الديوان » العصر الاموي » ذو الرمة » قف العيس في أطلال مية فاسأل

عدد الابيات : 90

طباعة

قِفِ العيسَ في أَطلالِ مَيَّةَ فَاِسأَلِ

رُسوماً كَأَخلاقِ الرِداءِ المُسَلسَلِ

أَظُنُّ الَّذي يُجدي عَلَيكِ سُؤالُها

دُموعاً كَتَبذيرِ الجُمانِ المُفَصَّلِ

وَما يَومُ حُزوى إِن بَكَيتُ صَبابَةً

لِعِرفانِ رَبعٍ أَو لِعِرفانِ مَنزِلِ

بِأَوَّلَ ما هاجَت لَكَ الشَوقَ دِمنَةٌ

بِأَجرَعِ مِرباعٍ مَرَبٍّ مُحَلَّلِ

عَفَت غَيرَ آرِيٍّ وَأَعضادِ مَسجِدٍ

وَسُفعٍ مُناخاتٍ رَواحِلَ مِرجَلِ

تَجُرُّ بِها الدَقعاءَ هَيفٌ كَأَنَّما

تَسُحُّ التُرابَ مِن خَصاصاتِ مُنخَلِ

كَسَتها عَجاجَ البُرقَتَينِ وَراوَحَت

بِذَيلٍ مِنَ الدَهنا عَلى الدارِ مُرفَلِ

دَعَت مَيَّةَ الأَعدادُ فَاِستَبدَلَت بِها

خَناطيلَ آجالٍ مِنَ العَينِ خُذَّلِ

تَرى الثَورَ يَمشي راجِعاً مِن ضَحائِهِ

بِها مِثلَ مَشيِ الهِبرِزي المُسَروَلِ

إِلى كُلِّ بَهوٍ ذي أَخٍ يَستَعِدُّهُ

إِذا هَجَرَت أَيّامُهُ لِلتَحَوُّلِ

تَرى بَعَرَ الصيرانِ فيهِ وَحَولَهُ

جَديداً وَعامِيّاً كَحَبِّ القَرَنفُلِ

أَبَنَّ بِهِ عَودُ المَباءَةِ طَيِّبٌ

نَسيمَ البِنانِ في الكِناسِ المُظَلَّلِ

إِذا ذابَتِ الشَمسُ اِتَّقى صَقَراتِها

بِأَفنانِ مَربوعِ الصَريمَةِ مُعبِلِ

يُحَفِّرُهُ عَن كُلِّ ساقٍ دَفينَةٍ

وَعَن كُلِّ عِرقٍ في الثَرى مُتَغَلغِلِ

تَوَخّاهُ بِالأَظلافِ حَتّى كَأَنَّما

يُثيرُ الكُبابَ الجَعدَ عَن مَتنِ مِحمَلِ

وَكُلَّ مُوَشّاةِ القَوائِمِ نَعجَةٍ

لَها ذَرَعٌ قَد أَحرَزَتهُ وَمُطفِلِ

تَريعُ لَهُ رَيعَ الهِجانِ وَأَقبَلَت

لَها فِرَقُ الآجالِ مِن كُلِّ مَقبَلِ

وَكُلُّ أَحَمِّ المُقلَتَينِ كَأَنَّهُ

أَخو الإِنسِ مِن طولِ الخَلاءِ المُغَفَّلِ

يُصَرِّفُ لِلأَصواتِ جيداً كَأَنَّهُ

إِذا بَرَقَت فيهِ الضُحى صَفحُ مُنصَلِ

وَآدَمَ لَبّاسٍ إِذا وَضَّحَ الضُحى

لِأَفنانِ أَرطى الأَقدَحَينَ المُهَدِّلِ

فَيا أَكرَمَ السَكنِ الَّذينَ تَحَمَّلوا

عَنِ الدارِ وَالمُستَخلَفِ المُتَبَدِّلِ

وَأَضحَت مَباديها قِفاراً بِلادُها

كَأَن لَم سِوى أَهلٍ مِنَ الوَحشِ تُؤهِلِ

كَأَن لَم تَحُلَّ الزُرقَ مَيٌّ وَلَم تَطَأ

بِجَرعاِء حُزوى ذَيلَ مَرطٍ مُرَجَّلِ

إِلى مِلعَبٍ بَينَ الحِواءَينِ مَنصَفٍ

قَريبِ المَزارِ طَيِّبِ التُربِ مُسهَلِ

تَلاقى بِهِ حورُ العُيونِ كَأَنَّها

مَها عَقَدٍ مُحرَنجِمٍ غَيرِ مُجفِلِ

ضَرَجنَ البَرودَ عَن تَرائِبِ حُرَّةٍ

وَعَن أَعيُنٍ قَتَّلنَنا كُلَّ مَقتَلِ

إِذا ما اِلتَقَينَ مِن ثَلاثٍ وِأَربَعٍ

تَبَسَّمنَ إيماضَ الغَمامِ المُكَلَّلِ

يُهادينَ جَمّاءَ المَرافِقِ وَعثَةً

كَليلَةَ حَجمِ الكَعبِ رَيّا المُخَلخَلِ

أَناةً بَخَنداةً كَأَنَّ إِزارَها

إِذا اِنجَرَدَت مِن كُلِّ دِرعٍ وَمِفضَلِ

عَلى عانِكٍ مِن رَملِ يَبرينَ رَشَّهُ

أَهاضيبُ تَلبيداً فَلَم يَتَهَيَّلِ

هَضيمَ الحَشى يَثني الذِراعَ ضَجيعُها

عَلى جيدِ عَوجاءِ المُقَلَّدِ مُغزِلِ

تُعاطيهِ أَحياناً إِذا جيدَ جَودَةً

رُضاباً كَطَعمِ الزَنجَبيلِ المُعَسَّلِ

وَتَأتي بِأَطرافِ الشِفاهِ تَرَشُّفاً

عَلى واضِحِ الأَنيابِ عِذبِ المُقَبَّلِ

رَشيفَ الهِجانَينِ الصَفا رَقرَقَت بِهِ

عَلى ظَهرِ صَمدٍ بَغشَةٌ لَم تُسَيِّلِ

عَقيلَةُ أَترابٍ كَأَنَّ بِعَينِها

إِذا اِستَيقَظَت كُحلاً وَإِن لَم تُكَحِّلِ

إِذا أَخَذَت مِسواكَها صَقَلَت بِهِ

ثَنايا كَنَورِ الأُقحُوانِ المُهَطَّلِ

لَيالِيَ مَيٌّ لَم يُحارِبكَ أَهلُها

وَلَم يَزحَلِ الحَيُّ النَوى كُلَّ مَزحَلِ

تُقارِبُ حَتّى تُطمِعَ التابِعَ الصِبا

وَلَيسَت بِأَدنى مِن إِيابِ المُنَخَّلِ

أَلا رُبَّ ضَيفٍ لَيسَ بِالضَيفِ لَم يَكُن

لِيَنزِلَ إِلّا بِامرِئٍ غَيرِ زُمَّلِ

أَتاني بِلا شَخصٍ وَقَد نامَ صُحبَتي

فَبِتُّ بِلَيلِ الآرِقِ المُتَمَلمِلِ

فَلَمّا رَأَيتُ الصُبحَ أَقبَلَ وَجهُهُ

عَلَيَّ كَإِقبالِ الأَغَرِّ المُحَجَّلِ

رَفَعتُ لَهُ رَحلي عَلى ظَهرِ عِرمِسٍ

رُواعِ الفُؤادِ حُرَّةِ الوَجهِ عَيطَلِ

طَوَت لَقَحاً مِثلَ السَرارِ فَبَشَّرَت

بِأَسحَمَ رَيّانِ العَسيبَةِ مُسبِلِ

إِذا هِيَ لَم تَعسِر بِهِ ذَنَّبَت بِهِ

تُحاكي بِهِ سَدوَ النَجاةِ الهَمَرجَلِ

كَما ذَبَّبَت عَذراءُ غَيرُ مُشيحَةٍ

بَعوضَ القُرى عَن فارِسِيٍّ مُرَفَّلِ

بِأَذنابِ طاؤوسَينِ ضَمَّت عَلَيهِما

جَميعاً وَقامَت في بَقيرٍ وَمُرفَلِ

كَأَنَّ حُبابَي رَملَةٍ حَبَوا لَها

بِحَيثُ اِستَقَرَّت مِن مُناخٍ وَمُرسَلِ

مُغارٌ وَمَشزورٌ بَديعان فيهِما

شَناحٍ كَصَقبِ الطائِفِ المُتَنَخَّلِ

تَزُمُّ بِيَ الأُركوبَ أَدماءُ حُرَّةٌ

نَهوزٌ وَإِن تُستَذمَلِ العيسُ تَذمُلِ

سِنادٌ سَبَنتاةٌ كَأَنَّ مَحالَها

ضَريسٌ بِطَيٍّ مِن صَفيحٍ وَجَندَلِ

رَعَت مُشرِفاً فَالأَحبُلَ العُفرَ حَولَهُ

إِلى رِمثِ حُزوى في عَوازِبَ أُبَّلِ

ذَخيرَةَ رَملٍ دافَعَت عَقِداتُهُ

أَذى الشَمسِ عَنها بِالرُكامِ العَقَنقَلِ

مُكوراً وَجَدراً مِن رُخامى وَخِلفَةٍ

وَما اِهتَزَّ مِن ثُدّائِهِ المُتَرَبِّلُ

هَجائِنَ مِن ضَربِ العَصافيرِ ضَربُها

أَخَذنا أَباها يَومَ دارَةِ مَأسَلِ

تُخالُ المَهى الوَحشِيَّ لَولا تُبينُها

شُخوصُ الذُرى لِلناظِرِ المُتَأَمِّلِ

إِذا عارَضَ الشِعرى سُهَيلٌ بِجُهمَةٍ

وَجَوزاءَها اِستَغنَينَ عَن كُلِّ مَنهَلِ

وَعارَضنَ مَيّاسَ الخَلاءِ كَأَنَّما

يَطُفنَ إِذا راجَعنَهُ حَولَ مِجدَلِ

كَأَنَّ عَلى أَنسائِهِنَّ فَريقَةً

إِذا اِرتَعنَ مِن تَرجيعِ آدَمَ سَحبَلِ

بِأَصفَرِ وَردٍ آلَ حَتّى كَأَنَّما

يَسوفُ بِهِ التالي عُصارَةَ خَردَلِ

وَكائِن تَخَطَّت ناقَتي مِن مَفازَةٍ

وَمِن نائِمٍ عَن لَيلِها مُتَزَمِّلِ

وَمِن جَوفِ ماءٍ عَرمَضُ الحَولِ فَوقَهُ

مَتى يَحسُ مِنهُ مائِحُ القَومِ يَتفُلِ

بِهِ الذِئبُ مَحزوناً كَأَنَّ عُواءَهُ

عُواءُ فَصيلٍ آخِرَ اللَيلِ مُحثَلِ

يَخُبُّ وَيَستَنشي وَإِن تَأتِ نَبأَةٌ

عَلى سَمعِهِ يُنصِت لَها ثُمَّ يَمثُلِ

أَفَلَّ وَأَقوى فَهوَ طاوٍ كَأَنَّما

يُجاوِبُ أَعلى صَوتِهِ صَوتُ مُعوِلِ

وَكَم جاوَزَت مِن رَملَةٍ بعد رملة

وَصَحراءَ خَوقاءِ المَسافَةِ هَوجَلِ

بِها رَفَضٌ مِن كُلِّ خَرجاءَ صَعلَةٍ

وَأَخرَجَ يَمشي مِثلَ مَشيِ المُخَبَّلِ

عَلى كُلِّ خَرباءَ رَعيلٌ كَأَنَّهُ

حَمولَةُ طالٍ بِالعَنِيَّةِ مُهمِلِ

وَمِن ظَهرِ قُفٍّ لَم تَطَأهُ رِكابُهُ

عَلى سَفَرٍ في صَرَّةِ القَيظِ يُنعِلِ

تَظَلُّ بِهِ أَيدي المَهارى كَأَنَّها

مَخاريقُ تَنبو عَن سَياسِيَّ قُحَّلِ

تَرى صَمدَهُ في كُلِّ ضِحٍّ تُعينُهُ

حَرورٌ كَتَشعالِ الضِرامِ المُشَعِّلِ

يُدَوِّهُ رَقراقُ السَرابِ بِرَأسِهِ

كَما دَوَّمَت في الخَيطِ فَلكَةُ مِغزَلِ

وَيُضحي بِهِ الرَعنُ الخُشامُ كَأَنَّهُ

وَراءَ الثَنايا شَخصُ أَكلَفَ مُرقِلِ

لَعَلَّكَ يا عَبدَ اِمرِئِ القَيسِ مُقعِياً

بِمَرأَةَ فِعلَ الخامِلِ المُتَذَلِّلِ

مُسامٍ إِذا اِصطِكَ العِراكُ وَأَزحَلَت

أَباكَ بَنو سَعدٍ إِلى شَرِّ مُزحَلِ

بِقَومٍ كَقَومي أَو لَعَلَّكَ فاخِرٌ

بِخالٍ كَزادِ الرَكبِ أَو كَالشَمَردَلِ

وَمُعتَدِّ أَيّامٍ كَأَيّامِنا الَّتي

رَفَعنا بِها سَمكَ البِناءِ المُطَوَّلِ

كَيَومِ اِبنِ هِندٍ وَالجِفارِ وَقَرقَرى

وَيَومٍ بِذي قارٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ

إِذا الخَيلُ مِن وَقعِ الرِماحِ كَأَنَّها

وُعولٌ أُشارى وَالوَغى غَيرُ مُنجَلِ

وَقَد جَرَّدَ الأَبطالُ بيضاً كَأَنَّها

مَصابيحُ تَذكو بِالذُبالِ المُفَتَّلِ

عَلى كُلِّ مُنشَقِّ النَسا مُتَمَطِّرٍ

أَجَشَّ كَصَوبِ الوابِلِ المُتَهَلِّلِ

وَشَوهاءَ تَعدو بي إِلى صارِخِ الوَغى

بِمُستَلئِمٍ مِثلِ البَعيرِ المُدَجَّلِ

مَتى ما يُواكِفها اِبنُ أُنثى رَمَت بِهِ

مَعَ الجَيشِ يَبغيها المَغانِمَ تُثكَلِ

وَنَحنُ اِنتَزَعنا مِن شُمَيطٍ حَياتَهُ

جِهاراً وَعَصَّبنا شُتَيراً بِمُنصَلِ

وَنَحُن اِنتَجَعنا أَهلَنا بِاِبنِ جَحدَرٍ

تُعَنّيهِ أَغلالُ الأَسيرِ المُكَبَّلِ

وَمُلتَمِسٌ يا اِبنَ اِمرِئِ القَيسِ إِذ رَمَت

بِكَ الحَربُ جالَي صَعبَةِ المُتَرَجِّلِ

قَتيلاً كَبِسطامٍ تَرامَت رِماحُنا

بِهِ بَينَ أَقوازِ الكَثيبِ المُسَلسَلِ

وَعَبدَ يَغوثَ اِستَنزَلَتهُ رِماحُنا

بِبَطنِ كُلابٍ بَينَ غابٍ وَقَسطَلِ

عَشِيَّةَ يَدعو الأَيهَمَينِ فِلَم يُجِب

نَدى صَوتِهِ إِلّا بِقَتلٍ مُعَجَّلِ

عَلَيكَ اِمرَأَ القَيسِ اِلتَمِس مِن فَعالِها

وَدَع مَجدَ قَومٍ أَنتَ عَنهُم بِمَعزَلِ

تَجِدهُ بِدارِ الذُلِّ مُعتَرِفاً بِها

إِذا ظَعَنَ الأَقوامُ لَم يَتَحَوَّلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ذو الرمة

avatar

ذو الرمة حساب موثق

العصر الاموي

poet-dhul-rumma@

180

قصيدة

332

متابعين

غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من مضر، أبو الحارث، ذو الرمة. شاعر، من فحول الطبقة الثانية في عصره. قال أبو عمرو بن العلاء: فتح الشعر بامرئ القيس وختم ...

المزيد عن ذو الرمة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة