الديوان » العصر العثماني » ابن معتوق » روى عن الريق منها الثغر والشنب

عدد الابيات : 86

طباعة

رَوى عن الرّيقِ منها الثّغْرُ والشّنَبُ

معنىً عن الرّاحِ تَروي نظْمَهُ الحَبَبُ

وحدّثَتْ عن نُفوسِ الصّيدِ وجنَتُها

أخبارَ صِدقٍ يُقوّيها دمٌ كذِبُ

وأرسلَتْ للدُجى من فرعِها مثلاً

تمثّلَتْهُ فُروعُ البانِ والعذَبُ

وجالَ ماءُ محيّاها فأوهَمَنا

أنّ الصّباحَ غَديرٌ موجُهُ ذهَبُ

بيضاءُ عن وجهِها في الجنحِ ما سفرَتْ

إلّا وقامتْ لها الحِرباءُ ترتقِبُ

لم يَلقَها الليلُ إلّا دُهمُهُ صدرَتْ

بيضَ الثّيابِ وغارتْ فوقَها الشُهُبُ

ريمٌ بأحداقِها ليثٌ يَصولُ وفي

أطواقِها ذنَبُ السِّرحانِ منتصِبُ

إذا أصابَ غُبارُ الكُحْلِ مُقلتَها

تكادُ ترقُصُ من أهدابِها العُضُبُ

مِن لحظِها لا يصونُ القِرْنُ مهجتَهُ

ولا تُضَمُّ عليهِ البيضُ والسُّلُبُ

يحنو إليها حَمامُ البانِ حين يَرى

منها القوامَ فيَشْدو وهْو مُكتئِبُ

قد أيّدَتْ دولةَ المُرّانِ قامتُها

وحكّمَتْها على سُلطانِها القُضُبُ

مَهاةُ خِدْرٍ سِباعُ الطّيرِ تألَفُها

لعِلمِها بجُنوبٍ حَولَها تَجبُ

تخالُ سَمعاً لديها وهي أفئِدةٌ

تهوي إليها وفيها الشوقُ يلتهِبُ

تُمسي العيونُ إذا مِن خِدرِها وردَتْ

ماءَ الشّبابِ بماءِ الوردِ ينسكِبُ

للحُسنِ سرٌّ طواهُ في مراشِفِها

أوحاهُ منه إليها النّحْلُ والعِنَبُ

يظنّ أصداغَها الرائي إذا اِنسدلَتْ

تتلو عَقارِبُها سِحراً فتنقلِبُ

كأنّ منها سِوارَ البِكر شمسُ ضُحىً

شقّ الصّباحُ حَشاها فهْي تصطخِبُ

والخالُ لصٌّ أميرُ الحسن أفرَشَهُ

نطعَ الدِّماء وهُزّتْ فوقَه القُضبُ

تهوي على جيدِها الأقراطُ ساكنةً

فيسْحَبُ الفرْعُ ثُعباناً فتضْطَربُ

كأنّما في عَمودِ الصبحِ سحرَتُها

تحت الدُجى في حِبالِ الشمس قد صُلِبوا

أيُّ القَبائِلِ من دُرِّ البحار إلى

عَينِ الحياةِ سوى إنسانِها هرَبوا

وأيُّ شُهْبٍ سوى ما في قلائِدها

أمْسَتْ صُفوفاً حَوالَ الشمسِ تصطحِبُ

من خدِّها في قُلوبِ المُدنَفين لظىً

وفي المُحبّينَ من أكفانِها نصَبُ

لم يسمك الحُسنُ بيتاً للهوى بحَشاً

إلّا وكان له من فرعِها طُنُبُ

ولا بَنو المجدِ بيتاً للنّسيبِ بنَوْا

إلّا لها وعليها سجفَهُ ضربوا

للّهِ أُسْدُ عَرينٍ من عَشيرَتها

ترضى الصّوارِمُ عنهم كلّما غَضِبوا

غُرٌّ إذا اِنكشفَتْ عنهم ترائِكُهُم

تحت الدّجُنّةِ من أقمارِها حُسِبوا

تطلّبَ الدّرُّ معنىً من مَباسمِهِمْ

فأدركَ النّظْمَ لمّا فاتَهُ الشّنَبُ

سُيوفُهُم في مَضاها مثلُ أعيُنِهم

سُودُ الجُفونِ ولكنْ فاتَها الهُدُبُ

قاموا لدَيْها وباتوا حولَها حرَساً

إذا أحسّوا بطَيفٍ طارقٍ وثَبوا

عزّتْ لديهِم فحازَتْ كلّما ملَكوا

حتّى لها النّومَ من أجفانِهم وهَبوا

قد صيّروا بالدّمِ المخطوبِ سُنّتَهُم

خدَّ المَهاةِ وكفَّ الليثِ يختَضِبُ

لحاظُهُم هِندَويّاتٌ ذوائِبُهُم

زنجيّة اللّونِ إلّا أنّهُم عَرَبُ

لم يُحسِنوا الخطّ إن راموا مُكاتبةً

فوق الصّدورِ بأطرافِ القَنا كَتبوا

سلّوا البروقَ من الأجفانِ واِبتسَموا

عنها وحادوا فقُلنا إنّهُم سُحُبُ

إذا المنيّةُ عن أنيابِها كشرَتْ

عضّوا عليها بذَيلِ النّقْعِ واِنتقَبوا

شنّوا الإغارَ على نهبِ الجِمالِ وإذْ

فيهِم أتَتْ وهَبوها كلّما نهَبوا

يُعزى إلى حيّهم شُحُّ النساءِ كما

إلى عليٍّ خِصالُ الجودِ تنتسبُ

ربُّ الخصالِ اللّواتي في مصابِحِها

يزهو القَريضُ وفيها تَشْرُقُ الخُطَبُ

حسبُ الكواكبِ لو منْ بعضِها حُسِبَتْ

يوماً فينظِمُها في سِلكِها الحَبَبُ

خليفةٌ ورِثَ المعروفَ عن خلَفٍ

فحبّذا خلَفٌ حازَ العُلا وأبُ

حرٌّ إذا اِفتخروا قومٌ بمرتبةٍ

ففي أبيه وفيه تفخرُ الرُتَبُ

نجمٌ رحى الحربِ والرُكبانُ تعرفُه

ودائراتُ اللّيالي أنّه القُطُبُ

زَينُ الفِعالِ إذا مُدّاحُهُ اِمتدحوا

حُسّانَها خلفَهُم في شِعرِهم نُسِبوا

لو أنّها مثّلَتْ في خَلقِه صُوَراً

لنافستْهُنّ فيه الخُرَّجُ العرَبُ

فاقَ السّحابَ وأبكاها أسىً فلِذا

تَذري الدموع وفيها الرّعدُ ينتحِبُ

لولا تعجّبُها منه لما اِجتمعَتْ

لا يحدُثُ الضّحكُ حتّى يحدُثَ العجَبُ

إن كان يشملُهُ لفظُ الملوكِ فقدْ

يعمُّ بالجِنسِ نوعَ الصّندَلِ الخَشَبُ

جسمٌ تركّب تركيبَ الطّباعِ به

الحِلمُ والبأسُ والمعروفُ والأدبُ

يَغشى الرّماحَ العوالي غيرَ مُكترثٍ

بها فيحسَبُ منها أنّه لعِبُ

رأى العُلا سُكّراً يحلو لطالبِه

فظنّ أنّ أنابيبَ القَنا قصَبُ

لولاهُ جِسمُ العُلا أوصالُه اِفترقَتْ

كأنّ آراءَهُ في ربْطِهِ عقَبُ

يحمي الوليَّ ويقضي ذو النِفاقِ به

كالماءِ يهلِكُ فيه مَنْ به الكلَبُ

في كلّ أنمُلةٍ منه وجارحةٍ

يمُدُّ بحراً ويسطو فيلَقٌ لجِبُ

قد أضحكَ التيهُ في أيديه صارمهُ

وهزّ في راحتَيْهِ رُمحَهُ الطّرَبُ

يسقي النجيع مواضيهِ فيُضرِمُها

فاِعجبْ لنارٍ لها ماءُ الطُلا حطَبُ

ذُؤابةُ الموتِ سمراءٌ بلهذَمِهِ

كأنّه فوقَها نجمٌ له ذنَبُ

لو هزّ جِذْعاً هشيماً في أنامِله

يوماً لأوشَكَ منه يسقُطُ الرُّطَبُ

يفوحُ نشرُ الكِبا من طَيّ بُردتِه

وفي النبوّةِ منهُ يعبَقُ النّسبُ

فأينَ طينُ الوَرى من طيبِ عُنصرِه

وهل يُساوي رَطيبَ المُندُلِ الضّرَبُ

قد نزّهَتْ آيةُ التّطهيرِ ملبسَهُ

من كلِّ نجْسٍ ولكنْ سيفُهُ جُنُبُ

من معشرٍ شرّفَ اللَّه الوجودَ بهم

وأُنزِلَتْ فيهم الآياتُ والكتُبُ

همُ الملائِكُ إلّا أنّهم بشرٌ

على الورى حُلَفاءٌ للهدى نُصِبوا

أبناءُ مجدٍ كرامٌ قبلَ ما فُطِموا

عن الرّضاعِ لأخلافِ النّدى حَلَبوا

قومٌ إذا ذُكِرَ الرحمنُ من وجَلٍ

لانوا وإنْ شهِدوا يومَ الوغى صعُبوا

غُرُّ الوجوهِ مصاليتٌ إذا نزلوا

عنِ السّروجِ محاريبَ التّقى رَكِبوا

لا يسكُنُ الحقُّ إلّا حيثُ ما سكنوا

وليس يذهبُ إلّا حيثُ ما ذهبوا

بُحورُ جودٍ إذا هبّتْ رياحُ وغىً

ماجوا ومجّوا وإنْ همُ سالَموا عَذُبوا

إذا تنشّقْتَ ريّاهُم عرفْتَهُمُ

بأنّهُم من جَنابِ القُدْسِ قد قَرُبوا

سَكرى إذا أصبحوا تَدري الصُحاةُ بهم

من أيّ كاسٍ طَهورٍ بالدُجى شرِبوا

كأنّهمُ يا عليَّ المجدِ إذ نظَروا

تخيّروكَ منَ الأولادِ واِنتخَبوا

قد خلّفوكَ إماماً بعدَهم ومَضَوا

وأبرزوكَ إِلى الإسلامِ واِحتجَبوا

تخوي العُروشُ إذا ما غِبْتَ عن بلدٍ

حتّى تعودَ فيَحْيى ميْتُهُ الخَرِبُ

لو لم تَعُدْ لم تعُدْ للحَوزِ بهجتُهُ

ولا تورّدَ يوماً خدّهُ التَرِبُ

لولا وجودُك فيه أهلُه هلَكوا

كذاك يهلِكُ بعد الوابِلِ العُشُبُ

لو كُنتَ مولىً تُجازيهِم بما اِقترَفوا

من الذّنوبِ إذاً بادوا بِما كسبوا

لم يُرجَ بالعَفو منهم فعلُ مكرمةٍ

من عِندهم بل على الرّحمنِ محتَسبُ

كسرْتَ جِبْتَهُم بالسيفِ فاِجتمعوا

عليكَ أحزابُ ذاكَ الجِبْت واِعتصبوا

همّوا بإطفاءِ نورِ المجدِ منك فلا

فتمّ فيك ويأبى اللّهُ ما طَلبوا

فكلّما أوقدوا ناراً بها اِحترقوا

وأحدَثوا الحربَ فيهم يحدُثُ الحرَبُ

أخزاهُمُ اللَّهُ أنّى يؤفَكون ولوْ

حازوا الهُدى لطريقِ الإفكِ ما اِرتَكَبوا

فدُمْ على رغمِهم بَعْلاً لبِكرِ عُلاً

صِداقُها منكَ ضَرْبُ الهامِ والنُشُبُ

واِلبَسْ قَميصاً من الإجلالِ في دمهِمْ

قد دبّجَتْهُ المَواضي والقَنا السُّلُبُ

واِسعَدْ بعيدٍ بنَحْسِ المُعتدينَ أتى

مبشّراً أرسلَتْهُ نحوَكَ الحِقَبُ

يومٌ وليُّكَ مسروراً بعودتِه

وفي عدوّكَ منه الهمُّ والنّصَبُ

فلا عصَتْكَ الليالي يا اِبنَ سيّدِها

وحالَفَتْكَ على أعدائِكَ النّوَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معتوق

avatar

ابن معتوق حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-matouk@

154

قصيدة

2

الاقتباسات

78

متابعين

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي. شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).

المزيد عن ابن معتوق

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة