الديوان » العصر الايوبي » ابن الفارض » أرج النسيم سرى من الزوراء

عدد الابيات : 49

طباعة

أرَجُ النّسيمِ سَرَى مِنَ الزَّوراءِ

سَحَراً فَأَحيا مَيِّتَ الأَحيَاءِ

أَهدى لَنا أَرواحَ نَجدٍ عَرفُهُ

فَالجَوُّ مِنهُ مُعَنبَرُ الأَرجاءِ

وَرَوَى أحاديثَ الأَحبَّةِ مُسنِداً

عن إِذخِرٍ بأذاخِرٍ وَسِخاءِ

فسَكِرتُ مِن رَيّا حَواشي بُردِهِ

وسَرَت حُمَيّا البُرءِ في أَدوائي

يا رَاكبَ الوَجناءِ بُلِّغتَ المُنى

عُج بالحِمَى إن جُزتَ بالجَرعَاءِ

مُتَيَمِّما تَلَعاتِ وادي ضارِجٍ

مُتَيَامِناً عَن قاعَةِ الوَعسَاءِ

وإذا أَتَيتَ أُثَيلَ سَلعٍ فَالنَّقا

فَالرَّقمَتَينِ فلَعلَعٍ فَشَظاءِ

وكَذا عَنِ العَلَمَينِ مِن شَرقِيِّهِ

مِل عادِلاً للحِلّة الفَيحَاءِ

واقرِ السَلامَ عُرَيبَ ذَيّاكَ اللِّوَى

مِن مُغرَمٍ دَنِفٍ كثيبٍ نائي

صَبٍّ متى قَفلَ الحَجيجُ تَصاعَدَت

زفَرَاتُهُ بِتَنَفُّسِ الصُّعَداءِ

كَلَمَ السُّهَادُ جُفونَهُ فَتَبادَرَت

عَبراتُهُ مَمزوجَةً بدِماءِ

يا ساكِني البَطحاءِ هَل مِن عَودَةٍ

أَحيا بِها يا ساكِني البَطحَاءِ

إِن يَنقضي صَبري فَلَيسَ بمُنقَضٍ

وَجدي القَديمُ بكُم ولا بُرَحَائي

وَلِئِن جَفا الوَسمِيُّ ماحِلَ تُربِكُم

فمَدَامِعي تُربي على الأَنواءِ

وَاحَسرَتي ضاعَ الزَّمانُ وَلَم أَفُز

مِنكُم أُهَيلَ مَوَدَّتي بِلِقاءِ

وَمَتى يُؤَمِّلُ راحَةً مَن عُمرُهُ

يَومانِ يَومُ قِلىً ويَومُ تَنائي

وحَيَاتِكُم يا أَهلَ مَكَّةَ وهيَ لي

قَسَمٌ لقد كَلِفَت بِكُم أحشائي

حُبِّيكُمُ في النَّاسِ أَضحى مَذهَبي

وهَواكُمُ دِيني وعَقدُ وَلائي

يا لائِمي في حُبِّ مَن مِن أَجلِهِ

قَد جَدَّ بي وَجدي وعَزَّ عَزائي

هَلّا نَهاكَ نُهاكَ عن لَومِ امرِىءٍ

لم يُلفَ غَيرَ مُنَعَّمٍ بِشَقَاءِ

لَو تَدرِ فيمَ عَذَلتَني لَعَذَرتَني

خَفِّض عَلَيكَ وخَلِّني وبَلائي

فلِنَازِلي سَرحِ المُرَبَّعِ فالشّبي

كَةِ فالثَّنِيَّةِ مِن شِعابِ كَداءِ

وَلِحاضِري البَيتِ الحَرامِ وعامِري

تِلكَ الخِيامِ وَزَائري الحَثمَاءِ

وَلِفِتيَةِ الحَرَمِ المَرِيعِ وجِيرَةِ ال

حَيِّ المَنِيعِ تَلفُّتي وَعَنائي

فَهُمُ هُمُ صَدُّوا دَنَوا وَصَلوا جَفَوا

غَدَروا وَفَوا هَجَروا رَثوا لِضنائِي

وهُمُ عِيَاذي حيثُ لم تُغنِ الرُّقَى

وهُمُ مَلاذي إن غَدَت أَعدائي

وهُمُّ بِقَلبِي إِن تَناءَت دارُهُم

عَنِّي وَسُخطي في الهَوَى وَرِضائي

وَعَلى مَحَلِّي بَينَ ظَهرانيهِم

بِالأَخشَبَينِ أَطوفُ حَولَ حِمائي

وَعَلى اعتِناقي لِلرِّفاقِ مُسَلِّماً

عِندَ استِلامِ الرُّكنِ بالإِيماءِ

وتَذَكُّري أَجيادَ وِردي في الضُّحى

وتَهَجُّدِي في اللَّيلَةِ اللَّيلاءِ

وَعَلى مُقامي بِالمقامِ أَقامَ في

جِسمي السَّقامُ وَلاتَ حينَ شِفاءِ

عَمري وَلَو قُلِبَت بِطاحُ مَسيلِهِ

قُلُباً لِقَلبي الرَّيُّ بِالحَصباءِ

أَسعِد أُخَيَّ وغَنِّني بَحدِيثَ مَن

حَلَّ الأباطِحَ إن رَعَيتَ إخائي

وَأَعِدهُ عِندَ مَسامِعي فالرُّوحُ إِن

بَعُدَ المَدَى تَرتاحُ لِلأَنباءِ

وَإِذا أَذى ألَمٍ ألَمَّ بمُهجَتِي

فَشَذى أُعَيشَابِ الحِجازِ دَوائي

أَأُذادُ عَن عَذبِ الوُرُودِ بِأَرضِهِ

وأُحادُ عنهُ وفي نَقاهُ بَقائي

وَرُبُوعُهُ أَربَى أجَل ورَبيعُهُ

طَرَبي وصارِفُ أَزمَةِ اللَّأواءِ

وَجِبالُهُ لِيَ مَربَعٌ ورِمالُهُ

لِيَ مَرتَعٌ وظِلالُهُ أَفيائي

وشِعابُهُ ليَ جَنَّةٌ وقِبابُهُ

ليَ جُنَّةٌ وَعَلى صَفاهُ صَفَائي

حَيَّا الحَيَا تِلكَ المَنازِلَ والرُّبَى

وسَقَى الوَلِيُّ مَواطِنَ الآلاءِ

وَسَقَى المَشاعِرَ وَالمُحَصَّبَ مِن مِنىً

سَحّاً وجادَ مَواقِفَ الأَنضاءِ

وَرَعى الإِلَهُ بِها أُصَيحابي الأُلى

سامَرتُهُم بِمَجامِعِ الأَهواءِ

وَرَعى لَيالي الخَيفِ ما كَانِت سِوى

حُلُمٍ مَضَى مَعَ يَقظَةِ الإِغفاءِ

وَاهاً عَلى ذاكَ الزَّمانِ وما حَوَى

طِيبُ المكانِ بغَفلَةِ الرُّقَباءِ

أيَّامُ أرتَعُ في مَيادينِ المُنى

جَذِلاً وأرفُلُ في ذُيولِ حِباءِ

ما أعجَبَ الأيَّامَ تُوجِبُ للفَتى

مِنَحاً وتَمنَحُهُ بسَلبِ عَطاءِ

يا هَل لِماضي عَيشِنا مِن عَودَةٍ

يَوماً وَأسمَحُ بَعدَهُ بَبقائي

هَيهَاتَ خَابَ السَعيُ وَانفَصَمَت عُرى

حَبلِ المُنى وَانحَلَّ عَقدُ رَجائي

وكَفَى غَراماً أَن أَبِيتَ مُتَيَّماً

شَوقي أَماميَ وَالقَضاءُ وَرائي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الوَجناءِ

الناقة الشديدة او العظيمة الوجنتين

تم اضافة هذه المساهمة من العضو شذى


السُّهَادُ

الأرق والامتناع عن النوم

تم اضافة هذه المساهمة من العضو شذى


معلومات عن ابن الفارض

avatar

ابن الفارض حساب موثق

العصر الايوبي

poet-bin-alfard@

80

قصيدة

18

الاقتباسات

1195

متابعين

عمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، أبو حفص وأبو القاسم، شرف الدين ابن الفارض. أشعر المتصوفين. يلقب بسلطان العاشقين. في شعره فلسفة تتصل ...

المزيد عن ابن الفارض

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة