الديوان » العصر العثماني » ابن معتوق » طلبت عظيم المجد بالهمة الكبرى

عدد الابيات : 42

طباعة

طلَبْتَ عظيمَ المجدِ بالهِمّةِ الكُبرى

فأدرَكْتَ في ضربِ الطُّلا الدّولةَ الغَرّا

وسِرْتَ على شوكِ العَوالي إلى العُلا

ومَنْ رامَ إدراكَ العُلا يركَبِ الوَعْرا

لِكَسْبِ الثّنا خُضْتَ الحُتوفَ وإنّما

يخوضُ عُبابَ البحرِ مَنْ يطلُب الدُّرّا

إذا عرَضَتْ دونَ المُنى لكَ لجّةٌ

منَ الحتفِ صيّرْتَ الحديدَ لها جِسْرا

وإنْ غشِيَتْ نورَ البصائِرِ ظُلمةٌ

جلَبْتَ من الرّأيِ السّديدِ بها فجْرا

درَى المُلكُ يا يَحْيى بأنّك قلبُه

فضمّكَ حتّى منهُ أسكنَكَ الصّدْرا

جلَسْتَ على كُرسيّهِ فأزَنْتَهُ

فأصبحْتَ كالتّوريدِ في وجنةِ العَذْرا

خلَتْ منه إحدى راحتَيْكَ فحُزْتَهُ

بسعيِك بعد الفوْتِ بالرّاحةِ الأخرى

فخاتَمُهُ لم ينتزع من يَمينِه

سوىً كان بالكفِّ اليَمين أو اليُسرى

فما البصرةُ الفيحاءُ إلّا قِلادةٌ

ونحرُك من دونِ النّحورِ بها أحرى

وما هي إلّا ذاتُ حُسْنٍ تعجّبَتْ

قد اِتّخذَتْ جيشَ الأُسودِ لها خِدرا

حَصانٌ بِهالاتِ الحُصونِ تسوّرَتْ

مُخدِّمةً تستخدمُ البيضَ والسُّمرا

تَمادى زَماناً وعدُها فتمنّعَتْ

وجادَتْ بوصلٍ بعدَما مطلَتْ دَهْرا

ولَجْتَ قُلوبَ البيضِ كالسّرِّ نحوَها

وخُضْتَ بلِمّاتِ الملمّاتِ كالمِدْرا

تزوّجْتَها من بعدِ ما فاتَها الصِّبا

فأمْسَتْ لديكَ الآنَ ثيّبُها بِكرا

نسجْتَ لها حُمرَ الملابِسِ بالوغى

وألبَسْتَها في سِلمِك الحُلَلَ الخَضْرا

جعلتَ رؤوسَ المُعتدينَ نِثارَها

وأنقَذْتَ من بيضِ الحديدِ لها المَهْرا

دخلتَ عليها بعدما اِنكشفَ الغِطا

فكُنتَ لعوراتِ الزّمانِ لها سِترا

رجَعْتَ إليها بالولايةِ بعدَما

عرَجْتَ عُروجَ الرّوحِ في ليلةِ الإسْرا

ترحّلْتَ عنها كالهِلالِ ولم تزَلْ

تنقّلُ حتّى عُدْتَ في أفْقِها بَدْرا

وفارقَها محروقةَ القلبِ ثاكِلاً

وأُبْتَ فأبدَتْ من مسرّتِها البِشْرا

لئِنْ منحَتْكَ اليومَ جهراً وصالَها

لقد كان هذا الأمرُ في نفسِها سِرّا

فكم مرّ عامٌ وهي تُخفي حنينَها

إليكَ وتُحيي ليلَها كلَّه سَهْرا

لأمرٍ عَدا كانت تصدُّ إذا رأتْ

لوصلِك وقتاً لم تجِدْ دونَه عُذرا

بسُمْر القَنا ورّدْتَ في الطّعنِ خدّها

وبالبيضِ قد رتّلْتَ من ثغرِها الثّغرا

لقد أبصرَتْ بعد العَمى فيكَ عينُها

وأحدثَ في أجفانِها فتحُك السِّحرا

وقلّدْتَ في عقدِ المكارِمِ جيدَها

ووشّحْتَ منها في صنائِعِكَ الخَصْرا

وأضحَكْتَها بعدَ البُكا في صوارمٍ

متى اِبتسمت في الروعِ تستضحكُ النّصرا

ورشّقْتُها حتّى حكى التِبْر تُربها

ولو لم تكنْ في أرضِها أصبحتْ قَفْرا

فكُنتَ لها لمّا اِستويتَ بعرشِها

كيوسُفَ إذ ولّاهُ سيّدُه مِصْرا

فلم تجزِ أهلَ الكَيْدِ يوماً بكَيدِهم

ولم تصطَنِعْ غَدْراً بمَن صنَع الغَدْرا

وهبْتَ جميعَ المُذنبينَ نُفوسَهم

فأوسَعْتَهُم عُذراً وأثقلتَهُم شُكرا

وجودُك فيها للعبادِ مسرّةٌ

لأنّك بدرٌ وهيَ بالشّرفِ الزّهرا

حوَيْتَ الثّنا والبأسَ والحزْمَ والنُهى

وحُزْتَ النّدى والعفوَ والحِلمَ والصّبْرا

عمَرْتَ بُيوتَ المجدِ بعدَ خرابِها

فجدّدْتَ يا يَحيى لأمواتِها عُمْرا

بخُفّيكَ يَمشي النعلُ وهوَ حديدةٌ

يَفوقُ على تاجِ النُّضارِ على كسْرى

وفيكَ ثرى الفيحاءِ لمّا حلَلْتَها

تشرّفَ حتّى شارفَ الأنجُمَ الزُّهْرا

تَهَنَّ بها مُستَمْتِعاً واِلْقَ وجهَها

ببِشرٍ يسرّي الهمّ عن مُهجةِ الغَرّا

فلا برِحَتْ أيدي المَلاحةِ والصِّبا

على وجنتَيْها تجمَعُ الماءَ والجَمْرا

وزُفَّ الطّلا واِشرَب على وردِ خدِّها

فشُرْبُ الطِلا يحلو على الوجنةِ الحَمرا

ولا صحّ مُعتلُّ النّسيمِ ولا صحَتْ

بعصرِكَ فيها أعيُنُ الخرّدِ السّكْرى

ولا زِلْتَ غيثاً هامياً وهي روضةٌ

مدى الدّهرِ تَجني من خَمائِلِها الزّهْرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن معتوق

avatar

ابن معتوق حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-matouk@

154

قصيدة

2

الاقتباسات

78

متابعين

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي. شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).

المزيد عن ابن معتوق

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة