الديوان » العصر العثماني » ابن معتوق » ميلوا بنا نحو الحجون ونكبوا

عدد الابيات : 72

طباعة

مِيلوا بنا نحوَ الحجونِ ونكّبوا

حيثُ الهوى منه فثمّ المَطلَبُ

أُمّوا بنا أُمَّ القُرى فلعلّنا

ندنو إلى لَيلى الغَداةَ ونقرُبُ

وَصِفوا لسُكّانِ الصّفا كدَري عسى

أن يُنصِفوا يوماً فيَصفو المشرَبُ

وذَروا القُلوبَ الواجباتِ برَبْعِه

تقضي الحُقوقَ الواجبات وتندُبُ

وقِفوا على الجمَراتِ نسألُ مَنْ بها

عمّن لها بصُدورِنا قد ألهَبوا

واِرْعوا الجوارِحَ أن تصيّدَها المَها

فمنَ العُيونِ لها شِراكٌ تُنصَبُ

وتجسّسوا قلبي فإنْ لم تظفَروا

فيهِ بها وأنا الضّمينُ فحَصِّبوا

واِنحوا يَمينَ منىً فثمَّ منَ المُنى

سرٌّ بأحشاءِ المَنونِ محجَّبُ

واِهْوُوا سُجوداً في ثَراهُ وصدّقوا الر

رُؤيا بنحرِكُمُ القلوبَ وقرّبوا

يا ساكني جمعٍ وحقِّ جميعكُم

لَهوايَ بين شِعابِكم متشعِّبُ

أظَنَنْتُم أنّي أمَلُّ عذابَكُم

وعذابكُم يحلو لديّ ويعذُبُ

وجّهْتُمُ تِلقاءَ مَدْيَنِ حبّكم

قلبي فأصبحَ خائِفاً يترقّبُ

وأخذتُموهُ في قِصاص خُدودِكم

وهو البَريُّ وطَرفُ عَيني المُذنِبُ

إنّي لأعجَبُ من كِلام ظِبائِكُم

وطلوعُ أنجُمِكم ضُحىً هو أعجَبُ

أستغربُ الأسنان تُنبتُ لؤلؤاً

وتصوّرُ الألفاظَ دُرّاً أغرَبُ

والقلبُ تحرُسُهُ مَعاصمُ ريمِكُم

ويزيدُ في نُطقِ الوشاحِ الرَبرَبُ

يبدو بحبّكُمُ الغزالُ مبرقعاً

ويميلُ غصنُ البان وهو معصَّبُ

أقمارُكم فوقَ الأهلّةِ طُلَّعٌ

وشُموسُكُمْ تحت الأكِلّة تَغرُبُ

صُنتُم ثُغورَ الحُسنِ عن جُندِ الهَوى

فحميتُموها في جُفونٍ تضربُ

للَّه مغنىً في الحِمى بخدورِه

يكفُلْنَ بيضاتِ النّعامِ الأعقُبُ

مغنىً تُشاهَدُ في مواقف حيّه ال

آسادُ تمرَحُ والجآذِرُ تلعبُ

نُزُلاً يُضيءُ كأنّ ملعَبَ سربِه

فلَكٌ بأقمارِ الظّلامِ مُكَوكَبُ

أفدي بُدورَ سَراةِ حيٍّ فوقَه

ضربوا القِبابَ على الشموسِ وطنّبوا

ونُجومَ حُسنٍ تحتمي بأهلّةٍ

أجرَتْ ضِياها في الشّبيبةِ أقضُبُ

ومعاشِرٍ فضلاتُ قصدِ رماحِهم

يومَ القِرى تكفيهِم أن يخطُبوا

نصبوا السّحابَ الصاعِقاتِ فقلّدوا

منها ومن فوقِ البُروقِ تنقّبوا

يا حبّذا عصرٌ مضى لا عَيبَ في

عُقباهُ إلّا أنّه لا يُعقبُ

أزكى وألطَفُ من رسائِل عاشقٍ

آصالُه وأرقُّ ممّا يُنسَبُ

فإلى مَ يمطُلُني الزّمانُ بعَوْدِه

هيهاتَ ليس بعائِدٍ ما يذهَبُ

وعْدُ الزّمانِ إذا تحقّق صِدْقُه

فعساهُ من فلَقِ الدُّجنّة أكذَبُ

عجباً لهذا الدّهرِ يغدُر بالفتى

ويَسوءُ نفسَ المرءِ وهْو محبَّبُ

لم يُرْوِ منتجِعاً رَشاشُ سحابةٍ

لولا نوالُ أبي الحُسينِ الصيّبُ

ملكٌ تَزينُ الدّهرَ حِليةُ فضلِه

ويفوزُ بالشّرفِ الرفيعِ المنصبُ

حرٌّ إذا نسبوا الكِرامَ يَفوحُ من

أنسابِه عبَقُ النّبيّ الأطيَبُ

نسبٌ لوَ اِنّ الفجرَ حاز ضياءَهُ

عاش الضُحى أبداً ومات الغَيهَبُ

أو في الدُجى عن نورِه كُشِفَ الغطا

قامت له الحِرباءُ ليلاً ترقُبُ

من آلِ حيدرَةَ الغطارفةِ الأُلى

فرضوا على الذِمَمِ النّوالَ وأوجَبوا

قومٌ همُ الأمطارُ إن فُقِدَ الحَيا

وهمُ الصّواعقُ في الورى إن حُوربوا

الناثرو عِقدَ الطُلى إن قوتِلوا

والناظِمو دُرَّ العُلا إن خُوطِبوا

بشرٌ تكوّن من ندىً وسماحةٍ

فلِذا جوانبُه تَلينُ وتصعُبُ

ليثٌ يهزُّ يَداهُ شُعلةَ صارِمٍ

ماءُ المَنونِ يكادُ منها يشربُ

نهرٌ من الفولاذ أصبح جارياً

منهُ الفرِندُ وشبّ منه المضرِبُ

عدلٌ له صفةُ الزّمانِ إذا قضى

بالسيف يخفِضُ من يَشاءُ وينصِبُ

يقضي بصرْفِ الجمعِ عادلُ رُمحِه

ولدَيه يَبني المجدَ ماضٍ مُعرَبُ

هذا وحيدُ العصر فاضلُه فإن

شكّكْتُمُ فاِبْلوا الأنام وجرّبوا

لا يُشكَرُ النادي ويعبَقُ طيبُه

إلّا إذا غنّى ثناهُ المُطرِبُ

بحرٌ إذا سُئِلَ النّوالَ فدُرُّه

يطفو ودُرُّ البحرِ فيه يَرسُبُ

تَقفوهُ من فتحِ العقابِ عِصابةٌ

ويحفّ فيه من الضّراغِم موكِبُ

غازٍ إذا في اللّيل صلّتْ قُضبُه

غنّى الحمامُ به وصاح الحُندَبُ

يفترّ مُبتسماً فيُصبحُ مالُه

يبكي ويرضى السيفُ لمّا يغضبُ

فطنٌ لفكرتِه بكلّ بديعةٍ

لفٌّ ونشْرٌ في الأمورِ مرتّبُ

يصفرُّ وجهُ التّبرِ خيفةَ بذلِه

فيكادُ جامدُه يسيلُ ويذهَبُ

لو كان شمساً لم يسعْهُ مشرقٌ

ولَضاقَ عن كتمِ الشُعاعِ المَغرِبُ

أو حازَ وجهُ الدّهْر أدنى بشْرِهِ

ما بان فيه من الخُطوبِ تقَطُّبُ

يا اِبْنَ الّذي في عِلمِه وحُسامِه

عُرِفَ الإله وبان فيه المذهبُ

لم تتّخذْ غيرَ المهنّدِ في الوغى

إلْفاً ولا غيرَ المثقَّفِ تَصحَبُ

ولَرُبَّ معترَكٍ كأنّ قَتامَهُ

والبيضُ تلمعُ فيه نورٌ أشيَبُ

تبكي بموقفِه الطُلى وفمُ الرّدى

بالضّربِ يبسِمُ منه ثغرٌ أشنَبُ

صامَتْ صوارمُه وصلّتْ قُضبُه

فالهامُ تسجدُ والمنايا تخطُبُ

كم فيه ألقى من غديرِ مُفاضةٍ

يبدو عليه من صَداها الطّحْلُبُ

أورَدْتَ فيه السيفَ وهْو حديدةٌ

وصدرْتَ وهْو من النّجيع مذهّبُ

وتركْتَ فيه من الرؤوس صوامِعاً

صلّى عليها القشْعَمُ المترهِّبُ

وركبْتَ تلحقُك النسورُ وإنّما

يسري وراها في حشاها المقنَبُ

للّه دَرُّك من فتىً لم تترُكَنْ

شيئاً من المجدِ المؤثّلِ يُطلَبُ

صيّرْتَ سيفَك يا عليُّ إلى العُلا

فركِبْتَ منه غضنْفَراً لا يُركَبُ

ما فوّق المِقدارُ سهماً صائِباً

فرمى به إلّا ورأيُكَ أصوَبُ

مولايَ سَمعاً من رقيقٍ مُخلصٍ

مدْحاً له الودُّ الصحيحُ يهذِّبُ

مدحاً غَدا هاروتُ عندَ نشيدِه

للسّحرِ من ألفاظِه يتكسّبُ

تَحكي فرائِدُه العُقودَ وإنّما

أبكارُها مكنونةٌ لا تُثقَبُ

فأجِلْ بها فِكراً ولا تغترَّ في

برقٍ سواهُ فإنّ ذلك خُلَّبُ

وتَهَنَّ بالعيد الّذي لولاكَ ما

عادَ الأنامُ فكرّروه ورحّبوا

وتوفَّ أجْرَ صيامِه وفِطارِه

قلبَ العِدا واِلْبَسْ عَلالاً يُسلَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معتوق

avatar

ابن معتوق حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-matouk@

154

قصيدة

2

الاقتباسات

78

متابعين

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي. شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).

المزيد عن ابن معتوق

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة