الديوان » العصر الايوبي » ابن المقرب العيوني » اليوم سر العلا واستبشر الأدب

عدد الابيات : 68

طباعة

اليَومَ سُرَّ العُلا وَاِستَبشَرَ الأَدَبُ

وَأَحمَدت سَيرَها المَهرِيَّةُ النُجُبُ

اليَومَ أَعتَبَ دَهري وَاِرعَوى وقَضى

في كُلِّ ما كُنتَ أَشكوهُ فَكَم أُجَبُ

اليَومَ أَسفَرَ وَجهُ الحَظِّ وَاِنبَسَطَت

يَدُ الرَجاءِ وَزالَ الهَمُّ وَالنَصَبُ

اليَومَ أَقبَلَتِ الآمالُ باسِمَةً

عَن كَالمَها زانَهُ التَفلِيجُ والشَنَبُ

فَكَم لِذا اليَومِ مِن دَوِّيَّةِ قَذفٍ

قَطَعتُ وَالقَلبُ في أَهوالِها يَجِبُ

تَبدو بِها الجِنُّ لي حيناً وَآوِنَةً

تَبثُّ أَضواءَها حَولي وَتَنتَحِبُ

فَحينَ أَكثَرتِ التَهويلَ قُلتُ لَها

هَذا التَّهَوُّلُ جِدٌّ مِنكِ أَو لَعِبُ

حَسبي أَبو جَعفَرٍ مِمّا يَدُبُّ عَلى

وَجهِ البَسيطَةِ أَو يَعتَرُّ أَو يَثِبُ

حَسبي إِمام الهُدى لا فرعُ دَوحَتِهِ

عِشٌّ وَلا ريشُ سَهمٍ راشَهُ لَعبُ

حَسبي إِمامُ الهُدى المَنصورُ فَاِمتَلَأَت

رُعباً فَضاقَت بِها الغيطانُ وَالجيبُ

صِنوُ النَبِيِّ إِذا يُعزى وَمُشبِهُهُ

خَلقاً وَخُلقاً وَبابُ اللَّهِ وَالسَّبَبُ

وَهّابُ ما لا رَأَت عَينٌ وَلا سَمِعَت

بِمثلِهِ هَيبَةً عُجمٌ وَلا عَرَبُ

تَرى مَناقِب كُلِّ الناسِ إِن سَفَرَت

أَدنى مَناقِبهِ تَخزى فَتَنتَقِبُ

كَم نارِ شَرٍّ طِلاعُ الأَرضِ جاحِمُها

لَهُ شُواظٌ بِحَيثُ النَجمُ يَلتَهِبُ

بِلَمحَةٍ مِنهُ عادَت وَهيَ خاشِعَةٌ

ثَلجاً وَما ذاكَ مِن آياتِهِ عَجَبُ

وَكَم أَخي ثَروَةٍ أَودى بِثَروَتِهِ

ظُلمُ الوُلاةِ وَتَأويلاتُها الكَذِبُ

أَعادَ ثَروتَهُ مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ

إِلَيهِ عَفواً وَقَد مَرَّت لَها حِقَبُ

وَكَم خَلاءٍ مَخُوفٍ قَلبُ سالِكِهِ

لِلخَوفِ مِثلَ لِواءِ الجَيشِ يَضطَرِبُ

أَضحى بِهَ آمِناً تَمشي الفَتاةُ بِهِ

مَشيَ القَطاةِ وَحَلّا صَدرَها لَبَبُ

وَكَم أَنالَ الغِنى مَن لا يُعَدُّ لَهُ

غَيرُ الخَصاصَةِ أُمٌّ وَالشَقاءُ أَبُ

وَكَم عِظامِ ذُنوبٍ فيه مُوثَقَةٍ

أَقلُّها لِحَصاةِ القَلبِ تَنتَهِبُ

هَذا هُوَ الفَضلُ وَالنَفسُ الشَريفَةُ وَال

جودُ العَميمُ وَهَذا الخَيرُ وَالحَسَبُ

وَكَم قَبائِلَ بَعدَ المَوتِ أَنشَرَها

وَما لَها غَيرُ مَقصوراتِها تُرُبُ

فَلو رَأى عُمَرُ الفاروقُ سيرَتَهُ

لَقالَ هَذا رَحى الإِسلامِ وَالقُطُبُ

وَشَمَّرَ الذَّيلَ يَسعى في أَوامِرِهِ

ما في الَّذي قُلتُهُ شَكٌّ وَلا رِيَبُ

بِهِ الفُتُوَّةُ تَمَّت وَاِعتَلَت شَرَفاً

كَما بِهِ شَرُفَت آباؤُهُ النُّجُبُ

فَما نَرى كَعلِيٍّ في الأَنامِ فَتَىً

سِواهُ وَالشِّبهُ نَحوَ الشِّبهِ مُجتَذَبُ

وَأَيُّ مُعتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنتَصِرٍ

لَلّهِ مِنهُ الرِّضا في اللَّهِ وَالغَضَبِ

قَرَّت بِهِ الأَرضُ مِن أَقصى التُخومِ وَقَد

كادَت لِفَقدِ إِمامِ البِرِّ تَنقلِبُ

وَأَصبَحت أَيكَةُ الإِسلامِ ناضِرَةً

يَدعو المُسيمَ إِلَيها الماءُ وَالعُشبُ

وَاِهتَزَّتِ الأَرضُ مِن رِيٍّ فَلا طَلَقٌ

لِلماءِ يُذكَرُ في حَيٍّ وَلا قَرَبُ

وَأَشرَقَت بَهجَةً دارُ السَّلامِ بِهِ

حَتّى تَمَنَّت سَناها السَبعَةُ الشُهُبُ

وَأَظهَرَ العُجبَ شَطّاها وَدِجلَتُها

وَما أَحاطَت بِهِ الأَسواقُ وَالرُحُبُ

وَفُتِّحت لِلقِرى أَبوابُ ذي كَرَمٍ

جفانُهُ خُلُجُ الصِّينِيِّ لا العُلَبُ

وَأَلفُ أَلفٍ تَزيدُ الضِّعفَ جادَ بِها

في كُلِّ عامٍ وَقَلَّت عِندما يَهِبُ

وَمِثلُ ذَلِكَ أَضعافاً مُضاعَفَةً

أَعطى وَقالَ قُصارى كُلِّ ذي العَطَبُ

فَما يَمُرُّ بِهِ يَومٌ وَلَيسَ بِهِ

لَهُ مَواهِبُ تُستَزرى لَها السُّحُبُ

فَاليَومَ ما فوقَ ظَهرِ الأَرضِ قاطِبَةً

إِلّا اِمرُؤٌ وَلَهُ مِن مالِهِ نَشَبُ

فَلو تُذابُ عَطايا كَفِّهِ لَجَرَت

بَحراً مِن التِبرِ رَجّافاً لَهُ لَجَبُ

لَم يَدَّخِر غَيرَ ما آباؤُهُ اِدَّخُروا

مِن أَنفُسٍ وَجَميع المالِ قَد وَهَبُوا

يَأبى الأُلى غَيرَ كَسبِ الحَمدِ ما اِدَّخروا

وَغَيرَ أَنفَسِ ما يَحوونَ ما وَهَبُوا

وَغَيرَ رَجراجَةٍ شَعواءَ ما جَلَبُوا

وَغَيرَ نَجمٍ يُسامي النَّجمَ ما طَلَبُوا

وَغَيرَ هامَةِ مَعدى الهامِ ما ضَرَبُوا

وَغَيرَ مِدرَهِ دارِ الحَربِ ما حَرَبُوا

قَومٌ هُم الرَأسُ مِن فهرٍ وَغَيرهُم

إِذا يُقاسُ إِلى عَلياهُمُ ذَنَبُ

النَجمُ يَنجُم ظُهراً إِن هُمُ غَضِبُوا

وَالأَرضُ تَأرضُ نَهراً إِن هُمُ رَكِبُوا

بِفَضلِهِم نَطَقَ القُرآنُ مُمتَدِحاً

لَهُم وَجاءَت بِهِ مِن قَبلِهِ الكُتُبُ

أَبوهُمُ الخَيرُ عَبدُ اللَّهِ خَيرُ أبٍ

وَجَدُّهُم سَيِّدُ البَطحاءِ إِن نُسِبُوا

لَولاكُمُ يا بَني العَبّاسِ ما اِنصَدَعَت

عَصا الخِلافَةِ صَدعاً لَيسَ يَنشَعِبُ

عَنها طَردتُم وَلَمّا يَثنِكُم رَهَبٌ

بَني الطَّريدِ وَلا اِستَوهاكُمُ رُعبُ

وَلا وَنَيتُم إِلى أَن قامَ ماؤُهُم

وَخانَ دَلوَهُمُ مِن عَقدِها الكَرَبُ

وَعادَ ميراثُكُم مِن كَفِّ غاصِبِهِ

فيكُم وَأَهلُ الدَعاوى عَنكُمُ غِيَبُ

يا خَيرَ مَن عَلِقَت أَيدي الرَجاءِ بِهِ

وَمَن سَواءٌ لَدَيهِ التِبرُ وَالتّربُ

إِلَيكَ مِن بَلَدِ البَحرينِ قَرَّبَني

شَدٌّ بِهِ اِنحَلَّتِ الأَكوارُ وَالغُرُبُ

وَغادَرَ العِيسَ أَنضاءً مُطَلَّحَةً

يَكادُ يَصرَعُها مِن خَلفِها العُشبُ

فَحَلِّني بِلباسٍ مِنكَ يَحسُدُني

عَلى اِتّصالي بِكُم ناءٍ وَمُقتَرِبُ

وَاِجعَل عدادي في الفِتيانِ واِعلُ بِهِ

شَأني فَمُعتَقدي أَن يَنجَحَ الطَّلَبُ

أَنتَ الإِمامُ الَّذي قَد كُنتُ آمُلُهُ

وَذا الزَمانُ الَّذي قَد كُنتُ أَرتَقِبُ

كَم جُبت دونَكَ مِن تَيها وَخاوِيَةٍ

يَشكو الكَلالَ بِها النَجّاءَةُ التَعِبُ

وَمُزبِدٍ يَتراءى المَوتُ راكِبهُ

سَلامَةُ المُتَخَطِّيه لَهُ عَجَبُ

وَكَم طَرقتُ رِجالاً ينذِرونَ دَمي

أَسقيتُهُم عَلقَماً غَصباً لَهُ شَرِبُوا

كَم قُلتُ لِلنَّفسِ إِذ لَجَّ الهُلوعُ بِها

وَكَالدِماءِ دُموعِ العَينِ تَنسَكِبُ

قِرّي فَيُمنُ أَميرِ المُؤمِنينَ لَنا

حرزٌ يَقينا الَّذي يُخشى وَيُجتَنَبُ

فَبارَكَ اللَّهُ في أَيّامِ دَولَتِهِ

وَجادَها كُلُّ رَجّاسٍ لَهُ لجَبُ

فَإِنَّ أَيّامَها طرزُ الزَمانِ إِذ

عُدَّت وَتاجٌ بِهِ الأَعيادُ تَعتَصِبُ

وَلا أَرانا إِماماً غَيرَهُ أَبَداً

فَما لَنا في إِمامٍ غَيرِهِ أَرَبُ

وَعاشَ في ظِلِّهِ المَولى الَّذي شَهِدَت

بِمَجدِهِ وَعُلاهُ العُجمُ وَالعَرَبُ

بَحرُ النَّدا شَرَفُ الدّينِ الَّذي شَرُفَت

بِهِ الوَرى وَسَما فَخراً بِهِ اللَقَبُ

ما ناحَ صَبٌّ وَما ناحَت مُطَوَّقَةٌ

وَما اِستَلَذَّ غَراماً عاشِقٌ وَصِبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن المقرب العيوني

avatar

ابن المقرب العيوني حساب موثق

العصر الايوبي

poet-abn-almqrb-alaaona@

98

قصيدة

5

الاقتباسات

43

متابعين

علي بن المقرب بن منصور بن المقرب ابن الحسن بن عزيز بن ضَبَّار الربعي العيوني، جمال الدين، أبو عبد الله. شاعر مجيد، من بيت إمارة. نسبته إلى العيون (موضع بالبحرين) وهو ...

المزيد عن ابن المقرب العيوني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة