بصوت :
يَا سَيِّدِي،
سَفَاهَةٌ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنِ الضَّمِيرِ!
لَا وَصْلٌ لَهُ وَلَا فَصْلٌ،
وَلَا حَاضِرٌ فِي الزَّوَايَا مُسْتَتِرْ،
حُذِفَ مِنَ الْمُحِيطِ وَمِنَ الْوَسِيطِ،
وَكُلِّ قَوَامِيسِ اللُّغَةِ،
وَابنُ كَثِيرٌ يَا سَيِّدِي قَالَ: "مَاتَ الضَّمِيرْ!"
لِمَنْ نَشْكُو وَفِيمَ نَسْأَلُ؟
لَا أَحَدَ يُبْصِرُ، لَا أَحَدَ يَسْمَعُ،
الْكَلِمَاتُ زَيْفٌ، وَالصَّوْتُ صَخَبٌ،
وَالنَّاسُ بَيْنَ أَعْوَرْ وَأَبْكَمْ!
لَا تَسْأَلْ الزَّمَنَ،
فَالْوَقْتُ أَصَمُّ،
وَالتَّارِيخُ خَائِنٌ،
وَالصِّدْقُ مَوْءُودٌ فِي التُّرَابِ!
كَانَ فِي الْمَنَابِرِ نَقِيًّا،
فِي الْكُتُبِ مَجِيدًا،
وَالْيَوْمَ غُبَارٌ فِي الرِّيحِ،
تَذْرُوهُ الأَيْدِي وَلَا يَبْقَى.
مَضَى مَعَ الْوَقْتِ،
تَآكَلَ فِي الْوُرُودِ الزَّائِفَةِ،
تَبَخَّرَ فِي الْكَلَامِ المَعْسُولْ،
وَاسْتَبْدَلُوهُ بِوَعْدٍ مَكْذُوبْ.
قَدْ دُفِنَ، قَدْ غَابَ،
تَرَكُوهُ وَمَضَوْا،
وَقَالُوا: "لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ!"
كَانَ يَحْكُمُ الْقُلُوبَ،
وَالْيَوْمَ صَارَ سِجِينًا،
بَاعُوهُ فِي سُوقِ الْمَصَالِحِ،
وَكَتَبُوا عَلَيْهِ: "لَا يُرْجَى شِفَاؤُهُ!"
أَعِدْنَا إِلَى زَمَنٍ كَانَ فِيهِ الضَّمِيرُ،
يَسْكُنُ كُلَّ عَيْنٍ،
يَسْتَطِيلُ كَالنَّخِيلِ،
وَيَمْضِي كَالضِّيَاءِ.
69
قصيدة