غريبُ الدارِ أرهقَني اغترابي
وأمسى العمرُ مرهونَ العذابِ
تُراودني الليالي في جراحٍ
وتوقظُ في المآقي ألفُ نابِ
وأمشي في زحامِ الناسِ وحدي
كأنّي نار أنفاسي اللهابِ
تَراكمَ فوقَ صدري كلُّ همٍ
كأنّي لم أذقْ يوماً شبابي
تمرُّ سنينُ عمري في شجونٍ
كمرِّ السهمِ في صدرِ المُصابِ
أحِنُّ إلى الديارِ وفي ضلوعي
شعورٌ صادقٌ.. عذبُ المآبِ
تمرُّ أمامَ عينيّ الحكايا
فأبكي كلّ أحلامِ الأيابِ
أرى أُمّي على الأعتابِ تدعو
وتقرأُ في الدُجى نَص الكتابِ
وبيتُ الطينِ ما زالت زوايا
تُناديني برائحةِ التّرابِ
وأختي، كيفَ حالُ الطفلةِ الصغرى؟
أما زالتْ تُغنّي للغيابِ؟
وشوقي للغديرِ وللقرى، لـ
عشيّات تضوعُ من الرُكابِ
لذاك القُوتِ من خبزٍ الشعير
وشربِ الماءِ في ظلِّ السحابِ
هنا الغُربةُ.. جراحٌ في صدورٍ
وفي الأجفانِ أهاتُ العتابِ
فما جدوى الغنى إن لم تجدني
يدٌ تمسحْ على جرحي المذابِ؟
تعبتُ.. وليسَ يجدي غيرَ حلمٍ
يُناديني لأَحضان السراب
سأرجعُ رغمَ أعذارِ الليالي
فإنّي ما نسيتُ هواكِ، يا بي
أنا اليمنيُّ، عِزّي في انتمائي
وفي كفّي مفاتيحُ الصعابِ
وإن جارَ الزمانُ عليّ يومًا
ففي قلبي يثورُ من العقابِ
بلادي لا تعادلها قصورٌ
ولا دنيا تُزيَّنُ باختلابِ
سأرجعُ.. سوف أرجعُ ذاتَ فجرٍ
وأزرعُ وردتي فوقَ الهضابِ!
32
قصيدة