الديوان » العصر العثماني » ابن معتوق » أما ومواضي مقلتيها الفواصل

عدد الابيات : 67

طباعة

أمَا ومَواضي مُقلتَيْها الفواصِلِ

لَتَشبيهُها بالبدرِ تَحصيلُ حاصِلِ

وياقوتِ فِيها إنّ جوهرَ جِسمِها

لَكَالماءِ إلّا أنّه غيرُ سائلِ

ووَردِ مُحيّاها النّضيرِ لقدّها

هو الرُمحُ إلّا أنّه غيرُ ذابلِ

من العِين إلّا أنّها في كِناسِها

تُظلّلُها أُسْدُ الشّرى بالمَناصِلِ

كَعابٌ تمدّ الحَتفَ في أيّ ناظرٍ

منَ الغُنْجِ إذ ترنو لمُقلةِ خاذِلِ

ذكاءٌ حمَتْها الشمسُ وهْي أسنّةٌ

وقامت لديْها نَيّراتُ المَشاعِلِ

تظنّ رُغاءَ الرّعدِ زفرَة مُدنَفٍ

فترشُقُه حُرّاسُها بالمَعاسِلِ

وتحرُسُ عن مرِّ النّسيم توهّماً

بأنّ الصَّبا تُهدي إليها رَسائلي

بروحيَ منها حاجباً غُنجُ قوسِه

تسلَّمَه من طَرْفِها أيُّ نابِلِ

وقُضبانَ بلّورٍ بدَتْ في خَواتِم

وأعمدةً من فضّةٍ في خَلاخِلِ

وزَنْدَينِ لو لم يُمسَكا في دَمالجٍ

لَسالا من الأكمامِ سَيلَ الجَداوِلِ

فَما اِختالَ ظبيٌ قبلَها في مَدارِعٍ

ولا مالَ غُصنٌ يانعٌ في غَلائِلِ

أحنّ لمرأى خدِّها وهْو مصرَعي

وأعشَقُ منها الطَّرْفَ والطّرفُ قاتِلي

فوَا عجَبا أشقى بها وهْي جنّتي

ولم أقتنِصْها والظُّبى من حَبائِلي

وليلٍ غُرابيّ الخِضابِ كفَرْعِها

طويل كحَظّي لونُه غيرُ ناصِلِ

كأنّ الدّياجي منهُ سودٌ عَوابسٌ

وأنجمُه بيضُ الحِسانِ الثّواكلِ

قضى فجرُه نحباً فأحيَتْهُ فِكرَتي

وتَرمي الحَصى باليَعْملاتِ الذّوابلِ

وبتُّ وصَحبي كالقِسيّ من السُّرى

تجافَى الكَرى ميلُ الطُّلى والكَواهِلِ

وظِلْنا نُساقي في زُجاجاتِ ذِكرِها

حُميّا هَواها في نديِّ الرّواحِلِ

فمنْ مُدنفٍ صاح بنا مثل شارِبٍ

ومن معشرٍ منّا له زيُّ ذاهِلِ

فلَولا هَواها ما صبَوْتُ إلى الصّبا

ولا رحِمَتْ دَمعي رُعاةُ المَنازلِ

ولا قنَصَتْ أختُ الغَزالِ جوارِحي

ولا هيّجَتْ وُرْقُ الحَمامِ بَلابِلي

ولَولا رُقى السِحرِ المُبينِ بلَفظِها

لَما اِلتَذّ سَمْعي في أحادِيث بابِلِ

أيَلحَقُني في حُبِّها نقصُ سَلْوةٍ

إذاً فارَقَتْني نِسبَتي للفَضائِلِ

ولا صافَح الخطّيُّ منّي يَدَ النّدى

ولا عانَقَتْ جِيدَ المَعالي حَمائِلي

ولا نصَبَ البيضُ الجَوازِمُ رُتْبَتي

ولا رفعَتْها هِمّتي بالعَوامِلِ

وإنّي لظَمآنٌ إلى عذبِ منهَلٍ

حمَتْ شهدَهُ نُجْلُ الرِماحِ النّواهلِ

بحيثُ تَحوطُ الأُسْدُ مربَضَ باغِمٍ

وتوقِظُ طرْفَ المَوتِ دعوَةُ صاهِلِ

وما مَوْرِدي عذْبٌ إذا لم أرَ الظُّبى

تَشوبُ نُضاراً في لُجَينِ المَناهِلِ

سقى اللّه قوماً خيّموا أيمنَ الحِمى

وحيّا بشَرقيِّ الغَضا كُلَّ وابِلِ

وللّهِ أيّامُ السُرورِ وحبّذا

مَواسِمُ لذّاتِ الليالي الأوائِلِ

أمَا آنَ أن تَدنوا الديارُ فينجَلي

ظلامُ التّنائي في صباحِ التّواصُلِ

فحتّام تستَجْدي النّوى يمَّ مُقلَتي

فيرفِدُها دُرُّ الدُموعِ الهَوامِلِ

أكانَتْ جُفوني كلّما اِعترَض النّوى

بَنانَ عليٍّ والنّوى كفَّ سائِلِ

جَوادٌ إذا ضنّ الغَمامُ على الوَرى

تَوالَتْ يَداهُ بالغُيوثِ الهَواطِلِ

شريفٌ مُحلّى التّاجِ في حَلْي فضلِهِ

تُزانُ صُدورُ المَكْرُماتِ العَواطِلِ

له راحةٌ لو تَرضَع المُزنُ دَرَّها

سمَتْ باللآلي مُعْصِراتُ الحَوامِلِ

أحاطَتْ بأوساط الدُهورِ ووشّحَتْ

حُظوظَ الوَرى منها خُطوطُ الأنامِلِ

تلَذُّذُه بالبأسِ والعَفْو والتُقى

وبَذْلِ العَطايا لا بطِيبِ المآكِلِ

يهزّ اِفعُوانَ الرُمحِ في كفِّ ضيغَمٍ

ويُمسِكُ هزَّ السيفِ في بحرِ نائِلِ

يُقلِّبُ فيه الدّهْرُ أجفانَ حائِرٍ

ويرنو إليه الغيثُ في طَرْفِ آمِلِ

هُمامٌ يَصيدُ الأُسْدَ ثعلبُ رُمحِه

إذا الرُّبْدُ زُفَّتْ في بِرازِ الجحافِلِ

فما صارَ شيءٌ من عِداهُ بأرضِه

سِوى ما سَرى من لحمِهم في الحَواصِلِ

لطاعَتِه قامَتْ على ساقِها الوَغى

ونكّسَ ذُلّاً رأسَه كلُّ باسِلِ

وشُدّت على الأوساطِ من خدَمِ القَنا

لدَيْهِ زنانِيرُ الكُعوبِ العَوامِلِ

وليس اِضطِرابُ الريحِ خُلْقاً وإنّما

رمَتْها دَواعي ذُعْرِه بالأفاكِلِ

يرى زَورَة العافي ألَذَّ منَ الصَّبا

وأحسنَ من وَصْلِ الحبيبِ المُماطِلِ

هو المِصقَعُ اللَّسْنُ الّذي لبَيانِه

بنَظْمِ القَوافي مُعجِزاتُ الفَواصِلِ

وموضوعُ علمِ الفضلِ والعَلَمُ الّذي

عليهِ وُجوباً صحّ حملُ الفَواضِلِ

يُعدّي فِعالَ المَكرُمات بنَفسِها

إلى آملِيه لا بجَرِّ الوَسائلِ

مضى فعلُه المُشتَقُّ من مصدَر العُلا

فصحّ له منهُ اِشتِقاقُ اِسمُ فاعِلِ

تكادُ القَنا قَسراً بغيرِ تثقّفٍ

يقوّمُ منها عدلُه كلَّ مائِلِ

وإنْ تنحَني حَنيَ الأساوِر قُضبُه

لِما أثقلَتْها من دُخولِ القَبائِلِ

فلا تطلبوا يا حاسِدِيه اِغتيالَه

فتخطفكُم غُولُ الخُطوبِ الغَوائِلِ

ولا تنزِلوا أرضاً بها حلّ سُخطُه

فتنزِلَ فيكم صاعِقاتُ النّوازِلِ

تولّى بلادَ الحَوْزِ فلْيَخْلُ بالُها

وتفْرَغَ من بعدِ الهُمومِ الشّواغِلِ

لقد قرّ طُورُ المَجدِ فيها مكانَهُ

وقد كان دكّاً قبلَهُ بالمَنازِلِ

وفكّ عن المُلْكِ الوِثاقَ فأصبحَتْ

شَياطينُه من قَهرِه في سَلاسِلِ

وزال ظلامُ الغَيّ عن نيّر الهُدى

وحُكّمَ سيفُ الحقِّ في كلّ باطِلِ

فحسبُك يا بِكْرَ العُلا مَفخراً فقدْ

تزوّجْتَ منه بالكِرامِ الحلائِلِ

فَيا اِبْنَ حُسام المَجد والعامِلِ الّذي

به اِنصرفَتْ قَسْراً جميعُ القَبائِلِ

لقد فُقْتَ آباءَ الكِرامِ بوالِدٍ

به خُتِمَتْ غُرُّ الكِرامِ الأفاضِلِ

محلُّ سِماكِ الفَضْلِ مركزُ شمسِهِ

مقرُّ دَراري غامِضاتِ المَسائِلِ

صَفوحٌ صَدوقٌ حاكمٌ متشرّعٌ

عَفيفٌ شريفٌ ما له من مُماثِلِ

فقيهٌ حكيمٌ عالمٌ متكلّمٌ

ينصُّ على أحكامِه بالدّلائِلِ

مَناقِبُ فخرٍ حُزْتَها يا اِبنَهُ

وحسبُكَ فخراً ما به من شَمائِلِ

فلا زِلْتَ قُطباً ثابتاً في العلا ولا

برِحْتَ هِلالاً كاملاً غيرَ آفِلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معتوق

avatar

ابن معتوق حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-matouk@

154

قصيدة

2

الاقتباسات

78

متابعين

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي. شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).

المزيد عن ابن معتوق

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة