الديوان » العصر العباسي » العباس بن الأحنف » يا موقد النار بالهندي والغار

عدد الابيات : 36

طباعة

يا مُوقِدَ النارِ بِالهِندِيِّ وَالغارِ

هَيَّجتَ لي حَزَناً يا مُوقِدَ النارِ

بَينَ الرُصافَةِ وَالمَيدانِ أَرقُبُها

شُبَّت لِغانِيَةٍ بَيضاءَ مِعطارِ

هاجَت لِيَ الرِيحُ مِنها نَفخَ رائِحَةٍ

أَحيَت عِظامي وَهاجَت طولَ تِذكاري

يا فَوزُ أَنتِ الَّتي جَشَّمتِني رَقَصاً

يَبري المَهاري بِتَرحالٍ وَتَسيارِ

غِبتُم وَغِبنا فَلَمّا كانَ أَوبُكُمُ

أُبنا فَنَحنُ وَأَنتُم رَهنُ أَسفارِ

وَما أَرى اِثنَينِ حَالَ الناسُ بَينَهُما

مِثلي وَمِثلَكِ في جَهدٍ وَإِضرارِ

تَشكو الفِرَاقَ وَيَشكوهُ وَما اِجتَمَعا

يَوماً وَلا اِفتَرَقا إِلاّ بِمِقدارِ

وَما يُرى في وِصالِ اِثنَينِ قَد شُغِفا

ما لَم يَميلا إِلى الفَحشاءِ مِن عارِ

إِذا تَعَمَّدتُكُم جاوَزتُ بابَكُمُ

كَي لا تَكونُوا لإِقبالي وَإِدباري

أُخَبِّرُ الناسَ أَنّي قَد سَلَوتُكُمُ

وَاللَهُ يَعلَمُ ما مَكنونُ إِضمارِ

ما تَطعَمُ النَومَ عَيني مِن تَذَكُّرِكُم

فَما أَنامُ إِذا ما نامَ سُمّاري

أَخلُو إِذا هَجَعَ النُوّامُ كُلُهُمُ

فَما أُسامِرُ إِلاّ عامِرَ الدارِ

لِكُلِّ جَفنٍ عَلى خَدّي عَلى حِدَةٍ

طَريقَةٌ دَمعُها مُستَوكِفٌ جارِ

أَستَمطِرُ العَينَ لا تَفنى مَدامِعُها

كَأَنَّ يَنبوعَ بَحرٍ بَينَ أَشفاري

لَيتَ المُهَذَّبَ عَبدَاللَهُ خالِصَتي

وَمَن لَدَيهِ مِنَ الإِخوانِ حُضّاري

مِنهُم حُمَيدٌ وَداودٌ وَصاحِبُهُ

وَالأَخنَسِيُّ وَبِشرٌ وَاِبنُ سَيّارِ

قَومٌ هُمُ خَندَقُوا لي في قُلوبِهِمُ

عَلى الحُصونِ فَأَخلَوهَا لِأَسراري

مَن كانَ لَم يَرَ مَشغوفاً بَراهُ هَوىً

فَليَأتِني يَرَ نِضواً عَظمُهُ عارِ

يَنسَلُّ عَنّي قَمِيصي مِن ضَنى جَسَدي

وَلَو شَدَدتُ عَلى الجِلبابِ أَزراري

ما يَنقَضي عَجَبي مِن جَهلِ حاسِدَةٍ

كانَت بِذي الأَثلِ مِن خِدني وَأَنصاري

سَمَّت وَليدَتَها فَوزاً مُغايَظَةً

عَذَرتُ لَو لَطَمَتني ذاتُ إِسوارِ

وَما يَزالُ نِساءٌ مِن قَرابَتِها

مِن كُلِّ ناحِيَةٍ يَهتِكَنَ أَستاري

وَقَد صَبَرتُ عَلى قَومٍ مُنيتُ بِهم

وَما تَكَلَّمتُ إِلّا بَعدَ إِعذارِ

أَنا وَعَمُّكِ مِثلُ المُهرِ يَمنَعُهُ

مِن قوتِهِ مَربِضُ المُستَأسِدِ الضاري

لَو كُنتَ يا عَمَّها حَرّانَ سَرَّكَ أَن

تَحيا بِإِظماءِ إيرادٍ وَإِصدارِ

فَما أَخو سَفَرٍ في البيد مُرتَهَنٍ

قَد كانَ في رُفَقٍ شَتّى لِأَمصارِ

أَخطا الطَريقَ وَأَفنى الزادَ وَاِنقَطَعَت

عَنهُ المَناهِلُ في تَيهاءِ مِقفارِ

يَدعو بِصَوتِ شَجِيٍّ لا أَنيسَ لَهُ

قَد غابَ عَنهُ أَنيسُ الأَهلِ وَالجارِ

لَو جُرِّعَ الماءَ لَاِستَطفَاهُ مَوقِعُهُ

مِنَ الحَشى مِن لَظىً فيهِ وَتَسعارِ

حَتّى أَتى الماءَ بَعدَ اليَأسِ تُحرِزُهُ

رَبداءُ مَكسُوَّةٌ أَطواقَ أَحجارِ

لَمّا تَبَيَّنَ أَن لا دَلوَ حاضِرَةٌ

وَلا رِشاءٌ وَلا عَهدٌ لِآثارِ

دَلّى عِمامَتَهُ حَتّى إِذا اِنقَشَعَت

غَمامَةٌ الماءِ عَن عَذبٍ وَمَوّارِ

أَهوى يُقَلِّبُها في الماءِ مُغتَبِطاً

يَكُرُّها فيهِ طَوراً بَعدَ أَطوارِ

حَتّى إِذا هُوَ رَوّاها وَأَخرَجَها

وَقالَ قَد نِلتُ يُسراً بَعدَ إِعسارِ

وَجَرَّها صَوَّبَت في البِئرِ راجِعَةً

وَاِستَقبَلَت نَفسُهُ الدُنيا بِإِكشارِ

يَوماً بِأَجهَدَ مِنّي حينَ تَمنَعُني

لِغَيرِ جُرمٍ لُباناتي وَأَوطاري

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن العباس بن الأحنف

avatar

العباس بن الأحنف حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-abas-ibn-al-ahnaf@

484

قصيدة

16

الاقتباسات

1309

متابعين

العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي اليمامي، أبو الفضل. شاعر غزل رقيق، قال فيه البحتري: أغزل الناس. أصله من اليمامة (في نجد) وكان أهله في البصرة، وبها مات أبوه. ونشأ هو ...

المزيد عن العباس بن الأحنف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة