الديوان » مصر » محمد توفيق علي » لخير بلادي لا لنفسي أكتب

عدد الابيات : 28

طباعة

لِخَيرِ بِلادي لا لِنَفسِيَ أَكتُبُ

وَفي اللَهِ لا في المالِ وَالجاهِ أَرغَبُ

وَلَستُ مُبيحاً لِلدَّنايا طَوِيَّتي

فَلا يَنثَني عَزمي وَلا أَتَقَلَّبُ

أُحِبُّ بِلادي وَالعِدا يَعذِلونَني

وَكُلّ مُحِبٍّ بِالعَواذِلِ مُتعَبُ

بِلادٌ يَروقُ الخُلد خُضر مُروجِها

تُطِلُّ عَلَيها حورُ عَدنٍ وَتعجبُ

وَيحسِدُ نَهرُ الكَوثَرِ العَذبُ نَيلَها

وَقَد راحَ في أَعطافِها يَتَصَبَّبُ

تَرانيَ لِلسودانِ مِن مِصرَ عائِداً

وَروحي لَها في أَدمُعي تَتَسَرَّبُ

فَيا نيلُ بَلِّغها سَلامي وَقُل لَها

عَلَى العَهدِ ذَلِكَ النازِحُ المُتَغَيِّبُ

فَلَو أَنَّ ماءَ النيلِ مازَجَ أَدمُعي

لَما كانَ يَحلو في الشِفاهِ وَيَعذُبُ

وَلَم أَنأَ عَنها راغِباً عَن جَمالِها

وَلَكِنَّني في حُسنِها أَتَغَرَّبُ

أَذودُ العِدا عَنها وَأَقتَحِمُ الرَّدى

وَأَطفو عَلَى مَوجِ المَنايا وَأَرسُبُ

إِذا ذَكَرَتها النَفسُ في الرَوعِ أَقدمَت

عَلَى المَوتِ لا تَخشى وَلا تَتَهَيَّبُ

وَكَم مَجلِسٍ لي بِالجَزيرَةِ شائِقٍ

هُوَ الخُلدُ لَو خُلدٌ عَلَى الأَرضِ يُطلَبُ

تَحُفُّ بِهِ الأَزهارُ مِن كُلِّ جانِبٍ

وَأَلوانُها تُملى عَلَيَّ وَأَكتُبُ

شَقائِقُهُ يا قوتُها وَعَقيقُها

وَنَرجِسُهُ فِضِّيُها وَالمُذَهَّبُ

يُقَطِّرُ أَردانَ الأَصيلِ أَريجُها

وَتوحي مَجاليها إِلى الشَمسِ تَغرُبُ

إِذ الأَرضُ طرفٌ دَمعُهُ النيلُ جارِياً

عَلى أَنَّهُ بِالزَرعِ حالٍ مُهَدَّبُ

وَلِلروحِ مَعنىً في النَسيمِ مُخَبَّأ

إِذا مَسَّ مَيتاً قامَ يَسعى وَيَدأَب

مَعاهِدُ تَرتَدُّ العُيونُ حَسيرَةً

لَدَيها وَيُسبى الرُشدُ فيها وَيُسلَبُ

وَيَومٍ لَدى الأَهرامِ قَصَّرتُ طولَهُ

بِريمٍ لَهُ مَلهىً بِقَلبي وَمَلعَبُ

تَظَلُّ حُمَيّا لَفظِهِ وَدَلالِهِ

لِرِقَّتِهِ بِالأُذنِ وَالعَينِ تُشرَبُ

لَدى عَجَبٍ مِن صَنعَةِ الجِنِّ شاهِق

تُطاوِلُهُ بِاللَحظِ عَيني فَتَتعَبُ

بَدائِع فِرعَونٍ وَآثاره الَّتي

تَروقُ عَلَى كَرِّ اللَيالي وَتُعجِبُ

فَيا لَيتَ شِعري وَالزَمانُ مُعانِد

هَل الدَهرُ يَصفو أَم هَل الجَدُّ يعتبُ

وَهَل رَكبُ مِصر لِلحَياةِ طَريقه

فَأَشدُوَ أَم حَظِّي أَنوحُ وَأَندِبُ

فَيا مِصرُ لا تَبغي سِوى العِلمِ آسيا

فَبَلسَمُهُ في كُلِّ داءٍ مُجَرَّبُ

فَبِالعِلمِ لا بِالجَهلِ نَقوى فَإِنَّما

عَتادُ المَعالي قُوَّةٌ وَتَغَلُّبُ

وَإِن نَحنُ أَرضَينا الإِلَهَ أَعانَنا

وَإِن نَحن أَسخَطناهُ يا قَومُ يغضَبُ

وَكُلُّ بِناءٍ في يَدِ اللَهِ رُكنُهُ

فَلَيسَ لَهُ في العالَمينَ مُخَرِّبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد توفيق علي

avatar

محمد توفيق علي

مصر

poet-Mohammed-Tawfiq-Ali@

246

قصيدة

3

الاقتباسات

5

متابعين

محمد توفيق علي (1881 - 1937) هو شاعر مصري ينتمي إلى مدرسة الإحياء والبعث في الشعر العربي. وُلد في قرية زاوية المصلوب بمحافظة بني سويف أثناء الثورة العرابية. نشأ في ...

المزيد عن محمد توفيق علي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة