الديوان » العصر العثماني » ابن معتوق » سطعت شموس قبابهم بزرود

عدد الابيات : 83

طباعة

سطَعَتْ شُموسُ قِبابِهم بزَرُودِ

فهَوَتْ نُجومُ مَدامِعي بخُدودي

وتلاعَبَتْ فرَحاً بهِم فتَياتُهم

فطَفِقْتُ أرسُفُ في الهوى بقُيودي

وعلى الحِمى ضرَبوا الخيامَ فليتَهُم

جعلوا من الأطْنابِ حَبلَ وريدي

عهدي بهم تحيا الرّسومُ وإن عفَتْ

فعلامَ أحشائي ذَواتُ هُمودِ

وحياتِهم لولاهُمُ ما لذّ لي

شهدُ الهَوى المَسمومُ بالتّفْنيدِ

كلّا ولا اِستعذَبتُ سائِلَ عَبرةٍ

لولا مُلوحَتُها لأوْرَقَ عودي

تفدي القنا ما في مناطقِهم وإنْ

هي أشبهَتْ شَدّاتِها بعُقودِ

نفرٌ تكادُ لِطيبِهم بأكفّهم

تَحكي ذوابلُهم رَطيبَ العودِ

لا زالَ في وَجَناتِهم ماءُ الصّبا

يَسقي رياضَ شقائقِ التّوريدِ

وسقَتْهُمُ مُقَلُ الغَمامِ منَ الحَيا

دَمْعاً يخدِّدُ وجْنةَ الجُلْمودِ

للّهِ فيهِم أسرةٌ لا تُفتَدى

أسْرى الهَوى من سجنِهم بنُقودِ

كم من قُلوبٍ بينهُم فوقَ الثّرى

وجَبَتْ وأيْدٍ أُلصِقَتْ بكُبودِ

تَلقى المنيّةَ بين بيضِ خُدودِهم

بسطَتْ ذراعَيْها بكلِّ وَصيدِ

تحت المغافِرِ والغفائِرِ تنجلي

منهم بُدورُ أسرّةٍ وسُعودِ

ضربوا القِبابَ من الحرير وزرّروا ال

أبوابَ منها في نُصولِ حَديدِ

رقّتْ خُدودُهُمُ فرقّ تغزُّلي

وقَسَتْ قلوبُهمُ فلانَ شَديدي

طلبوا حِفاظَ رِهانِ أربابِ الهوى

فاِستودَعوها في حِقاقِ نُهودِ

وحموا الثّغورَ فطاعَنوا من دونِها

برِماحِ خطٍّ أو رِماحِ قُدودِ

ما خِلْتُ قبلَ ثُغورهم أن يُنبِتَ ال

ياقوتُ بيضَ اللّؤلؤِ المَنضودِ

ولوِ اِستطَعْتُ بأن أُجَسِّمَ لفظَهُم

لنظَمْتُ منه قلائِدي وعُقودي

في الكَرْمِ معنىً سرُّه لشفاهِهم

نمّتْ عليه معاصرُ العُنقودِ

بعثوا إليّ الطّيفَ في طلبِ الكرى

فأتى وردّ إليهم بهُجودي

يا صاحِ هذا حيّهُم فاِنزِلْ به

واِنشُدْ هنالكَ مُهجةَ المَعمودِ

بمعارجِ الأقمارِ من تَلَعاتِه

عرّجْ فثمّ مهابِطُ المَقصودِ

وأطِلْ بعَرصَتِهِ السّجودَ فإنّما

مسعاكَ منه في محلِّ سُجودِ

واِلثِمْ حَشاهُ مفتّشاً في تُربِه

فهناك ضيّعتِ الحِسانُ عُهودي

وهناك ألقيتُ العصا وأناخَ بي

حادي الهَوى ووضعْتُ ثمّ قُتودي

يا حبّذا عصرٌ على السّفحِ اِنقضى

ولذيذُ عيشٍ بالعقيقِ رَغيدِ

عصرٌ بسَمعي إذ يمرُّ حديثُهُ

يحلو لديّ به فناءُ وُجودي

ما لي وما للدّهرِ لا أصحو به

من سُكرِ بَيْنٍ أو خمارِ صُدودِ

أوَ ما كَفَتْهُ نائِباتُ خُطوبِه

حتّى رَماني في صُدودِ الغِيدِ

ما بالُ أهوى البيضَ منها وهْي في

فَوْدَيَّ تُنكِرُها وتعشَقُ سُودي

لا تُنكِري يا بيضُ بيضَ مَفارِقي

فلرُبَّ شانٍ ذمّ شأنَ حَميدِ

أنا مِجْمَرٌ والشيْبُ نارُ تسَعُّري

وسوادُ فَوْدي مثلُ لونِ خُمودي

ليس الحُسامُ إذا تجرّد متنُه

في الضّرْبِ مثل الصّارمِ المَغمودِ

حتّام تجرَعُ يا فؤادُ من المَهى

ومن الزّمانِ مرارةَ التّنكيدِ

وتَميلُ للبيضِ الحِسانِ تطرُّباً

مَيلَ العَليّ إلى خِصالِ الجودِ

خيرُ الملوكِ سَليلُ أكرَمِ والدٍ

خلَف الغطارِفةِ الكِرامِ الصيدِ

حرٌّ أتى بعد النبيّ وآله ال

أطهارِ للتأسيسِ والتأكيدِ

سمْحٌ إذا اِنتجَعَ العُفاةُ بنانَهُ

هطلَتْ سحائِبُها بغيرِ رُعودِ

عَضْبٌ إذا ما العَزْمُ جرّد حدَّهُ

ضربَتْ بشعْرَتِه يدُ التأييدِ

رامٍ إذا اِشتدّ النِصالُ تنصّلَتْ

منه سِهامُ الرأيِ بالتّسديدِ

قاضٍ إذا اِختلفَ الخُصومُ كأنّما

فصْلُ الخِطابِ رواهُ عن داودِ

بطلٌ أساوِدُ لُدنِه يومَ الوغى

تذَرُ الأسودَ فرائِساً للسِّيدِ

ذو راحةٍ مَزبورةٌ بخطوطِها

آياتُ وعدٍ بُيّنَتْ ووَعيدِ

وعزائِمٍ يومَ الكفاحِ لدى اللّقا

قامَتْ مَقامَ الجَحْفَلِ المَحشودِ

تتنفّسُ الصّعَداءَ خوفَ صِعادِه

مُهَجُ العِدا فتذوبُ بالتّصعيدِ

عدَمُ الشّريكِ له بكلِّ فضيلةٍ

يقضي لهُ بمزيّةِ التّوحيدِ

طلبَ العُلا بسُيوفِه فاِستخرَجَتْ

بالفتْكِ جوهرَ كنزِها المرصودِ

حظُّ العدوّ لديه بيضُ حديدِه

والوفد حُمرُ نُضارِه المَفقودِ

وافى العُلا من بعدِ طولِ تأوّدٍ

فأقامَ ما فيها منَ التأويدِ

وتعطّلَتْ بئرُ النوالِ وإنْ نَشا

ظفَرَ العُفاة بعذبِها المَورودِ

ملكٌ كأنّي إن نطَقْتُ بمدحِه

شتّتُّ في الأسْماعِ سِمْطَ فَريدِ

فكأنّني للناشِقينَ أفُضُّ عن

مختومِ مِسْكٍ فيه عند نَشيدي

لو تشعُرُ الدُنيا لقالَتْ إنّ ذا

مضمونُ أشعاري وبيتُ قَصيدي

لو تُنصِفُ الأيّامُ لاِعترَفتْ له

بفضيلةِ المَولى وذُلِّ عَبيدِ

لو لم تُنافِسهُ النجومُ على العُلا

خدمَتْ رَفيعَ جنابِه المَحسودِ

تَلقى برؤيتِه المُنى أوَ ما تَرى

عُنوانَه بجبينِه المَسعودِ

تجري بأجمعِهِ المحبّةُ للنّدى

جرْيَ الصّبابةِ في عُروقِ عَميدِ

وأشدُّ فَتْكاً في الكُماةِ بنَصلِهِ

من لحظِ مودودٍ بقلبِ وَدودِ

قبَسٌ يكادُ إذا تسعّرَ بأسُهُ

عنهُ تسيلُ الدِّرْعُ بعدَ جُمودِ

لو تَرتَمي في اليمِّ منه شرارةٌ

لغدَتْ به الأمواجُ ذاتَ وُقودِ

تأوي أسنّتُه الصّدورَ كأنّما

خلطَ القُيون حديدَها بحُقودِ

والبيضُ حيث بُدورُها اِعترفَتْ له

بالفَضْلِ أكرمَها بكلِّ جُحودِ

ما فاتَهُ فخرٌ ولا ذمُّ الوَرى

يَرْقى لِكُنْهِ مقامِهِ المَحمودِ

بِنداهُ يخضرُّ الحصى فكأنّما

أثَرُ الصّعيدِ له بكلِّ صَعيدِ

فالمَجْدُ مَقصورٌ عليه أثيلُهُ

والعزُّ تحتَ ظِلالِه المَمْدودِ

موْلىً شوارِدُ فضلِهِ ونوالِه

فينا تَفوتُ ضوابِطَ التّحديدِ

كلُّ المَفاخِرِ والمناقِبِ جُمِّعَتْ

فيه على الإطْلاقِ والتقْييدِ

يا اِبنَ المَصاليتِ الّذين بسَعْيِهمْ

حازوا العُلا منْ طارِفٍ وتَليدِ

ورَوَوْا أسانيدَ المفاخرِ والتُقى

في عزِّ آباءٍ لهُم وجُدودِ

رهْطٌ بهم شرَفُ الأنامِ وعنهُمُ

نُقِلَتْ أصولُ الذِّكرِ والتّحميدِ

وضعوا لكَ المجدَ الأثيلَ وأسّسوا

فرفَعْتَهُ بقواعِدِ التّمْهيدِ

زخْرَفْتَهُ ونقشْتَ فيه لمنْ يَرى

صوراً من التّعظيمِ والتّمجيدِ

لولا وُرودُك للجزيرةِ ما زَهَتْ

وَجناتُ جنّاتٍ لها بورودِ

كلّا ولا سحَبَتْ على ساحاتِها

أغصانُ قاماتٍ ذُيولَ بُرودِ

فارَقْتَها فخشيتُ بعدَك أنّها

تُضحي كما أضحتْ ديارُ ثَمودِ

كانت بطوفانِ المهالك فاِغتَدَتْ

لمّا رَجَعْتَ على نجاة الجودي

أنقَذْتَ أهليها ولو لم تأتِهم

ما قومُ لوطٍ منهمُ بسَعيدِ

اللّهُ حسبُك كم غفَرْتَ لمُذنِبٍ

منهم وكم أطلَقْتَ من مَصفودِ

فليهنها الرحمنُ منك برجعةٍ

فيها رُجوعُ سُرورِها المَفقودِ

واِلبَس ثِيابَ الأجرِ صافيةً فقدْ

بعثَ الصّيامُ بها رسولَ العِيدِ

لا زِلْتَ للإسلامِ أشرفَ كعبةٍ

لم تَخْلُ يوماً من طَوافِ وُفودِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معتوق

avatar

ابن معتوق حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-matouk@

154

قصيدة

2

الاقتباسات

78

متابعين

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي. شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).

المزيد عن ابن معتوق

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة