساء، أرقٌ
فيه سنة الكرى في برد المسا لا تستجيب
في المقاهي و الدروب … هناك عند اسوار المدينة
تذكرك و تشهد كلها أنك محض غريب
و الغريب في بلاد الغرب لابد مريب
تهدى البسمات و النظرات … الوجوه شاحبة
خلف القناع…. تثائبت الأفواه .. إنه الضجر
حزن الغريب، لا سبب يمسي طَروب
اذ ما على الوجوه غير ما تخفيه
الجوارح و القلوب
المومسات تجوب الطرقات خفاش ليل
علانية عند المسا دون دليل
قلمي جفِ و أوراقي تشيخ
أبَتْ أن تكتب خشية
أن تأسى على ما أريد أن اقول
و الامال تهشمت على اعتاب
الحروب فهي دوماً في أفول
يا ويح الزمان لو جاد بيومٍ
سأريه همتي كيف تصول
قد عرفني الدهر، فاعلاً لما أقول
املي يأتنا يوم تشرق شمسهُ
و تزهر من وهج السنا فيه الحقول
و يعود الأمل رياناً فيسقي
أنفساً من سجاياها الذبولْ
232
قصيدة