الديوان » العصر المملوكي » ابن نباته المصري » حلفت بليل الشعر منه إذا سجى

عدد الابيات : 45

طباعة

حلفت بليلِ الشعر منه إذا سجى

وضوء الضحى من وجهه متبلِّجا

ومن أدمعِي بالمرسلاتِ من الأسى

ومن أضلعي بالموريات من الشجى

لقد ألجم العذَّالَ وجه معذِّبي

وقد لاحَ في جنحِ الظلامِ فأسرجا

وفرج غمِّي ذات يوم بِزَوْرةٍ

فقلت لعينيَّ انظرا وتفرَّجا

ظلاماً وبدراً فوق غصنٍ على نقا

دجى وتجلَّى وانْثنى وترَجْرَجا

وخدًّا كفاني صبوَةً شمُّ وردهُ

فكيف وقد زاد العذار بنفسجا

صحيفة حسنٍ قابلتها ملاحة

ألم ترهُ سطراً عليها مخرَّجا

بروحيَ في أفق المحاسنِ كوكبٌ

على مثلهِ قد طابَ لي سهرُ الدُّجى

نهانيَ عنه الهمُّ قبلَ عواذِلي

وأخرجني عنه وما كنتُ مُخرَجا

وأزعجني شيبٌ بفودَيّ طالعٌ

وما كان وقعُ الشيب لي عنهُ مزعجا

فيالك مقطوف العذار هجرته

فما عرَّجت عيني له حينَ عرَّجا

دنت دارُه منِّي وشطَّ مزَارُهُ

فهل أبصرتْ عيناكَ ثغراً مفلَّجا

كأنِّيَ لم أنعمْ بدينارِ خدِّه

مشوقاً على نقدِ العدى أو مبهرجا

ولم أصبُ من لهوٍ بنقطة خاله

إلى كرةٍ من حولها الصدغ صولجا

ولم أحجب العذَّال منه بحاجبٍ

رَأَوا عنده حقّ الملاحة أبلجا

ولم أترشف بعد فيه مدامةً

على يده دفَّاعةً حجّةَ الحجى

ولم أعط كأساً بالنضار وخدّه

لمعطيه بالدرِّ النظيم متوّجا

ولم أتلقَّ النهدَ في الصدر جالساً

وأسرى به حالي الشكيم مهملجا

إلى الرَّوض فيَّاحاً من الزَّهرِ باسماً

على الزُّهر رفاقاً لدى الطلّ سجسجا

أحبر في مدح الإمام محمدٍ

من اللفظ أبهى الروضتين وأبهجا

وما هو ممن لا أنقح مدحه

فآتي إليه بالمديح مرَوَّجا

أخاف له نقداً فأبطئ في الثنا

كجمع أبي جاد الحروف من الهجا

ألم ترَ أني قد لجأت لظلهِ

ودافعت حرا من أذى الدهر موهجا

أخلّدُ تاريخ العلى بصفاته

وأروي حديث الفضل عنه مُخرَّجا

وأصرف آمالي التي قد تقسَّمت

إلى مرتجى ما باب نعماه مرتجا

كريمٌ إذا ما قدَّم الظنّ نحوه

مقدمةً من منطق المدح أنتجا

ولا عيبَ فيه غير إسراع جوده

فليس يُمني بالمواعد محوجا

وأفراط كتم للندى وهو ظاهرٌ

وهل مانعٌ للرَّوض أن يتأرّجا

وقَّى الدِّين والدُّنيا ليهلك ملحدٌ

لديهِ وينجو راشدٌ مع من نجا

فتاوى على سمتِ الهدى وفتوَّة

تَجانسَ معنًى لفظها وتدَبجا

وبرّ رعى قصدَ العفاةِ فغاثها

وبأسٌ كوى قلبَ العدوِّ فأنضجا

وعلمٌ أقامته المباحث ناصِراً

فقل عَلمٌ ردَّ الأسودَ وهجَّجا

هو البحر يروى حولَ شطَّيه واردٌ

ويغرق من قدْ لجَّ فيه ولججا

له قلمٌ يحمِي الحمى برقاعه

ويكتب بالنعمى وبالعلمِ مزوِجا

إذا قالَ لم يترك لذي القول موضعاً

وإن صالَ لم يترك لذي الصوْل موْلجا

فكم من بليغٍ في الورى متفصحٍ

وعَى لفظةً من كتبه فتلجلجا

وكم من كميّ صار كالدّجّ حيرة

فلا غرْوَ إن قالوا لكميّ المدَججا

وكم منهجٍ في القولِ أرشدنِي له

وكم أملٍ أنشاه لي حين أنهجا

وكم كسوةٍ لي في دمشقَ أفادها

وقد كانَ ظهري من أذى البردِ أعوجا

وكم أنطقتْ نعماه منِّي مدائِحاً

سرى ذكرها غرباً وشرقاً فأدلجا

وروّى نباتياً من القولِ طالما

سقاهُ أبوهُ الغيث نوا مثججا

أبا الخير خذها من ثنائِي كرائِماً

أبت عن سوى أكفائها أن تزَوّجا

أوانس أبكارٍ يحقُّ لحسنِها

على ساكنِ الأمصارِ أن يتبرَّجا

تهبُّ للقياها الكرامُ من الحيا

ويجرِي بذكراها المطيّ على الوجا

لها إن تقمْ في دارَةِ الأفقِ منزلٌ

وإن تسرِ حلت من ثرياه هوْدَجا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن نباته المصري

avatar

ابن نباته المصري حساب موثق

العصر المملوكي

poet-abn-nbath@

1727

قصيدة

6

الاقتباسات

101

متابعين

محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري أبو بكر جمال الدين. شاعر عصره، وأحد الكتاب المترسلين العلماء بالأدب، أصله من ميافارقين، ومولده ووفاته في القاهرة. وهو من ...

المزيد عن ابن نباته المصري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة