الديوان » مصر » محمد توفيق علي » ذلك النور ساطع والضياء

عدد الابيات : 67

طباعة

ذَلِكَ النورُ ساطِعٌ وَالضِياءُ

وَصفُهُ عَنهُ يَقصُرُ البُلغاءُ

نورُ مَن سَبَّحَ في يَدَيهِ

وَجَرى مِنهُما وَفاضَ الماءُ

أَكمَلُ الخَلقِ صورَةً يُبدِعُ الـ

ـلَهُ تَعالى مِن نورِهِ ما يَشاءُ

ذو مُحَيّا يَصبو لَهُ البَدرُ عِشقاً

وَلَهُ تَنتَمي ضياء ذكاءُ

رَحمَةٌ كُلُّهُ وَعِلمٌ وَحِلمٌ

وَوَقارٌ وَنَجدَةٌ وَسَخاءُ

مُرسَلٌ جاوَزَ السَمواتِ سَبعاً

وَإِلَيهِ تَناهَت العَلياءُ

وَاِرتَقى حَيثُ لا مَلائِكَة الـ

ـلَهِ تَعالى اِرتَقَت وَلا الأَنبِياءُ

سابِحاً في مَعارِجِ القُربِ يَحدو

هُ السَنى ضافِياً وَيَغشى البَهاءُ

مِثل مَن أَنجَبَت كَريمَة وَهَبٍ

لَم تَلِد عاقِرٌ وَلا عَذراءُ

ذو أَتى بِالنَعيمِ ذِكراً حَكيماً

فَإِذا الأَرضُ جَنَّةٌ وَالسَماءُ

وَحيُهُ لِلعُقولِ راحٌ وَرَيحا

نٌ وَفيهِ مِن كُلِّ داءٍ شِفاءُ

آيَةٌ مِنهُ تُعجِزُ الإِنسَ وَالجنـ

ـنَ وَلَو أَنَّ كُلَّهُم فُصَحاءُ

لَم يُكَذِّبُ موسى وَعيسى وَبَغياً

كَذَّبَتهُ الشُرورُ وَالأَهواءُ

كَيفَ تَأتي عَلى الشَرائِعِ آيا

تٌ وضاءٌ وَسَمحَةٌ غَرّاءُ

وَكِتابٌ مُفَصَّلٌ عَرَبِيٌّ

لَيسَ يَرضى بِذَلِكَ البُخَلاءُ

كُلَّما يَرتَقي الزَمانُ يَرى الخَيـ

ـرَ أَضافَتهُ مِلَّةٌ سَمحاءُ

سَكَبَت صَفوَةَ الشَرائِعِ في كَأ

سٍ بِها تَرتَوي العُقولُ الظِماءُ

أَشهَدُ اليَومَ ضَجَّةً تُنكِرُ الخَمـ

ـرَ وَكَأساً عَنها سَلا النُدَماءُ

بُؤرَةُ الشَرِّ وَالجَرائِرِ وَالآ

ثامِ أَفتى بِذَلِكَ العُقَلاءُ

رُبَّ بَيتٍ أَقامَت الخَمرُ فيهِ

أَجفَلَت عَن رُواقِهِ السَرّاءُ

فَالعُقولُ اِشتَكَت إِلى اللَهِ مِنها

وَالكُلى وَالكبودُ وَالأَحشاءُ

حَرَّمَتها دَهراً حُكومَةُ أَمري

كا وَنادى بِرِجسِها الفُضَلاءُ

ثُمَّ عادَت تُلغي أَوامِرَها بَعـ

ـدَ اِهتِداءٍ وَضَلَّت الآراءُ

وَسَيَأتي يَومٌ قَريبٌ تَزو

لُ الخمرُ فيهِ وَتُصرَعُ الفَحشاءُ

وَيَرى الناسُ أَنَّ شَرَعَ أَبي القا

سِمِ خَيرٌ وَنِعمَةٌ وَهَناءُ

أَثبَتَ الطِبُّ فَضلَ شَرعِكَ وَالمِجـ

ـهَرُ وَالباحِثونَ وَالعُلَماءُ

فَلُعابُ الكِلابِ سُمٌّ زُعافٌ

وَلِحامُ الخِنزيرِ داءٌ عَياءُ

وَاِشتِراعُ الطَلاقِ أَصبَحَ في الدُنـ

ـيا مُباحاً يُقِرُّهُ الفُقَهاءُ

عانَقَتهُ كُرهاً مَحاكِمُ أو

رُبا وَنادى بِنَفعِهِ الأَذكِياءُ

كَيفَ عَيشُ الزَوجَينِ فَاتَهما الـ

ـحُبّ وَلَجَّ الأَذى وَحالَ الصَفاءُ

أَعَدُوّانِ يُقرَنانِ بِحَبلٍ

حالَةٌ لا يُطيقُها السُجَناءُ

جِنسُهُنَّ اللَطيفُ يَزدادُ عَدّاً

ذَلِكُم ما يَقولُهُ الإِحصاءُ

فَتَرى اليَومَ الاجتِماعَ مَريضاً

وَاِعتِناقُ التَعديدِ لَهوَ الدَواءُ

فَإِذا لَم يُعَدِّدوا مِثلَنا الزَو

جاتِ عَمَّ الأَذى وَخيفَ الفَناءُ

لَيسَ في غَيرَةِ النِساءِ مِنَ الـ

ـمَحذورِ ما تَستَثيرُهُ البَأساءُ

كَيفَ تَقوى فُضلى عَلى عَنَتِ الد

هرِ وَما قَد يَجُرُّهُ الإِغواءُ

إِنَّ في رِفقِ شِرعِ أَحمَدَ بِالأُنـ

ـثى لَفَضلاً يُجِلُّهُ الشُرَفاءُ

فَتَراهُنَّ مِن ثُلاثٍ وَمَثنى

وَرُباعٍ شِعارُهُنَّ الرِضاءُ

فَمِنَ العَدلِ بَينَهُنَّ وَفاقٌ

وَالمُساوَاةُ أُلفَةٌ وَإِخاءُ

وَهوَ فَرضٌ عَلى المُعَدِّدِ لا يَقـ

ـوى عَلى بَعضِ ثُقلِهِ الضُعَفاءُ

وَقَديماً حَمى الضِعافَ وَنَجّا

هُنَّ مِمّا يَخَفنَهُ الأَقوِياءُ

كَرُمَت تِلكُمُ الأَناجيلُ وَالتَو

راةُ لَولا تَقَوُّلٌ وَاِجتِراءُ

أَيُّ عَهدٍ لَكِنَّهُم ضَيَّعوهُ

إِنَّما يَحفَظُ العُهودَ الوَفاءُ

بَدَلوا الوَحيَ وَالرِسالَةَ إِطـ

ـفاءً لِنورٍ ما إِن لَهُ إِطفاءُ

شَهِدَ الصادِقُ المَسيحُ عَلَيهِم

في الأَناجيلِ أَنَّهُم أَشقِياءُ

قالَ هُم يَلبِسونَ أَثوابَ حَملا

نٍ ذِئابَ بَينا هُمُ أَنبِياءُ

فَاِحذَروهُمُ وَإِن أَتَو بِالأَعا

جيبِ فَلَيسوا مِنّي وَهُم أَدعِياءُ

لَستُ أَرضى مَن قالَ يا رَبِّ مِنهُم

لي وَلَكِن يُرضيني الأَتقِياءُ

ذَلِكُم ما رَواهُ إِنجيلُ مَتّى

فَليُراجِع ما قالَهُ القُرّاءُ

عَجَباً لِلمُبَشِّرينَ بِعيسى

أُمَّةُ دينُها الهُدى وَالصَفاءُ

بَعدَما بَشَّرَ المَسيحُ بِهادي

نا كَما بَشَّرَت بِهِ الأَنبِياءُ

فَهوَ نورُ الحَقِّ الَّذي لَفَتَ النا

سَ إِلَيهِ المَسيحُ وَهوَ العَزاءُ

وَليُراجِع مَن شاءَ إِنجيلَ يو

حَنّا فَفيهِ للِباحِثينَ اِهتِداءُ

وَهوَ ذاكَ النَبِيُّ يَسأَلُ في الإِنـ

ـجيلِ يَحيى عَنهُ فَأَينَ الخَفاءُ

وَلَقَد بَشَّرَت بِبَعثَتِهِ التَو

راةُ لَولا جُحودُهُم وَالمِراءُ

فَهوَ ذو مِن جِبالِ فاران مَبعو

ثٌ وَمِن تِلكُمُ الجِبال حِراءُ

أَينَعَ الذِكرُ وَاِزدَهى في ذُراهُ

وَتَغَنّى فَأَطرَبَ الإيحاءُ

وَتَجَلّى عَلى البَسيطَةِ نورٌ

وَكَسا الكَونَ رَونَقٌ وَرُواءُ

حِكَمٌ حينَ أُنزِلَت خُتِمَ الوَحـ

ـيُ وَتَمَّت عَلى الوَرى النَعماءُ

وَطَوَت مُعجِزاتِ كُلِّ نَبِيٍّ

وَلها الخُلدُ وَحدَها وَالبَقاءُ

يا لَها مِن نَقائِضَ تُحرِجُ الفَهـ

ـمَ عَلَيها لَبسٌ وَفيها التِواءُ

وَاِختِلاقٌ مُعَقَّدٌ ذَنَبُ الضَبْـ

ـبِ لَدَيهِ مَحَجَّةٌ وَاِستِواءُ

يُصلَبُ الرَبُّ في خَطيئَةِ عَبدٍ

كَيفَ يَرضى بِذَلِكَ العُقَلاءُ

لِمَ لَم يَغفِر الخَطيئَةَ غُفرا

نا لَهُ فيهِ عِزَّةٌ وَإِباءُ

إِن يَكُن خالِقاً لِمَن كانَ يَجثو

ضارِعاً وَهوَ خاشِعٌ بَكّاءُ

أَإِلَهٌ في وَجهِهِ يَبصُقُ الأَشرا

رُ هزؤاً وَيُزدَرى وَيُساءُ

لِمَ لَم يَقطَع اليَهود أَبوهُ

كَيفَ تَنسى حُنُوَّها الآباءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد توفيق علي

avatar

محمد توفيق علي

مصر

poet-Mohammed-Tawfiq-Ali@

246

قصيدة

3

الاقتباسات

5

متابعين

محمد توفيق علي (1881 - 1937) هو شاعر مصري ينتمي إلى مدرسة الإحياء والبعث في الشعر العربي. وُلد في قرية زاوية المصلوب بمحافظة بني سويف أثناء الثورة العرابية. نشأ في ...

المزيد عن محمد توفيق علي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة