أي: أوهمت أهل الطريق والسلوك المشاهدين لجمال الصفات، و المتعلقين بحسن الأفعال والمظاهر دون الذات، بنظري معشوقهم الصوريّ، و محبوبهم الظاهريّ، أن بشرب شرابهم حصل لسري السرورُ حال كوني منتشيّا، فظنوا أن سرور روحي وانتشاء قلبي، حصل مما أدركوه ونظروا إليه من تجليات الصفات في مظاهر الذات، ومعاني الأفعال في صور الآثار، ولم يعلموا أني مستغرق بتجلي الذات مُهيم بجمالها مشغول بها عن غيرها.
وبالحَدَقِ استغنَيتُ عن قَدَحي ومِن
شَمائِلِها لا من شَموليَ نَشوَتي
أي : وبعيني التي تشاهد جمال الذات في مظاهر الأسماء والصفات، استغنيت عن القدح الذي يشرب به الراح؛ ونشوتي وسكري إنما هو من شمائلها وجمالها، لا من الشمول الذي هو حُسن الصفات والآثار.
أي : لما انقضى صحوي الأول وغلب عليّ السكر، حصل لي المباسطة مع المحبوبة فطلبت وصلها، والحال أنه لم يغشني في المباسطة معها قبض الخشية مع عظمتها وكبريائها.
وَأَبثَثَتُها ما بي وَلَم يَكُ حاضِري
رَقِيبٌ لها حاظٍ بخَلوَةِ جَلوَتي
أي : لمّا تقاضيت وصلها وأظهت لها ما حلّ بيّ من المحن والبلايا والآلام وأسقام العشق في الخلوة التي تجلّت فيها المحبوبة لي، والحال إنه لم يكن حاضراً عندي رقيب حظ، أي : رقيب هو بقاء حظي.
عمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، أبو حفص وأبو القاسم، شرف الدين ابن الفارض.
أشعر المتصوفين. يلقب بسلطان العاشقين. في شعره فلسفة تتصل ...