أسرجتُ خَيلي للمَدى أَطويِهِ

وقلوصُ شعرِي جدُّها في إيهِ

وقطعتُ حبلَ الغانياتِ وشهوَتِي

وقلوتُ ليلى قبلَ أن تقليهِ

وقصدتُ ركبَ الزائرين َمُحمدا  

وأدرتُ ظَهرِي للهَوى والتِّيهِ

سارتْ بي الأشواقُ تَسبقُ بعضَها

والفكرُ يَجري والفؤادُ يليهِ

سِرنا عَلى جَمرِ الطّريق ِتُظلُّنا

جَمْراتُ شوقٍ حارقٍ يُذكيهِ

يُذكيهِ دمعٌ في المَحاجرِ أَبحرا 

أفنى مَجاذيفِي وتاهتْ فيهِ

أيُّ الحدودِ تحولُ دونَك سيّدِي

لَو كانَ بحرا ساجرا أمشيهِ

حتى أنيخَ ببابِ عَطفِكَ رِحلَتِي

 وأَعُبُّ مِنْ نبعِ الهُدى والتيهِ

وسرى الضياءُ ضياءُ وجهِكَ قِبلتِي 

فَجلا فُؤادِي دونَ أن يؤذيهِ

‍فالنورُ مِنكَ كما النسيمُ لطافةً

شمسا تُساقطُ بلسمًا مِنْ فِيهِ

‍لما رآكَ وكم رآكَ مُطهِّرًا

مِنْ كُلِّ ذَنبٍ حارقٍ يُرديهِ

ورَأَى الجلالَ قد اعتلتْ قَسَماتُه

فوقَ الكَمالِ بِهيبةٍ تُعليهِ

‍رانتْ على قَلبي الذنوبَ تُضلُّهُ

فالروحُ تاهتْ والهوى يُقصيهِ

‍فَتقٌ عَميقٌ قد أقضّ َأضالعِي

والرتقُ صَعبٌ والقساوةُ فيهِ

يا سيدَ الأكوانِ روحي تصطلي

جمرَ الذنوبِ وخافقي يجنيهِ

‍أرجو الشفاعةَ منكَ يا غيثا  سرى

ظَمئَ الفؤادُ وأنتَ من يرويهِ

نفسي تحومُ كما الطيورُ تشرَّدتْ

ترجو النَّوالَ فرشفةٌ تكفيهِ

والحوضُ كم يروي العِطاشَ فَيرتَووا

وأنا المُعذَّبُ عزَّ ما آتيهِ

لكنَّ ذنبي قد أَطالَ مَسافتي

وأضاعَ عُمرا في الهوى والتّيهِ

فاشفعْ لذي ذنبٍ أتاكَ مَطيّهُ

نفسٌ ذَلولٌ كادَ أَنْ يُرديهِ

يرديهِ ذنبٌ قَدْ أَحاقَ بِروحِهِ

كالذئبِ ينهشُ جائعًا يُدميهِ

وأمرْ ترى الكيزانَ درًّا في الفضا

تُطفي الجمارِ وقاحلا ترويهِ

يا ذاهبينَ إلى المدينةِ بَلّغوا  

أزكى السلامِ لساكنٍ أَفديهِ

أزكى السلامِ على الحبيبِ مُحمّدٍ

خيرِ البريةِ والظُبى تُغليهِ

‍يا صاحبَ الحوضِ الكريمِ تحيةً 

وسلامُ صَبٍّ عاشقٍ يُزجيهِ