الديوان » مصر » محمد توفيق علي » طالب العزم بحق مقبل

عدد الابيات : 106

طباعة

طالِبُ العَزمِ بِحَقٍّ مُقبِل

وَبِدُنيا باطِلٍ لا تَحفِلِ

وَاِصبِري يا نَفسُ إِن رُمتِ العُلا

أَو فَطيري عَن ضُلوعي وَاِرحَلي

وَاِصرِفي الهَمَّ فَفي إِدمانِهِ

ذَبحَةُ الصَدرِ وَحَزُّ المِفصَلِ

ما الَّذي صارَ وَجِدّي فاضِلٌ

أَن جَدّي عاثِرٌ لَم يَفضُلِ

شُعَراءَ العَصرِ تيهوا بِأَبٍ

كُلُّنا مِنهُ حُسَينٌ أَو عَلي

يا عَذارى الوَحيِ مِن فِردَوسِها

لِسماءِ النيلِ تَهتَزُّ اِنزِلي

وَاِرقُصي في مهرَجانٍ شائِقٍ

عالَمَ الإِعجازِ فيهِ مَثِّلي

طَرِّبي في ساحَتَيهِ وَاِصفِري

غَرِّدي في رَوضَتَيهِ وَاِهدِلي

وَاِشهَدي لِلشَرقِ عُرساً زاهِراً

عَن عُكاظٍ في مجاليهِ سَلي

زُفَّتِ العَلياءُ فيهِ ناهِداً

لِأَميرِ الشِعرِ في أَبهى الحُلي

مَن لَهُ آياتُ فَضلٍ باهِرٍ

هُنَّ عَن ريبِ الرَدى في مَعزِلِ

صاغَها لِلنيلِ حَلياً شَيخنا

فَاِنثَنى يَختالُ عَذبَ المَنهَلِ

فَهيَ وَالأَهرامُ تيجانٌ لَهُ

بَيدَ أَنَّ الدُرَّ غَيرُ الجَندَلِ

أَحمدانِ فيهِما الشَرقُ زَها

وَاِهتَدى الثاني بِنورِ الأَوَّلِ

مُرسَلٌ بِالنَثرِ وافى مُعجِزاً

بَعدَهُ بِالنَظمِ وافانا وَلي

أَحمَدُ صَلّوا عَلَيهِ ذو أَتى

بِالمَثاني مُحكَماتٍ مِن عَلِ

وَأَتى شَوقي عَلَيهِ سَلِّموا

بِالأَغاني مِن رَحيقٍ سَلسَلِ

غَنَّت الأَطيارُ في الرَوضِ بِها

وَشكَا لِلزَهرِ صافي الجَدوَلِ

أَنشَأَت مِصرُ تُناغي أَهلَها

فَاِسمَعوا مُطرِبَ صَوتِ البُلبُلِ

جَذَلٌ تَكريمُ شَوقي إِنَّما

بِحَياتي ضاعِفوا لي جَذَلي

أَكرِموا لي عَبقَرِيّاً مِنكُمُ

يَمنَعُ النيلَ بِسُمرِ الأَسَلِ

لا أَرى رَبَّ يَراعٍ بَطَلاً

مُغنِياً عَن رَبِّ سَيفٍ بَطَلِ

في التِجاراتِ الَّتي كُنّا بِها

نَفتَحُ الدُنيا وَلَمّا نَقفِلِ

في الزِراعاتِ الَّتي كانَت بِها

خُلدُ عَنخٍ طاقَةٌ لَم تَذبُلِ

في الوَغى في الطَعنِ في ضَربِ الطُلى

في قِراعِ الدارِعِ المُستَبسِلِ

طالِعينا بَعدَ حينٍ وَالسُها

صَيدُنا في أَيدِنا المُستَرسِلِ

وَلَنا جَيشٌ إِذا صُلنا بِهِ

عاصِفاً لُذنا لِأَسمى مَعقِلِ

يَتَلاشى البَرُّ مِنهُ في قُوىً

تَتَرامى فَيلَقاً في جَحفَلِ

يَتَوارى البَحرُ وَالجَوُّ بِهِ

بَينَ أَسرابِ المَنايا الجُوَّلِ

نَحنُ مِن قَحطانَ في شُمِّ الذُرى

يا بَني لَيثِ العَرينِ المُشبِلِ

بَأسُ عَمرٍو تَحتَ أَطباقِ الثَرى

جَمرَةٌ مَن شاءَ فيها يَصطَلي

نَحنُ أَبناءُ الفَراعين الأُولى

دَوَّخوا الدُنيا بِحَدِّ المُنصلِ

تاجُ رَمسيسَ عَلى البُعدِ صُوىً

لِلأُولى مِنّا سَرَوا في مَجهَلِ

كَفُّ إِبراهيمَ قالَت فَاِسمَعوا

جَنَّةَ الفِردَوسِ ظِلُّ القَسطَلِ

فَاِفتَدوا تاجَ فُؤادٍ شِبلهُ

بِنُفوسٍ في العُلا لَم تَبخَلِ

ما رَأَينا كَوكَباً ذا ذَنبٍ

لاحَ في آفاقِنا لَم يَأفلِ

إِنَّ شَعباً سَعدُ مِن آبائِهِ

لَيسَ مِن ضَعفٍ وَلَما يَفشَلِ

سَمِعَت مِصرُ حَديثي فَبَكَت

قُلتُ يا أُمَّ الرِجالِ اِستَرجِلي

إِنَّ شَعباً مِن بَنيهِ مُصطَفى

لَيسَ من يَأسٍ وَلَمّا يَخمَلِ

وَاِذكُري كُلَّ صَباحٍ كامِلاً

تَذكُري عَهدَ الرَجاءِ الأَمثَلِ

وَاِسأَلي اللَهَ لِسَعدٍ صِحَّةً

وَعَلى اللَهِ نَصيراً عَوَّلي

وَاِذكُري كُلَّ كَريمٍ مُخلِصٍ

مِن بَني مِصرَ مُعِمٍّ مُخوِلِ

وَاِذكُري عَدلي وَرُشدي كُلَّما

قُلتُ يا تاريخَ مِصرٍ سَجِّلِ

وَاِسقُطي في خبرَةٍ مِنّا عَلى

قُلَّبٍ ما اِربَدَّ خَطبٌ حُوَّلِ

فَاِستَرابَت وَأَدارَت مُقلَةً

بِسِوى نِيّاتِهِم لَم تُكحَلِ

فَكَأَنّي أُشرِعَت هِندِيَّةٌ

لِيَ مِن عَينَي مَهاةٍ مُطفِلِ

قُلتُ روحي لَكِ يا مِصرُ فِدىً

سامِحيني عانِقيني قَبِّلي

وَاِنتَشَينا فَتَلاقَينا عَلى

نِعمَةِ الحُبِّ وَغَيظِ العُذَّلِ

وَاِجتَنَينا مِن عَفافٍ طاقَةً

بِسوى آدابنا لَم تَجمُلِ

وَجَرى دَمعي عَلى أَعطافِها

جادَها الوَسمِيُّ مِنهُ وَالوَلي

قَلَمي قَد عَقَّني كُلّ أَخٍ وَحَميمِ

فَاِرثِ في المِحنَةِ لي

أَيقِظِ الأَوقافَ مِن أَحلامِها

هزَّ مِنها كُلَّ رُكن زلزِلِ

هَل مَنِ اِستَأجَرَ أَرضاً يُبتَلى

بِوَباءٍ جارِفٍ مُستَأصِلِ

قَوِّمي يا مِصر مِن تَشريعِنا

أَعوجاً مِثلَ قُرونِ التَيتَلِ

أَجرُ مَن جَدَّ كَفافٌ أَو غِنى

لا عَذابٌ واقِع لا يَنجَلي

أَنصِفوا فَلاحَكم لا تُنكِروا

حَقَّةَ في مَلبَسٍ أَومَأكَلِ

إِنَّ كُلَّ العَدلِ يَستَأهِلهُ

عامِلٌ عَن نَفعِكُم لَم يَعدِلِ

أَو فَقولوا بَعدَ حينٍ تَصدُقوا

يا سُهولَ النيلِ خُضراً أَمحِلي

وَاِحرُثيها أَنتِ يا أَوقافَهُم

وَاِنعَبي فيها غُراباً وَاِحجِلي

وَاِحمِلي يا نَفسُ مَحتومَ الأَذى

وَاِصنَعي ما شِئتِ إِن لَم تَحمِلي

نِصفُ أَلفٍ كُلَّ عامٍ عَسجَداً

لِلتَكايا مِن أَديبٍ مُعيلِ

مِن شَقِيٍّ شاعِرٍ مُستَفلِحٍ

مِن دُموعٍ مِن نَقيعِ الحَنظَلِ

مِن بَريءٍ مِن دَمٍ مِن عَرَقٍ

مِن خَرابٍ كامِلٍ مُستَعجَلِ

مِن شَهيدٍ ضابِطٍ مُضطَهَدٍ

في هَوى أَوطانِهِ مُستَقتِلِ

حينَما السَيفُ بِكَفَّيهِ نَبا

حاربَ اليَأسَ بِحَدِّ المِنجَلِ

آذَنَ الصّيفُ بِحبٍّ وَوَفا

فَاِحتَصِد تِبناً وَقَمحاً وَاِكتَلِ

مَوِّن الأَوقافَ أَشبع جوعَها

إِنَّها مِن حِقبَةٍ لَم تَأكُلِ

وَاِعزِق القطنَ لَها إِذ سوقُهُ

أَصبَحَت أرجوحَةً لِلمغزَلِ

وَاِسلُ يا تَوفيقُ عَن نَظمِ الظُبا

وَاِنظِم الشِعرَ وَهَلهِل وَاِصقُلِ

وَاِصطَفِ الأَلفاظَ مِن دَمعِ النَدى

وَالمَعاني مِن أَنينِ الشَمأَلِ

رَبِّ إِنّي صابِرٌ مُحتَسِبٌ

فَكَما شِئتَ مَصيري فَاِجعَلِ

أَنتِ يا أَوطانُ أَهراءُ الغِنى

لِمَ حَظّي حَبَّةٌ مِن خَردَلِ

أَنا يا نيلُ مُحِبٌّ صادِقٌ

فَاِنسني أَذكُركَ وَاِهجُر أَو صِلِ

أَنتِ يا مِصرُ فَتاةٌ حُسنُها

يَبعَثُ الوَجدَ إِلى قَلبِ الخَلي

فَاِنثُري مِن خَدِّكِ الوَردَ عَلى

لُؤلُؤٍ مِن عبرَتي لا تَخجَلي

رَبِّ بارك في اللآلي إِنَّها

ثَروَتي في كُلِّ كَربٍ يبتَلي

أَطلُبُ التَحكيمَ يا مِصرُ أَنا

لَستُ بِالباغي وَلا بِالمُبطِلِ

إِنَّني أَختارُ سَعداً حَكَماً

إِن يُرِد عَدلاً نَجيبٌ يقبَلِ

لجنةُ التَوفيقِ أَرضى حُكمَها

إِن أَبى سَعدٌ وَإِن يَستَثقِلِ

أَيُّها الشَّعبُ لك الحُكم فلا

تتلكَّأ وَاستَقِل أَو فَافصِلِ

يَسأَلُ النوابَ عَنّي رَبُّهُم

يَومَ لا عُذرَ لِمَن لا يَعدِلِ

يَسأَلُ الأَوقافَ عَنّي رَبُّها

يَومَ مِحراب الأَذى أَسفَلِ

قَلَمي ما أَنتَ مِنّي أَو أَرى

قِمَّةَ الإِرهاقِ تَحتَ الأَرجُلِ

فَاِنقُض الباطِلَ مِن آساسِهِ

شَرِّدِ الإجحافَ عَنّي جَندِلِ

قَلقِل الصَخرَةَ مِن مَقلَعِها

صَخرَةِ الظُلمِ صِفاة الخَجَلِ

قُم بِها يُنجِدُكَ اللَهُ عَلى

نَحسِها في غَفلَةٍ مِن زُحَلِ

خُذ جَناحَينِ مِنَ الوَحي وَطِر

لِلسَّماواتِ بِجَرمِ الثِقَلِ

طُف عَلى جَوِّ المُحيطاتِ بِها

وَاِقذِف الهادي بِأُمِّ الجَبَلِ

هُدَّها كَم مِن نُفوسٍ روّعَت

كَم رُبوعٍ خرّبَت لَم تُؤهَلِ

أَسقط الجَوَّ رُجوماً فَوقَها

وَعَلَيها سَيلَ نارٍ أَرسَلِ

أَسقَمتني عَذَّبتَني هَدَّمت

صَرحَ آمالي بِأَلفَي مِعوَلِ

قَلَمي قَد قامَت الحَربُ عَلى

ساقِها فَاِهتَزَّ رُمحاً وَاِحمِلِ

دَولَةٌ تَسلِبُ مِن أَبنائِها

شاعِراً فَاِعجَب لِبَأسِ الدُوَلِ

أُمَّةٌ تَنهَبُ مِنّي رَجُلاً

واحِداً فَاِغضَب لِهَذا الرَجُلِ

يغضبُ الإيمانُ وَالكُفر مَعاً

لِأَذى الحُرِّ وَضَيمِ البَطَلِ

يا شُعوبَ الأَرضِ حَقّي كَهرَبا

حَوِّلي وَجهَكِ عَنهُ حَوِّلي

عَنهُ فِرّي تَسلَمي مِن نارِهِ

وَالمَسِيهِ تُصعَقي أَو تُقتَلي

يا نُيوبَ البَغي لَحمي كولِيرا

فَإِن اِسطَعتِ فَمِن لَحمي كُلي

أَنا بِالحَقِّ قَوِيٌّ وَالَّذي

رَبُّهُ في صَفِّهِ لَم يُخذَلِ

رَبِّ سامِح مِصرَ وَاِغفِر ذَنبَها

وَاِهدِها لِلرُشدِ في المُستَقبَلِ

وَأَعِضني مِن تُراثي نُزُلاً

مِن هَواها صالِحاً لَم يُنزَلِ

فَقَليلٌ شِقوَتي في حُبِّها

وَاِحتِمالي كُلَّ غُرمٍ مُثقِلِ

وَقَليلٌ في هَواها ناظِري

وَدَراريهِ وَفَصدُ الأَكحَلِ

فَهيَ رَيحاني وَراحي وَالصِبا

وَشَبابي وَحَبيبي الأَوَّلِ

وَهيَ أَبنائي وَأُمّي وَأَبي

وَهيَ ظِلّي الزائِلِ المُنتَقِلِ

وَقَليلٌ في هَوى أَوطانِنا

ما بَذَلناهُ وَما لَم نَبذُلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد توفيق علي

avatar

محمد توفيق علي

مصر

poet-Mohammed-Tawfiq-Ali@

246

قصيدة

3

الاقتباسات

5

متابعين

محمد توفيق علي (1881 - 1937) هو شاعر مصري ينتمي إلى مدرسة الإحياء والبعث في الشعر العربي. وُلد في قرية زاوية المصلوب بمحافظة بني سويف أثناء الثورة العرابية. نشأ في ...

المزيد عن محمد توفيق علي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة