الديوان » محمد الشربيني » هذا أنـا..!!

 

هذا أنـا

فتوهجِّي برقاً يباغت مقلتيَّ

أجيء لا دنيا تحول

و إن تبدَّى الموت حـدْ!!

فأنـا ابن هذا الشعر

مملكتي غيوب الخلد

أخيلتي براقٌ لا يُحـدْ!!

جسدى براحلتي اتحـدْ !!

لم أُبق منطقةً بوجه الأرض

إلا جٌبتُها

فبأيُّ دربٍ أبتدي!!

يا طالما خبأتُ

في السفر الطويل هوايَ ...

و الأشواق تصهل في دمي

فتنزَّلي مطراً ...

وأغنيةً على شفتيَّ

فالعشق استبـدْ

أو فاكمني خلف المتاريس

انتقي أمضى السيوف

إن استطعت  

يدي أحـدّْ

كلُّ الجهات القاصيات بقبضتيَّ

متى وثبتُ 

فكيف يأمننى أحَـدْ!!

مهما ابتعدْ!!

★     ★

هذا أنـا

أنا من تقلَّد أحرفي الشهباءَ

باكرتُ المفازات..القفارَ

جذبت راسيَها وزلزلتُ الممالكْ!!

متطرفٌ في البطش...

لو...( كلُّ السيوف قواطعٌ إن جرِّدتْ )

فأنا وحرفي مُغمدٌ

كل الذي ألقاه هالكْ!!

متطرفٌ في العشق...

قلبي ناسكٌ وَجـِلٌ...

تواثبه ارتعاشاتُ التشوُّق...

حين تفجأه المناسكْ

فتكشَّفي 

فى أىِّ مُرتقَبٍ

تودين المكاشفة اصطفي

إن كنتِ أضمرتِ النزال

فأحرفي أشهرتُها

بيديَّ أوصدتُ المسالكْ

أو كنت"بلقيس" المليكة

فاركضي

في عتْمة الأرق اركضي

و تحسَّسي التاجَ..

الثرياتِ..الوميضَ

استجمعي ما شتَّ في أضلاعِكِ

استقصي النبأْ

و تعجَّلي فتوى الملأْ

فلربما يغشاكِ في الليل المدجَّجِ ساعدايَ

و إن أشأْ

أستلُّ عرشَكِ من"سبأْ"

★   ★

هذا أنـا

فتَّحتُ مُنغلِق المداخل

لانسيالك في شراييني 

انفذي من ساعدىّْ

تجدي الذي تهوين 

مكنوناً من العشق المديد... 

وواحةٍ بكْرٍ و فيّْ

و رؤى مموسقةٍ تخفَّى سحرُها

و تمازجت أسرارها 

في صوت"داودَ" النبيّْ!!

ومدى تناهى منتهاه..تدفًَقي 

إن التردُّدَ في هوى الشعراء..غيّْ

لكنما

في قلب هذا القلب شيّْ!!

كالنهر يشطره تَقَاسَمَ ضفتيه

مواكبُ الخيل الأجيرة في المراقص...

و احتفالاتُ الطواويس الثقالِ

على صدور الصامتين 

القانعين المبتلين بألف حجَّاجٍ...

إلى يوم القيامةْ 

نسيتْ سنابكُ خيلنا 

النقعَ المثارَ..البيدَ..دمدمةَ السيوف

تمايلتْ أعناقُها 

نشوى بتصفيق الأكفِّ

تبرَّأ العُرْبُ الكرامُ

من العباءات..الجلابيب..العمامةْ!!

حتى"تِهامةُ"...

مذْ تفجَّر بين أضلعها

عيونُ النفط ما عادت"تهامةْ"!!

فانصبْ قبابَكَ...

يازمان الردة الكبرى على جدراننا

هل يشغلُ الحكامَ غيرُ العرش..

أخْذِ البيعة..العسسِ المخبَّأ

بين أكداس القمامةْ

انصب قبابكَ..يا"مُسيْلمةُ"

استبحْ هذي الشعوبَ

فإنني أوصدتُ نافذةَ الرجاء

بألف بابٍ للقتامةْ!!

   ★   ★   

هذا أنـا

لا شيءَ يقتلني 

سوى استجداء أهل الكهف...

أجلس بالوصيد...

وأحرفي الشهباء أصلبها على ألواحهم

فالماء آسنْ!!

و سنابكُ الحكام

يحفظها الإله لنا

تهذِّب ما استطال من الرؤوس 

تدثَّرتْ بالصمت ألسنةُ المدائنْ

حتى زوايا خيمتي

قد اتخموها بالعيون الكامنات...

المحصيات عليَّ

نبضَ القلب..

مرَّات الزفير..

شجار أطفالي..

ابتسامة زوجتي!!

يا خالقي أهي السماء تحجَّرتْ

غضباً معارجُها

فما عادت ترجرجها 

استغاثات المآذنْ!!

أم أننى قامرتُ

بالعمر الشهىَّ على جوادي

فانكفأْ

فتحلَّقي يا كلَّ أحزان الوجود 

تحلَّقي

قلبي مدى.. ودَمِي كَلأْ

ياسيدي المحتلَّ خارطتي

الممدَّد فيَّ كالظلِّ المدلِّل

يا وطنٍ

ياسيدي المحتلَّ غادرني بخنجرك 

المسافر طىَّ أنسجتي...

رؤايَ الداميات...

وجوف ذاكرتي الأليمة

يالَـنصـلٍ..ماسكنْ!!

ياسيدي المحتلَّ

غادرني..فإنك قاتلي

يا قاتلي!!

قررتُ تحطيم الوثنْ

و شددتُ راحلتي...

اشتملتُ تمرُّدي

أفرغتُ ذاكرتي قبيل ترحُّلي العلنيِّ 

عن وطنٍ تدثَّر بالوهنْ

يا قاتلي بالصمت

إنْ رجفتْ رقابٌ

إذْ تشهَّتْها مخالبُ مقصلةْ!!

تخشى عذاباتِ الترحُّل

طُـعمةً للعاصفات

أو احتوتها حوصلةْ!!

فأنا المجاهِرُ بالخروج

على الزعامات المجوَّفةِ...

المجاهرُ..بالتبرؤ من شفاهٍ مُقفَلةْ

وغداً يُسجَّى بالتمرُّد...

ذلك الجسدُ المعرَّى 

حينما يخبو شهابُ العمر

لكنْ..لم يخنْ

حين ارتضى شكل الرحيل

بلا كفنْ

(لكِ يا منازلُ في الجراح منازلُ

        أقفرْتِ أنتِ وهُنَّ منكِ أواهلُ)*    

              ★   ★                     

البيت تضمين بتصرُّف من شعر "المتنبي"* 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الشربيني

محمد الشربيني

31

قصيدة

شاعر مصري من مواليد الإسكندرية والنشأة بها فترة الصبا حتى العام الثاني عشر ثم الانتقال إلى المنصورة ★درجة الليسانس في الآداب والتربية قسم اللغة العربية ع٨٤/ كلية التربية جامعة طنطا ★كتبت

المزيد عن محمد الشربيني

أضف شرح او معلومة