الديوان » عبدالله الخطاط » غَداةَ غَدٍ

عدد الابيات : 32

طباعة

رَشَا رَوْضَةٍ أَدْمَى هَوَاهُ قَوَاعِدِي

فَصِرْتُ أَسِيرًا عَاشِقًا ذَا قَصَائِدِ

وَصِرْتُ عَلِيلًا أَرْتَجِي وَصْلَ قَاتِلِي

وَأَكْتُبُ فِي جُنْحِ الظَّلَامِ "أَلَا زِدِ"!

وَأَشْكُو لِحَاظًا نَاعِسَاتٍ قَتَلْنَنِي

لِقَلْبِي الَّذِي قَدْ رَدَّ "لَسْتُ بِشَاهِدِ"!

فَحَدَّثَنِي ظَبْيٌ وَقَالَ مُوَاسِيًا

أَلَا عَظَّمَ الرَّحْمٰنُ أَجْرَ المُكَابِدِ

وَقَالَ مِنَ الدُّنْيَا رَأَيْتُكَ قَانِطًا

وَتَهْفُو إِلَى نَوْمٍ بِكُلِّ تَوَاجُدِ

وَتَأْتِي لِنَهْلِ الْمَاءِ عِنْدَ عَشِيرَتِي

وَتَتْرُكُ أَنْهَارًا كَأَنَّكَ رَاصِدِي!

فَقُلْتُ قُنُوطِي فِي الْحَيَاةِ لِبُعْدِكُمْ

وَنَوْمِي حَبِيبَ الرُّوحِ عَلَّكَ وَافِدِي

وَلَا أَرْتَجِي شُرْبَ العُيُونِ وَصَفْوَهَا

فَعَيْنُكَ يَا مَحْبُوبُ أَعْذَبُ رَافِدِ

وَرُبَّ هَوًى يَخْشَى الفُؤَادُ قُدُومَهُ

يُحَرِّقُ أَكْبَادًا رَقِيقُ المَعَاضِدِ

فَلَا يَعْلَمُ العُشَّاقُ عِلَّةَخَوْفِهِمْ

وَفِي خَوْفِهِمْ أَمْنٌ بِطِيبِ تَعَاضُدِ

فَمَنْ يَتَّخِذْ قَلْبَ الحَبِيبِ وَرُوحَهُ

لَهُ مَسْكِنًا، يَجْهَلْ بُيُوتَ الجَلَامِدِ

كَسَاعَاتِ رَمْلٍ أَمْنُهَا بِرِمَالِهَا

فَلَا تَرْتَضِي يَوْمًا بِفَضْلِ السَّوَاعِدِ

أَلَا كُلُّ حَرفٍ للحَبِيبِ مُصَدَّقٌ

وَمَا دُونَهُ عِنْدِي كَلَامُ جَرَائِدِ

هُوَ الحُبُّ تِرْيَاقًا تَرَاهُ وَعِلَّةً

وَكُلُّ لَبِيبٍ فِي الهَوَى غَيْرُ رَاشِدِ

فُؤَادٌ ذَكَتْ فِي دَفَّتَيْهِ مَشَاعِرٌ

فَجَاشَتْ تَبَارِيحُ اللَّظَى بِقَصَائِدِ

وَمَا كَانَ بُعْدُ الشِّعْرِ عَنِّي بِشَاسِعٍ

سِوَى بَعْضِ أَحْزَانٍ وَبَعْضِ شَدَائِدِ

يُطَوِّقُ قَلْبِي كَالعَرُوسِ بِجِيدِهَا

مَصَابِيحُ دُرٍّ رُكِّبَتْ بِقَلَائِدِ

فَيَا رَبُّ لَمْ آلَفْ سِوَى الشِّعْرِ صَاحِبًا

كَمَا يَأْلَفُ النَّحْوِيُّ رُكْنَ الشَّوَاهِدِ

أُدَوِّنُ فِي الأَوْرَاقِ حُزْنِي وَحَسْرَتِي

وَلَاعِجَ أَشْوَاقِي وَمُرَّ مَحَاصِدِي

وَلَمْ يَكُ هٰذَا الشِّعْرُ عَنْ قَصْدِ نِيَّةٍ

وَلَكِنْ دَعَا قَلْبِي فَلِمَّا يُحَادِدِ

فَلَمْلَمْتُ أَوْرَاقِي لِأَنْسَى مَرَارَةً

وَتَنْسَى لَهِيبَ الذِّكْرَيَاتِ قَصَائِدِي

وَفَارَقْتُ مَحْزُونًا كِتَابِي وَوَاحَتِي

وَدَوْحَةَ أَشْعَارِي وَنَبْعَ رَوَافِدِي

وَأَوْهَمْتُ عَقْلِي أَنْ نَسِيْتَ قَصِيْدَةً

فَأَبْصَرْتُ أَبْيَاتَ اللَّهِيبِ عَلَى يَدِي

فَأَمْسَيْتُ مَيْتًا، لَا شُعُورَ يَهُزُّنِي

وَهَلْ مُؤْلِمٌ مَنْ مَاتَ ضَرْبُ الحَدَائِدِ!

تَرَى وَحْدَتِي كُلَّ الظَّلَامِ يُحِيطُنَا

وَبَرْدَ حَنِينٍ فِي لَهِيبِ مَشَاهِدِي

فَلَا ضَوْءَ إِلَّا مِنْ حَرِيقِ مَشَاعِرٍ

وَلَا صَوْتَ إِلَّا مِنْ نَحِيبِ مَقَاصِدِي

فَهَلْ مِنْ طَرِيقٍ لِلنَّجَاةِ يَقُودُنِي

أَمَ انَّ اللَّظَى يَهْوَى فُؤَادَ الْمُكَابِدِ!

غَدَاةَ غَدٍ يَغْدُو الشُّعُورُ مَرَاثِيًا

عَلَى القَبْرِ يَتْلُوهَا فَمٌ مِنْ قَصَائِدِي

أَلَا قَاتَلَ اللَّهُ الفِرَاقَ وَحَرَّهُ

وَلَوْعَةَ قَلْبٍ فِي التَّذَكُّرِ قَاصِدِي

فَإِنَّ أَشَدَّ الذِّكْرَيَاتِ جَمِيلُهَا

وَأَقْسَى شُعُورِ الحُزْنِ سَعْدُ الحَوَاسِدِ

 

 

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله الخطاط

عبدالله الخطاط

3

قصيدة

عبد الله الخطاط شاعر عراقي ولد في بغداد - تخصصُ اللغةِ العربيّةِ/ جامعة بغداد - رئيس قسم النّحو في إحدى المؤسسات الأدبيّة التطوعيّة المختصة بتطوير مهارة الكتابة عند طلبتها - درّس النّحوَ

المزيد عن عبدالله الخطاط

أضف شرح او معلومة